ما هو يوم القر ولماذا سمي بذلك؟ معلومٌ أنَّ مناسكَ الحجِّ تؤدى على عدةِ أيامٍ، ومن أيامِ الحجِّ يومًا يُسمّى بيومِ القرِّ، فما هو هذا اليوم؟ وأي تاريخٍ يُوافقُ؟ وما سببُ تسميته بهذا الاسمِ؟ وما هي المناسك التي يؤديها الحاجُّ في هذا اليومِ؟ وهل يجوزُ الصيامُ فيه؟ وما حكمُ ذبح الأضحية في هذا اليوم؟ كلُّ هذه الأسئلة سيجد القارئ الإجابة عليها في هذا المقال الذي يطرحه موقع محتويات.
ما هو يوم القر ولماذا سمي بذلك
إنَّ يومَ القرِّ هو أول يومٍ من أيامِ التشريقِ، والذي يُوافق اليومَ الحادي عشر من شهرِ ذي الحجةِ، ويرجعُ سببُ تسميتهِ بهذا الاسمِ إلى أنَّ الحجَّاجَ يقرِّونَ بهذا اليومِ في منىً، ولا يبرحونها، ويستريحونَ من المناسكِ التي أدُّوها يومَ عرفةَ ويومَ النحرِ،[1] وقد ثبت فضل هذا اليومِ في حديثِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (إنَّ أعظمَ الأيَّامِ عندَ اللَّهِ تبارَكَ وتعالَى يومُ النَّحرِ ثمَّ يومُ القُرِّ).[2]
شاهد أيضًا: حديث يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام
ما هي أعمال الحاج يوم القر
يقومُ الحاجُّ يومَ القرِّ بعددٍ من الأعمالِ، وفي هذه الفقرةِ من مقال ما هو يوم القر ولماذا سمي بذلك ببيانِ هذه الأعمال بشيءٍ من التفصيلِ، وفيما يأتي ذلك:
المبيت بمنى
يعدُّ المبيتُ بمنىً أحدُ الأعمال التي يقومُ بها الحاجُّ في هذا اليومِ الفضيلِ، لكن هل المبيت سنة أم واجب، هذا ما سيتمُّ بيانه في هذه الفقرة، حيث تباينت آراءُ أهلِ العلمِ في ذلك، وفيما يأتي بيان ذلك:[3]
- القول الأول: ذهب فقهاء الحنفيةِ إلى أنَّ المبيتَ بمنىً يومَ القرِّ يعدُّ سنةً للحاجِّ لا واجبًا عليه، ومن لم يبيتَ فيهِ يعدُّ مسيئًا، لكن لا يلزمه شيءٌ، ودليلهم في ذلك أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد رخَّص للعباسِ أن يبيتَ بمكةَ للسقايةَ.
- القول الثاني: ذهب جمهور أهل العلمِ إلى أنَّ المبيتَ بمنىً يومَ القرِّ يعدُّ واجبًا على الحاجِّ، ومن تركه لغيرِ عذرٍ فيلزمه الدمُ، وهذا مذهب المالكيةِ والشافعيةِ والحنابلة، ولا بأس من بيانِ تفصيلِ كلِّ مذهبٍ:
- المالكية: إنَّ المبيتَ في منىً يومَ القرِّ واجبٌ، لكنَّه يرخَّص لراعي الأغنامِ تركَ المبيتِ، شريطةَ أن يعود في اليومِ الثالث فيرمي عن اليومِ الثاني والثالث، أمَّا صاحب السقايةِ فيرخَّص له تركَ المبيتِ أيضًا، لكنَّه يأتي في ذاتِ اليومِ ليرمي ثمَّ يعودُ إلى مكةَ.
- الشافعية: عدَّ الشافعيةُ المبيتُ بمنىً يومَ القرِّ واجبٌ، لكنَّه يرخَّص لصاحب السقايةِ وراعي الأغنام بتركِ المبيتِ فيها، كم يرخَّص عندهم لأصحابِ الأعذار كمن يخاف على نفسه أو ماله أو لمن معه مريضٌ يحتاجُ إلى الرعايةِ، وكذلك يرخَّص للمريضِ الذي يشقُّ عليه المبيت.
- الحنابلة: إنَّ المبيتَ عندهم واجبٌ، لكن من تركه لا شيءَ عليه.
