فضل صيام العشر من ذي الحجة من الأمور التي يرغب الكثير من الناس في معرفتها، وذلك لأن الله – عز وجلّ- قد جعل الصيام له، وهو الذي يجازى به، وعطايا الله لا تنفد، وإذا كان العمل الصالح في تلك الأيام يفوق الأعمال الصالحة في غيرها، بل قد يفوق الجهاد في سبيل الله؛ فلذا كان لفضل الصيام في تلك الأيام ثواب لا يعدوها ثوابًا، لذلك يهتم موقع محتويات بطرح حكم صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وفضلها.
فضل صيام العشر من ذي الحجة
الصوم من أعظم القربات التي يتقرّب بها العبدُ من ربّه، وقد جعل الله – عز وجلّ- كلّ العبادات التي يؤدّيها العباد لهم ما عدا الصوم؛ فقد جعله الله له، وهو الذي يجازى به، وقد جاء هذا في الحديث القدسي الذي نقله رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- عن ربّ العزّة، والذي يقول فيه: “(قالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إلَّا الصِّيَامَ، فإنَّه لي وأَنَا أجْزِي به،)”، بل إن النبي قد حثّنا على صيام يوم عرفة، وهو اليوم التاسع من هذا الشهر، وقال ثواب صيام عرفة هو تكفير ذنوب سنة ماضية، وسنة قادمة.
اقرأ أيضًا: فضل الصلاة على النبي
حكم صيام العشر من ذي الحجة
اختلفت الأحكام الفقهيّة في حكم صيام العشر من ذي الحجة، فقُسّمت هذه الأيام إلى ثلاثة أحكام: الحكم الأول، وهو الذي يختصّ بأول ثمانية أيام في الشهر، وحُكم صيامها مُستحب، وذلك لأنه لم يرد عن النبي حكمًا بوجوب صيامهم، أما الحكم الثاني: فهو صيام يوم عرفة فهو سنّة؛ فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلّم- أنه صام يوم عرفة، ورغّب في صيامه، فقال: “«صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ»”، فصيامه يُكفّر ذنوب سنتين، وأما الثالث فهو صيام يوم النحر، وهو يوم عيد الأضحى، أو يوم العاشر من شهر ذي الحجة؛ فيُحرم صيامه، ويُحرم صيام الثلاثة أيام التي بعده، والتي سمّاها الفقهاء بأيام التشريق، وفي ذلك يقول أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه-: “أن رسول الله صلى الله عليه وآله، وسلم نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ؛ يَوْمِ الْفِطْرِ، وَيَوْمِ النَّحْرِ”. وهذا يدُل على فضل صيام العشر من ذي الحجة.
اقرأ أيضًا: حكم صيام المرضع والحامل
افضل الاعمال في العشر من ذي الحجة
يُستحب للمسلم أن يجتهد في العبادة طوال العام بوجهٍ عامٍّ، وفي أيام العشر الأوائل من ذي الحجة بصفةٍ خاصّةٍ، وذلك لأن الأعمال فيها أفضل من غيرها، ومن أفضل العبادات التي بها يحظى المسلم القبول من الله: الحج إلى بيت الله الحرام؛ إن استطاع المُسلم ذلك، وكذلك المحافظة على الصلوات في جماعة وفي أوقاتها، والصوم إن كان المُسلم مقتدرًا عليه، وخاصّة صوم يوم عرفة، والتصدّق بما وفّقه الله للتصدُّق به.
اقرأ أيضًا: متى يبدأ شهر ذي الحجة هذا العام
دعاء العشر من ذي الحجة
تتعدّد الأدعية التي يدعو بها المُسلم في العشر الأوائل من ذي الحجة، ولعل من أبرز تلك الأدعية:
اللهم إنا نسألك السكينة، والطمأنينة، والأمان.
اللهم اجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وشفاء أمراضنا، وذهاب غمّنا وحزننا.
اللهم اسقنا من يد حبيبك المصطفى شربة هنيئة، لا نظمأ بعدها أبدا.
اللهم إنا نسأل العُلا من الجنّة.
اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والسلامة من كلّ إثم، والغنيمة من كلّ برٍّ.
اللهم ارزقنا الإخلاص في القول والعمل.
اللهم إنا نسألك التقّى، والهُدى، والعفاف، والغنى.
اللهم جنّبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.
اقرأ أيضًا: دعاء تحصين النفس
فضل الأيام العشر من ذي الحجة
للعشرة أيام الأوائل من شهر ذي الحجة فضائل كثيرة، وقد دلّت على هذه الفضائل نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وفيما يأتي بيان بعض هذه الفضائل كما أشارت إليها النصوص الصحيحة:[1]
- الأيام العشر من ذي الحجة أيام توحيدٍ لله تعالى: فالتوحيد أساس العبادة، وبه بعث الله تعالى رسله وأنبياءه، وفي الأيام العشر من ذي الحجة يلهج المسلمون بالتكبير والتحميد والتهليل.
