في أعقاب عملية إطلاق نار مزدوجة أسفرت عن مقتل إسرائيليين، أمر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، بتصعيد الإجراءات الأمنية في الضفة الغربية، وتحديداً في منطقة القيادة الوسطى. يأتي هذا التوجيه في سياق جهود مكثفة لتعقب منفذي العملية، ومنع تكرارها، وتشديد القبضة على النشاط الفلسطيني في المنطقة. هذا المقال يتناول تفاصيل هذه الإجراءات، والتحولات في الاستراتيجية الإسرائيلية، وتداعياتها على الأرض، مع التركيز على العمليات العسكرية في قباطية.
تصعيد الإجراءات الأمنية الإسرائيلية بعد عملية إطلاق النار
أعلنت السلطات الإسرائيلية عن مقتل رجل وامرأة في حادثي إطلاق نار متزامنين في بيسان والعفولة يوم الجمعة. ردًا على ذلك، عقد رئيس الأركان إيال زامير اجتماعًا أمنيًا عاجلاً بمشاركة كبار القادة العسكريين والأمنيين. الهدف الرئيسي من هذا الاجتماع كان تقييم الوضع، ووضع خطة عمل للتعامل مع التهديد المتصاعد، وتحديد الإجراءات اللازمة لضمان أمن المستوطنين الإسرائيليين.
أوامر رئيس الأركان وتوجيهاته
أصدر زامير سلسلة من الأوامر والتوجيهات، أبرزها:
- تعزيز الانتشار العسكري: زيادة عدد القوات في منطقة القيادة الوسطى، وهي المنطقة التي تقع فيها جنين وقباطية.
- مواصلة العمليات الهجومية: الاستمرار في المداهمات والاعتقالات، وتنفيذ عمليات استخباراتية مكثفة.
- إغلاق منزل المنفذ وهدمه: إكمال إجراءات إغلاق منزل منفذ العملية، والبدء في هدمه كجزء من سياسة العقاب الجماعي.
- تحسين جمع المعلومات الاستخباراتية: التركيز على تطوير القدرات الاستخباراتية لرصد الأنشطة المشبوهة، وتحديد هوية المتورطين في العمليات.
- التنسيق الأمني: التأكيد على ضرورة العمل بشكل منسق بين مختلف الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.
التركيز على قباطية: حصار وحملة اعتقالات
بعد عملية إطلاق النار، تحولت بلدة قباطية جنوب جنين إلى مركز الاهتمام الإسرائيلي. فرض الجيش الإسرائيلي طوقًا عسكريًا مشددًا على البلدة، وحظر التجول، وأطلق حملة اعتقالات واسعة النطاق. هذه الإجراءات تهدف إلى الضغط على السكان المحليين، وجمع معلومات حول منفذي العملية، وردع أي محاولات أخرى مماثلة.
الإجراءات الميدانية في قباطية
تضمنت الإجراءات الميدانية في قباطية ما يلي:
- المداهمات المكثفة: اقتحام المنازل بشكل عشوائي، وتفتيشها، وتخريبها.
- الاعتقالات التعسفية: اعتقال العشرات من الفلسطينيين، بمن فيهم النساء والأطفال، دون توجيه اتهامات واضحة.
- التهجير القسري: إجبار بعض العائلات على ترك منازلها، وتحويلها إلى ثكنات عسكرية.
- تدمير البنية التحتية: جرف الشوارع الرئيسية والفرعية، وتدمير الممتلكات العامة والخاصة.
- قطع الخدمات الأساسية: قطع التيار الكهربائي عن عدة أحياء سكنية، مما تسبب في معاناة كبيرة للسكان.
- عمليات المسح الهندسي: إجراء عمليات مسح هندسي للمنازل تمهيدًا لهدمها.
تحول في الاستراتيجية الإسرائيلية: التعامل مع “العمل الفردي”
أشار رئيس الأركان زامير إلى أن “سمات المرحلة الحالية تتمثل في منفذين يعملون بشكل فردي ومقيمين بصورة غير قانونية”. هذا يشير إلى تحول في الاستراتيجية الإسرائيلية، حيث تركز بشكل أكبر على التعامل مع ما تسميه “العمليات الفردية” التي لا تخضع لقيادة تنظيمية واضحة.
تطوير القدرات الاستخباراتية وتطبيق القانون
في هذا السياق، دعا زامير إلى:
- تشديد تطبيق القانون: معاقبة أي شخص يساهم في نقل أو تشغيل منفذي العمليات.
- تطوير القدرات الاستخباراتية: تحسين القدرة على رصد الأفراد المشبوهين، وتحديد هويتهم، وتتبع تحركاتهم.
- التركيز على الرصد الاستباقي: منع العمليات قبل وقوعها، من خلال جمع المعلومات الاستخباراتية وتحليلها.
هذا التحول في الاستراتيجية يعكس اعترافًا إسرائيليًا بصعوبة القضاء على المقاومة الفلسطينية بشكل كامل، وضرورة التركيز على تقليل الأضرار ومنع التصعيد. العمليات العسكرية في قباطية هي جزء من هذا الجهد، وتهدف إلى إرسال رسالة ردع قوية للفلسطينيين.
تداعيات التصعيد وأفق الحل
التصعيد الأمني الإسرائيلي في الضفة الغربية، وخاصة في قباطية، له تداعيات خطيرة على الأوضاع الإنسانية والأمنية. تزايد الاعتقالات، وتدمير المنازل، وفرض القيود على الحركة، يزيد من معاناة الفلسطينيين، ويؤجج التوتر في المنطقة.
من المهم الإشارة إلى أن هذه الإجراءات لا تعالج الأسباب الجذرية للصراع، بل إنها تزيد من تعقيده. الحل الوحيد المستدام يكمن في تحقيق سلام عادل وشامل، يضمن حقوق الفلسطينيين، ويضع حدًا للاحتلال الإسرائيلي. في الوقت الحالي، يبدو هذا الهدف بعيد المنال، في ظل استمرار التصعيد، وغياب أي مبادرة جادة لإنقاذ عملية السلام. مستقبل العمليات العسكرية في قباطية، والضفة الغربية بشكل عام، يعتمد على التطورات السياسية والأمنية القادمة.
الكلمات المفتاحية: العمليات العسكرية في قباطية، الضفة الغربية، الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، الاعتقالات، هدم المنازل، التوتر الأمني، فلسطين، إسرائيل.
