خطبة عن فضل عشر ذي الحجة من الخُطب التي يرغب في معرفتها الكثير من المُسلمين، وخاصّةً طُلّاب العلم المُتمرّسين في الخطابة والدّعوة إلى الله عزّ وجلّ؛ حتّى يُبيّنوا للنّاس أُمور دينهم، وحتّى يتعرّفوا على الأعمال التي من خلالها يتقرّب العبد من ربّه فيها في تلك الأيام، وفيما يلي عبر موقع محتويات سنتعرّف على خطبة عن العشر من ذي الحجة، وخطبة عن فضل ذي الحجة.
خطبة عن فضل عشر ذي الحجة
إنّ الحمدَ لله -تعالى- نحمدُه ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شُرُور أنفسنا، ومن سيّئات أعمالنا، إنّه من يهده الله، فلا مضلّ له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يا من يرى ما في الضّمير ويسمع، أنت المُعدّ لكُلّ ما يُتوقّع، يا من يُرجّى للشّدائد كلّها، يا من إليه المشتكى والمفزع، يا من خزائن رزقه في قول كُن؛ امنُن فإن الخير عند أجمع، وأشهدُ أنّ محمَدًا عبدُه ورسوله، وصفيّه من خلقه وحبيبه، بلّغ الرّسالة، وأدّى الأمانة، ونصح الأُمّة، فكشف الله به الغُمّة؛ فآته اللهم الوسيلة والفضيلة والدّرجة العالية الرّفيعة، وابعثه اللهم المقام المحمود الّذي وعدته، إنّك لا تُخلف الميعاد، وبعد:
نصّ الخطبة
فإنّ أصدق الحديث كلام الله -تعالى-، وخير الهدي هدي محمّد بن عبدالله رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-، وشرّ الأُمُور مُحدثاتها، وكُلّ مُحدثةٍ بدعةٍ، وكُلّ بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالة في النّار، فقد فضّل الله تعالى بعض الأيام بعضها على بعض، كما فضّل بعض الشّهور بعضها على بعض، فقد فضّل شهرُ رمضان عن غيره من الشّهور، فهو شهرُ الصّيام والقُرآن، وشهر تُفتّح فيه أبواب الجنّة فلا يبق منها باب، وكذلك فضّل العشر من ذي الحجّة عن غيرها من الأيام، ومن مظاهر هذا التّفضيل، أنّ الله -تعالى- قد أقسم بتلك الأيام، فقد قال -تعالى-:” والْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْر”، وقد قال المُفسّرون إن تلك الليالي العشر هي العشر من ذي الحجّة، وقد قال النبيّ -صلى الله عليه وسلّم-:”مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ »؛ يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ»، فقد فضّل النبي-صلى الله عليه وسلّم- تلك الأيام عن غيرها من الأيام، وأنّ العمل الصّالح فيها أفضل من غيرها، حتّى إن العمل الصّالح فيها يفوق الجّهاد في سبيل الله، وهذا إن دلّ فإنّه يدُل على عظمة تلك الأيام ورفعة مكانتها ومنزلتها، وعلى المُسلم الاجتهاد في تلك الأيام قدر إمكانه؛ حتى ينال الثّواب الجزيل من ربّ العالمين.[1]
شاهد أيضًا: افضل الاعمال في عشر ذي الحجة
خطبة جمعة عن عشر ذي الحجة
الحمدُ لله الذي زيّن قلوب أوليائه بأنوار الوِفاق، وسقى أسرار أحبائه شرابًا لذيذ المذاق، وألزم قُلُوب الخائفين الوجل والإشفاق، فلا يدري الإنسان في أي الدّواوين كُتب، ولا في أيّ الفريقين يُساق، فإن شاء فبفضله، وإن شاء فبعدله، وعلى اعتراض على الملك الخلّاق، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، هو الأول فلا شيء قبله، والآخر فلا شيء بعده، والظّاهر فلا شيء فوقه، والباطن فلا شيء دونه، نجّى يُونس في بطن الحوت، وحمى موسى في التّابوت، وهو ربّ كلّ شيء ومليكه، لا تدركه الأبصار، وهو يُدرك الأبصار، وهو اللطيف الخبير، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله، وصفيّه من خلقه وحبيبه، وبعد:
نص الخطبة
فإنّ الله -تعالى- قد ميّز تلك الأُمّة عن غيرها من الأمم بأن جعل لها مواسم للطّاعات، تكثُر فيها الحسنات، وتضائل فيها السّيئات، ويرتفع فيها المُسلم الصّادق إلى أعلى الدّرجات؛ حتّى ينال من ربّ أفضل الثّواب، ومن تلك الأيام هي أيام العشر من ذي الحجة، فالعشر من ذي الحجة من أفضل الأيام، فقد أقسم الله تعال بها، والعظيم لا يُقسم إلا بعظيمٍ، كما أن النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- قد أهبر بفضلها وعظم شأنها، وزيادة الأجر والثّواب فيها، فقال-صلى الله عليه وسلّم-:”عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ فِي هَذِهِ الْعَشْرِ»، قَالُوا: وَلَا الْجِهَادُ، قَالَ: «وَلَا الْجِهَادُ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ»، فيجب على المُسلمين أن يجتهدوا في تلك الأيّام المُباركات؛ حتى يكونا من قوافل الّذين أنعم الله عليهم، وحتّى يدخلون جنّات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا بإذن ربّهم تحيّتهم فيها سلام.
