حكم طواف الوداع في الحج هو الموضوع الذي يتمحور حوله هذا المقال، والحجّ هو خامس أركان الإسلام وهو فرضٌ على كلّ مسلمٍ ذي قدرةٍ بالغٍ عاقلٍ، يضاعف الله تعالى الأجر لمن أدّى هذا الفرض على أكمل وجه و يغفر له خطاياه وذنوبه مهما كثرت فعلى المسلم أن يسعى لينال هذا الأجر و الفضل العظيم.[1]
تعريف طواف الوداع
طواف الوداع هو آخر الأطوفة الثّلاثة في الحجّ أو العمرة و آخر المناسك التي يجب أن يؤديها المسلم بعد انتهاءه من سائر أركان ونسك الحجّ أو العمرة و يكون ذلك بالطّواف حول الكعبة سبعة أشواطٍ دون سعي و له سنّة صلاة ركعتين بعد الطّواف، و سمّي بطواف الوداع لأنّ الحاجّ أو المعتمر يودّع به البيت الحرام قبل مغادرته مكّة المكرّمة فإن طاف طواف الوداع لا يجوز له المكوث في مكّة المكرّمة بعدها بل وجب عليه إنهاء جميع الأعمال ثمّ أن يقوم بطواف الوداع فلا يتبقى له غير السفر، و قد أدّى هذا النسك النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام عندما انتهى من أداء مناسك حجّه و همّ بالعودة إلى المدينة المنوّرة في حجّة الوداع و الله أعلم.[2]
اقرأ أيضًا: هل يجوز صيام عشر ذي الحجة بنية القضاء
حكم طواف الوداع في الحج
إنّ طواف الوداع هو آخر نسكٍ يؤدّى في الحجّ فهو واجبٌ على الحاجّ و قد أمر النّبي عليه الصّلاة و السّلام بأنّ على المسلم أخذ مناسك الحجّ عنه عليه الصّلاة و السّلام و قد أدّى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم طواف الوداع قبل أن يعود إلى المدينة و أمر به الحجّاج فعن عبد الله بن عباس قال: “أُمِرَ النَّاسُ أنْ يَكونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بالبَيْتِ، إلَّا أنَّه خُفِّفَ عَنِ الحَائِضِ”،[3] و بذلك فحكم طواف الوداع في الحجّ أنّه واجبٌ على كلّ مسلمٍ حاجّ لكن يستثنى من الحكم المرأة الحائض و النفساء لأنّها على غير طهارة و أمّا حكم من ترك طواف الوداع و هو حاجّ وجبت عليه الفدية أي ذبح شاةٍ في مكّة المكرّمة و توزيعها على الفقراء و تجوز الفدية بوجوده أو توكيل من يذبحها عنه و الله ورسوله أعلم.[4]
حكم طواف الوداع في العمرة
إنّ حكم طواف الوداع في الحجّ أنّه واجبٌ على الحجّاج إلّا النّساء من كانت منهنّ حائضاً أو نفساء أمّا حكم طواف الوداع في العمرة فهو ليس بواجبٍ بل هو سنّة مستحبّة للمعتمر فإن لم يؤدّيه فلا حرج عليه بذلك و لا تجب عليه فدية لتركه و جاء في تفسير حديث الأمر بطواف الوداع أنّ الأمر كان للحجّاج فقط دون المعتمرين فإن ودّع البيت الحرام كان له من الثّواب و الفضل زيادةً و خيراً فوق أجر عمرته و الله و رسوله أعلم.[5]
كيفية طواف الوداع ووقته
حكم طواف الوداع في الحجّ هو واجبٌ أمّا في العمرة فهو سنّةٌ مستحبّةٌ، و وقت طواف الوداع يكون بعد إنهاء جميع مناسك الحجّ و إنهاء كافّة الأعمال التي على الحاجّ فعلها عندها يصحّ طواف الوداع و توديع بيت الله الحرام فيه و وجب على من أدّاه أن يخرج من مكّة بعد الطّواف مباشرةً و لا يجوز له المكوث فيها بعده إلا بعذر حسب ما قيل عن أهل العلم في هذه المسألة أمّا إن مكث دون عذرٍ و لم يؤدّ طواف الوداع وجبت عليه الفدية.[6]
أمّا عن كيفيّة طواف الوداع فلا تختلف كيفيّة أداء طواف الوداع عن كيفيّة طواف القدوم إلا بالنيّة و أنّه لا يشترط الاضطباع أو الرّمل في الأشواط الثّلاثة الأولى و يكون الطّواف سبعة أشواطٍ من الحجر الأسود و إليه، ثمّ الصّلاة ركعتين سنّة عند المقام و الدّعاء عنده بشرط الطّهارة من الحدثين الأكبر و الأصغر و طهارة ثوب الإحرام من كلّ نجس و الله أعلم.[7]
شروط طواف الوداع
حكم طواف الوداع في الحج واجب على كل مسلمٍ و مسلمة و لكن ما هي شروط طواف الوداع التي يجب أن تكون مستوفاة حتى يصحّ طواف الوداع؟ لطواف الوداع خمسة شروطٍ أساسيّة و هي:[8]
- أن يكون الحاجّ من غير أهل مكّة أي ليس مقيماً بها و ذلك لأنّ طواف الوداع يكون لمن يفارق مكّة المكرّمة لا من يقيم بها فهو من أهلها.