- الأيام العشر من ذي الحجة أفضل أيام الدنيا: فقد أقسم الله تعالى بهذه الأيام؛ وذلك لبيان منزلتها وفضلها، فهي أيام اجتمعت فيها أمهات العبادة وهي الصلاة، والصوم، والصدقة والحج. العمل الصالح في الأيام العشر أعظم من غيرها من الأيام: فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذِه؟ قالوا: ولَا الجِهَادُ؟ قَالَ: ولَا الجِهَادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بنَفْسِهِ ومَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بشيءٍ”.
- الأيام العشر أيامٌ معلوماتٌ: حيث قال الله تعالى: “وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ”، فقد فَسّر العلماء الأيام المعلومات في هذه الآية بالأيام العشر من ذي الحجة، واستحبوا فيها كثرة ذكر الله تعالى.
- مغفرة الذنوب والعتق من النار في يوم عرفة: فيوم عرفة هو اليوم التاسع من أيام ذي الحجة، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ، وإنَّه لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بهِمِ المَلَائِكَةَ، فيَقولُ: ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟”.
اقرأ أيضًا: العاشر من ذي الحجة يسمى يوم
أسباب صيام العشر الأوائل من ذي الحجة
يُعدُّ الصيام من أفضل الأعمال الصالحة لما يترتب عليه من جزيل الثواب وعظيم الأجر، لذا ندب الشَّرع الكريم وما تواتر عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إلى صيام أيام العشر من ذي الحجة قدر الاستطاعة، ومن لم يستطع صيامها جميعًا فعليه الحرص على صيام يومي التروية وعرفة أو يوم عرفة فقط، ولكن يبقى هذا الصيام سنة لا فرض، والحكمة من الحث على صيام هذه الأيام أو بعضها اجتماع الأجر العميم لأمرين في آنٍ واحدٍ وهما أجر صيام التطوع فالصيام لله تعالى وهو يجازى به والأمر الآخر حدوث الصوم في أفضل أيام السنة عند الله وأعظمها أجرًا ومثوبةً؛ فلذلك تتضاعف الحسنات والأجر والثواب في الدنيا والآخرة، كما أن فيها اقتداءً بالنبي -صلى الله عليه وسلم- الذي صام هذه الأيام، وواظب على صيامها.
اقرأ أيضًا: على من تجب الأضحية
عبادات مستحبة في الأيام العَشر من ذي الحجة
فيما يأتي بعض الأعمال المستحبة في العشرة من ذي الحجة:[2]
- الصوم: حيث يكون مستحباً في وقفة عرفات في اليوم التاسع، عن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت” كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر، أول اثنين من الشهر والخميس”.
- التوبة: التوجه للرجوع إلى الله -عز وجل- بصدق وإخلاص، حيث قال الله عز وجل” وتوبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون”.
- الِذكر: القيام بذكر الله وتسبيحه وقراءة القرآن بكثرة، قال الله عز وجل “ويذكروا اسم الله في أيام معلومات”، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم” ما من أيام أعظم عند الله، ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد”.
- صلاة النوافل: القيام بصلاة النوافل بكثرة من حيث القول والعمل، حيث روى ثوبان رضي الله عنه أنه قال: سألت عن ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال” عليك بكثرة السجود لله، فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وحط عنك بها خطيئة”.
- الأضحية: القيام بذبح الأضحية لجبر خاطر الفقراء.
اقرأ أيضًا: حكم صيام العشر الأوائل من ذي الحجة
فضل صيام يوم عرفة
لقد اتفق أهل العلم على أنَّ صيام يوم عرفة من أفضل الأعمال التي يمكن أن يلتزم بها المسلم في هذا اليوم المبارك، فقد صحَّ عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنَّ صيام هذا اليوم يكفِّر ذنوب سنة سابقة وسنة لاحقة، قال عليه الصلاة والسلام: “…صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ..” والصيام في يوم عرفة هو من الأعمال الصالحة المستحبة وأعمال الخير والعبادة التي دعا إليها رسول الله في الأيام العشر الأوائل من ذي الحج، ويوم عرف من هذه الأيام، قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فيما روى عبد الله بن عباس رضي الله عنه: “ما مِن أيَّامٍ العمَلُ الصَّالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى اللَّهِ مِن هذهِ الأيَّامِ العَشر فقالوا: يا رسولَ اللَّهِ ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ؟ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ إلَّا رجلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالِهِ، فلم يرجِعْ من ذلِكَ بشيء”، والله تعالى أعلم.
ومن خلال هذا المقال يُمكننا التعرّف على فضل صيام العشر من ذي الحجة ، وآراء الفقهاء في حكم صيام أول ثمانية أيام من هذا الشهر، وحكم صيام عرفة، والفضل العظيم الذي أعدّه الله -عز وجلّ- للصائمين فيه، وحكم صيام يوم النحر، وأيام التشريق، كما تعرّفنا على أفضل الأعمال في هذه الأيام، وأفضل الأدعية التي تُقال فيها.