شاهد أيضًا: فضل عشر ذي الحجة
خطبة عن فضائل العشر من ذي الحجة
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجًا، خلق السّموات بلاعمد، وكرّم الإنسان أجسن تكريم، فقوّمه في أحسن تقويم، وأنعم على عباده بالخير والوفير بأن كانوا عبادًا له مُسلمين، يفعلون ما يُؤمرون به، وينتهون عن ما نهى عنه، ويتقرّبون إليه بالطّاعات، ويبتعدون على المعاصي والآثام؛ لينالوا رضاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الشّمس والبدر من أنوار حكمته، والبرّ والبحر فيضٌ من عطاياه، الطير سبّحه، والموج كبّره، والحوت ناجاه، والنّمل تحت الصّخُور الصُّمّ قدّسه، والنحل يهتف حمدًا من خلاياه، وأشهد أن محمّدًا عبدُه ورسوله، النبيّ الأُمّي الكريم، أنت الّذي حنّ الجماد لعطفه، وشكا لك الحيوان حين رآك، والجذع يُسمع بالحنين أنينه، وبُكاه شوقًا إلى لُقياك، ماذا يُفيدك مدحنا وثناؤنا، والله في القُرآن قد زكّاكا، وبعد:
نص الخطبة
فإنّ أيام العشر من ذي الحجّة من الأيام المُباركات التي يُنعم الله-تعالى- فيها على العباد بالثّواب الجزيل، وهي أيام تكثُر فيها الحسنات عن غيرها، ويُستحب فيها العمل الصّألح، فالعمل الصّالح فيها أفضل من غيرها من الأيام، ومن فضائل تلك الأيام المُباركات: هي الأيام التي شُرع فيها ذكر الله عما رَزَقَ من بهيمة الأنعام: قال تعالى: “وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ “، وقد قال ابن عبّاس -رضي الله عنهما- الأيام المعلومات هي أيام العشر من ذي الحجّة، وأمّا الأيام المعدودات فهي أيام التّشريق، وهي أيام الحادي عشر، والثاني عشر، والثّالث عشر من ذي الحجّة، وكذلك هي من جُملة الأيام التي واعدها الله تعالى لموسى عليه السّلام، فقد قال -تعالى-:”وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً..” فهي من ضمن هذه الأربعين يومًا، فيجب على المُسلمين أن يُسارعوا إلى الخيرات في تلك الايام المُباركات؛ حتى ينالوا الرّحمات من ربّ الأرض والسّموات.[2]
شاهد أيضًا: حكم صيام العشر من ذي الحجة
خطبة عن العشر من ذي الحجة
الحمد لله ذو الفضل والجود، خلق الإنسان من ماء دافق، وخلق السّموات والأرض وما بينهما في ستّة أيام، وجعل الظّلمات والنّور، عنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو، ويعلم ما في البرّ والبحر، وما تسقط من ورقةٍ إلا يعلمها، ولا حبّةٍ في ظُلُمات الأرض، ولا رطبٍ ولا يابسٍ إلا في كتاب مبين، وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، فالق الإصباح وجعل الليل سكنًا والشّمس والقمر حُسبانًا ذلك تقدير العزيز العليم، جعل النّجوم لنهتدي بها في ظلمات البرّ والبر، وسخّر الشّمس والقمر والنّجوم مسخرات بأمره، ألا له الخلق والأمر تبارك الله ربّ العالمين، وأشهد أنّ محمدًا رسول الله، يا من تُحبّ محمدًا أعليه تبخل بالصّلاة، مقدار حبّك ذكره؛ حتى تُبلّل به الشّفاة، ياربّ صلّ على الّذي ردّ الحياة إلى الحياة، وبعد:
نص الخطبة
لقد فضّل الله تعالى بعض الايام على بعض وميّزها عن غيرها من الأيام؛ حتى يُسارع المُسلمون إلى فعل الطّاعات، وترك المُنكرات في تلك الأيام المُباركات، ومن ضمن تلك الأيام أيام العشر من ذي الحجّة، وعلى المرء: أن يُحافظ على الصّلاة كاملةً في أوقاتها، والتّبكير للصّلاة، والإكثار من صلاة النّافلة، فإنّها من أفضل القُرُبات التي بها يتقرّب العبدُ من ربّه، ومما يدُل على ذلك:رَوَى ثَوْبَانُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: « عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ، فَإِنَّكَ لَا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلَّا رَفَعَكَ إِلَيْهِ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً »، وعليه أيضًا: الإكثار من الصّوم في تلك الأيام، فقد كان النبي يفعل ذلك، ومما يدُلّ على ذلك:فعَنْ هُنَيْدَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنِ امْرَأَتِهِ، عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ، وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ؛ أَوَّلَ اثْنَيْنِ مِنَ الشَّهْرِ وَخَمِيسَيْنِ ».
ومن خلال هذا المقال يُمكننا التعرّف على خطبة عن فضل عشر ذي الحجة ، وأفضل الخطب التي وردت في الحديث عن فضائل العشر من ذي الحجّة، والأحاديث النبوية التي وردت في فضلها، وأجمل الخطب التي تُقال في فضل العمل الصّالح في تلك الأيام، وأنّ العمل الصّالح فيها أفضل من غيرها، وأفضل الخطب عن عشر ذي الحجة.