حكم صوم عرفه لمن عليه قضاء من الأحكام الشرعيّة التي يبحث عنها طُلّاب العلم، وخاصّةً الّذين يُريدون أن يتفقّهوا في الدّين، ويُميّزون بين حلاله وحرامه، ولا شكّ في أن الصّوم من أفضل العبادات التي بها يتقرّب من ربّه، فهو العبادة الذي اختصّ الله بها لنفسه، وهو الذي يجزي بها، وفيما يلي سنتعرّف على أحكام صوم يوم عرفة للمسلم الذي عليه قضاء.
حكم صوم عرفه لمن عليه قضاء
الصّوم جُنّة فيه يمتنع الإنسان عن شهوتي الفرج والبطن؛ تقرُّبًا إلى الله تعالىن وابتغاءً في الأجر والثّواب منه، والنّاس في يوم عرفة على قسمين: القسم الأوّل هم: الحُجّاج الذين أنعم الله عليهم بزيارة بيت الله الحرام، وهؤلاء لا يصومون يوم عرفة، فالحجّاج الفطر لهم واجبٌ، وذلك لفعل النبي-صلى الله عليه وسلّم-، فقد وقف بعرفة وهو مُفطرٌ، وأمّا القسم الثّاني فهُم غير الحجّاج، وهذا من المُستحبّ لهم أن يصوموا يوم عرفة، فقد ذُكر عن النبي -صلى الله عليه وسلّم- أنّه يُكفّر ذنوب سنةٍ ماضيةٍ وسنةٍ قادمة، وأما إذا كان عليه قضاءٌ؛ فقد أفتى الإمام ابن باز وقال:
“إذا صام يوم عرفة عن القضاء وأيام التسع عن القضاء فهو حسن”.[1]
شاهد أيضًا: صحة حديث خير يوم طلعت عليه الشمس يوم عرفة
سبب تسمية يوم عرفة بهذا الاسم
هُناك العديد من الآراء التي ذُكرت في السبب الذي من أجله سُمّي يوم عرفة بهذا الاسم، ومن تلك الأقوال: إنّه سُمّي بيوم عرفة؛ لأن الوُقُوف بعرفة يكون فيه، ولا شكّ في ان الوُقوف بعرفة هو الرّكن الرئيس في الحجّ، فالحجّ عرفة، فمن لم يقف بعرفة فلا حجّ له، وقيل: إن إبراهيم -عليه السّلام- أيقن أن الرّؤية التي رآها حقٌّ؛ فلذا سُمّي اليوم بهذا الاسم، فقد رأى إبراهيم أنّه يقوم بذبح إسماعيل عيه السّلام، ولم يكن موقنًا أن الرؤية التي رآها من عند الله، فأراد أن يتوّى في الحُكم على الرّؤية؛ حتى أيقن في اليوم الذي يلي اليوم الذي رأى فيه الرّؤية، وقبل إنّ عرفة مأخوذٌ من العّرْف، والعرف يعني الطّيب، وفيه يُقرّ المذنبون بما فعلوه من ذُنُوبٍ وآثامٍ في هذا اليوم الفضيل، وقيل إنّ العلوّ الذي يكون فيه المُسلمون في يوم عرفة هو الذي سوّغ تسميته بهذا الاسم.
شاهد أيضًا: شروط صيام يوم عرفة ولماذا نصوم يوم عرفه
فضائل يوم عرفة
لقد وردت الكثير من الأحاديث النبويّة الشّريفة التي تدُل على المكانة السّامية التي فضّل الله بها يوم عرفة عن غيره من الأيام، فيوم عرفة هو يوم مغفرة الذّنوب والعتق من النيران، وقد ورد عن أم المؤمنين عائشة-رضي الله عنها- في فضل هذا اليوم الفضيل قول النبيّ المُصطفى:”ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ، وإنَّه لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بهِمِ المَلَائِكَةَ، فيَقولُ: ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ”، كما أن في هذا اليوم يُباهي الله تعالى بأهل الأرض أهل السّماء، وهذا يدُل على المكانة العظيمة التي يحظى بها أهل الأرض في هذا اليوم، فقد ورد عن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما- عن النبيّ-صلى الله عليه وسلّم- أنه قال:”إنَّ اللهَ عزَ وجلَّ يباهي ملائكتَهُ عشيةَ عرفةَ بأهلِ عرفةَ فيقولُ: انظروا إلى عبادي أتوني شُعثاً غُبراً”؛ فوجب على المُسلمين أن يتقرّبوا إلى الله -تعالى- بما وجب عليهم التقرُّب به.
ومن خلال هذا المقال يُمكننا التعرُّف على حكم صوم عرفه لمن عليه قضاء ، وما السبب الذي من أجله سُمّي يوم عرفة بهذا الاسم، وما هي الفضائل التي اختص الله بها يوم عرفة عن غيره من الأيام، وما الأحاديث النبويّة التي وردت تؤيّد ذلك، وما هو يوم عرفة واليوم الذي يُوافقه في العشر الأوائل من ذي الحجّة، ولم كان اقتُصر في الحجّ على أنّه الوقوف بعرفة