لماذا لقب عثمان بن عفان بذي النورين ؟ خص النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة بمكانة رفيعة، لما كان للصحابة من الفضل العظيم في نشر الاسلام، فلابد للمسلم الحق أن يقرأ سيرتهم الكريمة العطرة، ويتعلم منها ماينفعه في الدنيا والاخرة، وفي هذا المقال سنعرف لماذا لقب عثمان بن عفان بذي النورين، وسنوضح قصة خلافته رضي الله عنه وأرضاه، وسنين حادثة مقتله رضي الله عنه.
لماذا لقب عثمان بن عفان بذي النورين
لقب عثمان بن عفان بذي النورين لأنه تزوج بنتي النبي صلى الله عليه وسلم، فزوج النبي صَلَّى الله عليه وسلم رُقيَّة من عثمان، فلما توفيت زوجه أم كلثوم رضي الله عنهم، وكان نكاحه إياها في ربيع الأول من سنة ثلاث، وبنى بها في جمادى الآخرة من السنة، ولم تلد منه ولدًا، ورأى النبي صَلَّى الله عليه وسلم عثمان بعد وفاة رقية مهمومًا لهفان، فسأله عليه السلام: عن سبب حزنه، فقال عثمان: يا رسول الله، وهل دخل على أحد ما دخل علي، ماتت ابنة رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم التي كانت عندي، وانقطع ظهري، وانقطع الصهر بيني وبينك، فبينما هو يحاوره إذ قال النبي: (يَا عُثْمَانُ، هَذَا جِبْرِيْلُ عَلَيْهِ الْسَّلَامُ يَأْمُرُنِي عَنِ الله عَزَّ وَجَلَّ أَنْ أُزَوِّجَكَ أُخْتَهَا أُمَّ كَلْثُومٍ عَلَى مِثْلِ صَدَاقِهَا، وَعَلَى مِثْلِ عِشْرَتِهَ)[1]، فزوجه إياها وتوفيت أم كلثوم رضي الله عنها سنة تسع، وصلى عليها رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وهي التي غسلتها أم عَطِية، ونزل في قبرها علي، والفضل، وأسامة بن زيد، وقيل: إن أبا طلحة الأنصاري استأذن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في أن ينزل معهم، فأذن له، وقال: لو أن لنا ثالثة لزوجنا عثمان بها.[2]
خلافة عثمان
إن عثمان رضي الله عنه ثالث الخلفاء الراشدين فقد بويع بالخلافة، بعد دفن عمر بثلاث ليالٍ، فبايعه كبارُ الصحابة على ذلك، فحكم الأُمَّة الإسلامية اثنتي عشرة سنة، واتسعت رقع الدولة الاسلامية في عهده بسبب الفتوحات، وازدهرت الدوله الاسلامية وسادها العدل والامان، وفي اواخر عهده بالخلافة، اراد بعض الكارهين والحاقدين على الدين الاسلامي اثارة الفتنة، بين المسلمين فبدأوا يثيرون الشبهات حول خلافة عثمان رضي الله عنه، وحرضوا الناس في مصر والكوفة والبصرة، فانخدعَ بعض الناس بقولهم، فساروا نحو المدينه مكان اقامة عثمان رضي الله عنه، فقابلوه وطالبوه بالتنازل عن الخلافة، فكان عثمان رضي الله عنه رحيم بهم لايريد اسالة دماء المسلمين، فأجاب عن أسئلتهم، وفند مزاعمهم، وعفا عنهم فرجعوا الى بلادهم، ولكنهم لم يتوقفوا عن اثارة الفتن وتأليبِ الناس على أمير المؤمنين عثمان، يُحرضهم على ذلك عبدالله بن سبأ رأس الفتنة، وقد كتب معاوية إلى عثمان يُحذِّره من هؤلاء، ويصفهم له بقوله: “هم أقوام ليس لهم عقول ولا أديان، أضجرهم العدل، لا يُريدون اللهَ بشيء، ولا يتكلَّمون بحجة، إنَّما هَمُّهم الفتنة وأموال أهل الذمة، والله مُبتليهم ومُختبرهم، ثُمَّ فاضحهم ومخزيهم”، وخرج رأس الفتنة، عبدالله بن سبأ مع أنصاره لكي ينزعوا الخلافة عن أمير المؤمنين، وزعموا أنَّهم وجدوا كتابًا من عثمان لوالي مصر بقتلهم وصَلبهم، وعليه ختم عثمان قد زوِّر، فطافوا بالكتاب على الناس يُحرِّضونهم على عثمان، فقال عثمان: “والله، ما كتبتُ ولا أمليتُ، والخاتم قد يزوَّر على الخاتم”، وقام عثمان رضي الله عنه الى المنبر لكي يخطب، فأنزلوه عن المنبر وبدأوا بحصبه حتى أغمى عليه مغشيًا، فأخذوه الى بيته، ودخل عليه جماعة من الصَّحابة منهم: أبو هريرة وابن عمر وزيد بن ثابت، أرادو المدافعة عنه، فبعث إليهم يُقسِم عليهم، ويأمُرهم أنْ يكفُّوا أيديهم ويسكنوا، حتَّى يقضي الله ما يشاء.[3]
مقتل عثمان
بعدما أنزل عبد الله بن سبأ وأنصاره عثمان رضي الله عنه من على المنبر، حاصروه في بيته، فأمر عثمان رضي الله عنه أولاده بعدم القتال حقنًا لدماء المسلمين، فنقطع عثمان رضى الله عنه عن المسجد بعد أن حاصروه أكثر من شهر، ومنعوه من الطعام والشراب، وكان من رؤوس الفتنة ابن عديس البلوي، فصعد هذا المفتون منبرَ رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – فصلَّى بهم الجمعة، وحرض على على قتل أمير المؤمنين، وقال لهم عثمان – رضي الله عنه -: “واللهِ، لئن قتلتموني لا تتحابُّون بعدي أبدًا، ولا تصلُّون جميعًا أبدًا، ولا تقاتلون عدوًّا جميعًا أبدًا”، قال الحافظ ابن كثير: “وقد صدق فيما قال رضي الله عنه”، وكان رضي الله عنه شيخًا كبيرًا قد تجاوز عمره الثمانون، فاستسلم لقضاء الله عز وجل، فوضع يده على كتاب الله وبدأ يقرأ، ولم يكن عنده سوى اهله، فأحرقوا عليه الباب ودخلوا، وقام رجل منهم معه سيف يريد قتل عثمان رضي الله عنه فقطعت يده رضي الله عنه، وقال ابنُ كثير: “وثَبَتَ مِن غيرِ وجه أنَّ أوَّل قطرة من دَمِه سقطت على قوله – تعالى: (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)[4]، وأرادت زوجته رضي الله عنها الدفاع عنه فقطعت أصابعها، وبعدها تمكنوا من امير المؤمنين، وقتلوه ومات شهيدًا في صبيحة عيد الأضحى سنة (35هـ)، ودفن بالبقيع.[5]
وبهذا نكون قد أجبنا على سؤال لماذا لقب عثمان بن عفان بذي النورين ؟ فقد لقب عثمان رضي الله عنه بذي النورين؛ لأنه تزوج بنتي النبي صلى الله عليه وسلم، رقية وأم كلثوم، كما بينا في هذا المقال قصة خلافة عثمان رضي الله عنه ومقتله.