ما حكم تمشيط الشعر للمضحي سؤال من الأسئلة الشرعية التي لا بدَّ من توضيح إجابتها، حيث أنَّ تقديم الأضحية وذبحها هي أحد العبادات التي أمر الله تعالى عباده بالقيام بها، وهي أحد السنن الثابتة عن الرسول صلَّى الله عيه وسلَّم، وذبح الأضحية كغيرها من العبادات في الدين الإسلامي تحتاج لتحقق صحّتها عددًا من الأحكام والشروط، وفي هذا المقال سنسلط الضوء على أحد هذه الأحكام وهو حكم تمشيط الشعر وحكم الأخذ من الشهر للمُضحي.
ما حكم تمشيط الشعر للمضحي
يجوز للمُضحي أو المُضحية تمشيط الشعر على ألَّا يؤدي هذا التمشيط إلى نتف الشعر أو إزالة شيء منه، حيث أنَّ المُضحي له أحكام مُشابهة للحاج من حيث أخذ شيء من شعر الجسم وتقليم الأظافر، وإنَّ مشط الشعر من الأمور الجائزة للحاج وللحاجّة، وكذلك المُضحي، وعلى ألَّا يكون تمشيط الشعر فيه الكثير من الكد والشد الذي يؤدي إلى نتف الشعر وإزالة بعضه، وقد قال العراقي في طرح التثريب: “فإن نقض الرأس والامتشاط جائز في الإحرام إذا لم يؤد إلى إنتاف شعر”، والله أعلم.[1]
ما حكم من قص شعره وهو يريد ان يضحي
إنَّ حكم قص الشعر للمُضحي أو لمن أراد الأضحية هو حكم من الأحكام الشرعية التي شكَّلت خلافًا بين أهل العلم، حيث ذهب بعضهم إلى تحريم أخذ شيء من شعر الجسم أو تقليم الأظافر لمن أراد الأضحية، كما ذهب بعضهم الآخر إلى أنَّ ذلك ليس مُحرَّم بل هو مُستحب أن يبتعد المُضحي وينقطع عن تقليم الأظافر وقص الشعر، وفيما يلي سنبيِّن كلًا من الرأيين.
القول الأول
هو القول الذي أشار إليه واعتمده الإمام أحمد بن حنبل وهو أنَّه يُحرَّم على المُضحي بشكل قطعي قص شعره أو تقليم أظافره في العشر من ذي الحجة، واستدلَّ على ذلك بقول رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: “إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ ، فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ”[2]، حيث أنَّ الأخذ من شعر الرأس أو البدن أو الشارب أو تقليم الأظافر لا يجوز على المُضحي إلى حين أدائه للأضحية.
القول الثاني
هو القول الذي اعتمده علماء وأئمة المذهب الشافعي حيث أشاروا إلى أنَّ الامتناع عن الأخذ من الشعر للمُضحي في العشر من ذي الحجة هو أمر مُستحب وليس واجب وفرض، كما أشاروا إلى أنَّ أخذ المُضحي لشيء من شعر بدنه أو تقليم أظافره هو أمر مكروه وليس مُحرَّم، وإنَّ النهي الوارد في حديث رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- هو نهي كراهة وليس تحريم، والله أعلم.[3]
شاهد أيضًا : وقت الامتناع عن قص الشعر والاظافر للمضحِّي
هل قص الشعر يبطل الأضحية
إنَّ قص الشعر بسبب عذر أو حاجة لمن أراد أن يُضحي في العشر من ذي الحجة هو أمر جائز ولا حرج عليه وإنَّ فعله لا يُبطل الأضحية، وقد أشار غلى ذلك الشخ ابن عثيمين في فتواه: “من احتاج إلى أخذ الشعر والظفر والبشرة، فأخذها فلا حرج عليه مثل: أن يكون به جرح، فيحتاج إلى قص الشعر عنه، أو ينكسر ظفره، فيؤذيه فيقص ما يتأذى به، أو تتدلى قشرة من جلده، فتؤذيه فيقصها، فلا حرج عليه في ذلك كله”، أمّا عن قص الشعر أو أخذ شيء منه للمُضحي بدون سبب أو عذر هو أمر اختلف فيه أهل العلم فمنهم من أفتى بأنَّه مُحرَّم ومنهم من ذهب إلى جعله مكروهًا، والأولى بالمسلم في مثل هذه الحالات الامتناع عن المكروه والابتعاد عنه، والله أعلم.[4]
سبب عدم قص الشعر والأظافر للمضحي
إنَّ الحكمة من امتناع المُضحي عن قص شعره أو تقليم أظافره في العشر من ذي الحجة هي أن يكون المرء كامل الأجزاء عن التضحية، فيأتي الله تعالى بكامل بدنه وأجزائه راجيًا منه العتق من النار، وقد قال المناوي في فيض القدير: “فليجتنب المضحي إزالة شعر نفسه ليبقى كامل الجزاء فيعتق كله من النار“، وقد وصَّى النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- بالامتناع عن قص الشعر لكي لا يفقد المُضحي شيء من أجره وثوابه فيكون كامل الأجزاء حين يأتي بالأضحية، والله أعلم.[5]
شاهد أيضًا: هل يجوز قص الشعر في ذي الحجة لغير الحاج
وبهذا نكون قد وصلنا إلى ختام المقال الذي بيَّن ما حكم تمشيط الشعر للمضحي، كما ذكر حكم قص الشع للمُضحي، وهل قص الشعر يُبطل الأضحية، بالإضافة لذكر السبب الكامن وراء النهي عن قص الشهر وتقليم الأظافر للمُضحي.