- لا يصحّ طواف الوداع للمسلمة الحائض أو النفساء حتى تطهر منهما فإذا تركته لم تجب عليها الفدية لأنّها تركته لعذرٍ شرعي.
- وجب على الحائض أو النفساء الرّجوع لأداء طواف الوداع إذا طهرت قبل مغادرة مكّة المكرّمة و إلا وجبت عليها الفدية.
- على المسلم أن يطوف طواف الوداع عند إنهاءه جميع أعماله فلا يتبقى له غير السّفر ليكون آخر عهدٍ له في بيت الله الحرام كما أمر النّبي عليه الصّلاة والسّلام و ألّا يمكث في مكّة بعد الطّواف إلا لعذر.
- يجوز للحاجّ أن يؤدّ طواف الإفاضة مع طواف الوداع إذا خرج من مكّة بعده مباشرة و يأخذ بذلك الجزاء و الثّواب كاملاً و ذلك عند المالكيّة و الحنابلة و الله أعلم.
دعاء طواف الوداع
إنّ حكم طواف الوداع في الحجّ واجب أمّا حكمة في العمرة فو مستحبّ و ليس واجباً و على المسلم أن يصلّي ركعتين سنّة طواف الوداع عند المقام عند إنتهاء الطّواف حول الكعبة المشرّفة فعليه الوقوف بين باب الكعبة و الحجر الأسود و له أن يدعو بما يشاء فيسأل الله تعالى حاجته و عليه انتهاج نهج النّبي عليه الصّلاة و السّلام بما كان يقول فيقول مثله حيث ورد عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم أنّه كان يردّد بعض الأذكار بكثرة فيقول: “اللَّهمَّ آتِنا في الدُّنيا حَسنةً وفي الآخرةِ حَسنةً وقِنا عذابَ النَّارِ”،[9] ولكن للمسلم حريّة الدّعاء و طلب ما شاء من الله سبحانه وتعالى فهو قريبٌ مجيب الّدعاء لعباده.[10]
الحكمة من طواف الوداع
تكمن الحكمة من طواف الوداع أنّ النّبيّ عليه الصّلاة و السلام قد أمر بطواف الوداع لتبقى ذكرى زيارته حيّةً في قلب المسلم خالدةً في عقله، و لأنها زيارةٌ لبيت الله الحرام وجب توديعه شكراً الله تعالى على هذه الهبة والنّعمة العظيمة التي أنعم الله بها على عبده حيث منّ عليه برزقه زيارة بيته و التّعبد به و نيل الأجر و الغفران و الرحمة منه سبحانه وتعالى فوجب التّوديع والاستئذان و الله أعلم.[11]
حكم طواف الوداع في الحج مقال تحدّث عن فريضة الحجّ و فضلها و عن تعريف طواف الوداع، كذلك ورد فيه حكم طواف الوداع في الحج و حكم طواف الوداع في العمرة، و كما ذكر فيه أيضاً كيفيّة طواف الوداع و وقته و شروط طواف الوداع و جاء فيه دعاء طواف الوداع و الحكمة من طواف الوداع.
المراجع
- ^ binbaz.org.sa , وجوب المبادرة بالحج والعمرة على من استطاع السبيل , 25/05/2024
- ^ binbaz.org.sa , حكم طواف الوداع للحاج والمعتمر , 25/05/2024
- ^ صحيح البخاري , البخاري/عبدالله بن عباس/1755/صحيح
- ^ binbaz.org.sa , ما يلزم من حج وترك طواف الوداع؟ , 25/05/2024
- ^ binbaz.org.sa , حكم طواف الوداع في العمرة , 25/05/2024
- ^ binbaz.org.sa , هل سُنة الاضطباع في جميع أشواط الطواف؟ , 25/05/2024
- ^ islamweb.net , وقت طواف الوداع , 25/05/2024
- ^ dorar.net , شُروطُ طَوافِ الوداعِ , 25/05/2024
- ^ صحيح ابن حبان , ابن حبان/أنس بن مالك/939/أخرجه في صحيحه