شاهد أيضًا: هل يجوز صيام ايام التشريق لغير الحاج
رمي الجمرات الثلاث
ومن أعمال الحاجِّ يومَ القرِّ، رميُ الجمراتِ الثلاث، وهنَّ: الجمرةُ الصغرى، والجمرةُ الوسطى، وجمرةُ العقبةِ الكبرى، بسبعِ حصياتٍ، ويعدُّ الرميُ واجبًا من واجباتِ الحجِّ، وما يدلُّ على ذلك، قول السيدة عائشة -رضي الله عنها-: (أفاضَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ من آخرِ يومِهِ، ثمَّ رجعَ إلى منًى، فمَكَثَ بِها لياليَ أيَّامِ التَّشريقِ يرمي الجمرةَ، إذا زالَتِ الشَّمسُ كلُّ جمرةٍ بسبعِ حصياتٍ، يُكَبِّرُ معَ كلِّ حصاةٍ، ويقفُ عندَ الأولى، والثَّانيةِ فيطيلُ القيامَ، ويتضرَّعُ، ويرمي الثَّالثةَ ولا يقفُ عِندَها).[4][5]
شاهد أيضًا: متى يبدأ رمي جمرة العقبة الكبرى يوم النحر
الأحكام المتعلقة بيوم القر
أمَّا في الفقرة الأخيرة من هذا المقال، فسيتمُّ بيانُ بعض الأحكام الشرعية المتعلقة بيومِ القرِّ، وفيما يأتي ذلك:
حكم صيام يوم القر
الأصل أن صيامَ يومِ القرِّ حرامٌ غيرُ جائزٍ، كحرمةِ صيامِ يومِ النحرِ، لكن تباينت آراءُ الأئمة في حكمِ صيامه لمن لم يجد الهديَ في الحجِّ، وفيما يأتي تفصيل ذلك:[6]
- القول الأول: ذهب الحنفيةُ والشافعيةُ في مذهبهم الجديد، والحنابلة في أصحِّ الروايتينِ إلى عدمِ جوازِ صيامِ يومِ القرِّ.
- القول الثاني: ذهب المالكية إلى جوازِ صيامِ يومِ القرِّ للحاجِّ الذي لم يجد الهديَ، ولم يصم قبل يومِ العيد.
شاهد أيضًا: متى ينتهي وقت رمي الجمرات أيام التشريق
حكم ذبح الأضاحي يوم القر
يجوزُ للمسلمِ ذبح أضحيته في اليومِ الحادي عشر من شهرِ ذي الحجةِ، أي في يومِ القرِّ، وهذا باتفاق أئمة المذاهب الإسلامية الأربعة، ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كلُّ عرفةَ موقفٌ، وارفعوا عن عُرَنَةَ، وكل مزدلفةَ موقفٌ، وارفعوا عن بطنِ مُحَسِّرٍ، وكل فجاجِ منى منحرٌ، وكلُّ أيامِ التشريقِ ذبحٌ).[7]
شاهد أيضًا: لماذا سميت أيام التشريق
وبذلك تمَّ الوصول إلى ختام هذا المقال، والذي يحمل عنوان ما هو يوم القر ولماذا سمي بذلك، وفيهِ تمَّ بيان أنَّ يومَ القرِّ هو اليومُ الحادي عشر من ذي الحجةِ، وهو أول يومٍ من أيامِ التشريقِ، كما تمَّ بيان أعمال الحاجَّ في هذا اليومِ، بالإضافة إلى بعض الأحكام الشرعية المتعلقةِ فيه.
المراجع
- ^ كتاب الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي , الأزهري، 125، بتصرف , 10/7/2022
- ^ صحيح أبي داوود , الألباني، عبدالله بن قرط، 1765، صحيح
- ^ كتاب الفقه الإسلامي وأدلته , وهبة الزحيلي، 2265-2267/3، بتصرف , 10/7/2022
- ^ صحيح أبي داوود , الألباني، عائشة أم المؤمنين، 1973، صحيح
- ^ الموسوعة الفقهية الكويتية , مجموعة من المؤلفين، 321/7، بتصرف , 10/7/2022
- ^ الاختيارات الفقهية للشيخ عبيد الله المباركفوري كتاب الصيام والاعتكاف , موافقي الأمين، 433، بتصرف , 10/7/2022
- ^ الجامع الصغير , السوطي، جبير بن مطعم، 6313، صحيح