في الأسبوع المقبل، تشهد العلاقات الإسرائيلية الأمريكية تطوراً هاماً، حيث من المقرر أن يتوجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في منتجعه “مار آ لاغو” بفلوريدا. هذه الزيارة ليست مجرد لقاء دبلوماسي روتيني، بل تحمل في طياتها تداعيات كبيرة على مستقبل السياسة الإسرائيلية، وعلى رأسها توقيت الانتخابات، بالإضافة إلى ملفات إقليمية حساسة. التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن نتائج هذه المحادثات ستكون حاسمة في تحديد مسار الأحداث القادمة، وربما الإسراع في إجراء انتخابات عامة.
زيارة نتنياهو لواشنطن: محطة فاصلة في السياسة الإسرائيلية
تأتي زيارة نتنياهو في ظل وضع سياسي داخلي معقد في إسرائيل. فالائتلاف الحاكم يواجه تحديات جمة، أبرزها الخلافات حول قانون تجنيد الحريديين، الذي يهدد بتفكك الحكومة. وبالتالي، فإن أي دعم سياسي أو أمني يحصل عليه نتنياهو من ترامب قد يمنحه دفعة قوية لتعزيز موقفه الداخلي واتخاذ قرارات مصيرية، بما في ذلك تحديد موعد الانتخابات.
التقارير الإسرائيلية ترجح أن نتنياهو قد يعود من الولايات المتحدة بخطة عمل واضحة المعالم، تتضمن جداول زمنية سياسية وأمنية، مما سيؤثر بشكل مباشر على المشهد السياسي الإسرائيلي المتوتر. هذه الخطة قد تكون نتيجة لمساومات واتفاقات مع الإدارة الأمريكية، وتهدف إلى تحقيق الاستقرار السياسي في إسرائيل، أو على الأقل، إدارة الأزمة القائمة بشكل أفضل.
القضايا الإقليمية على طاولة المفاوضات
لن تقتصر محادثات نتنياهو وترامب على الشأن الداخلي الإسرائيلي، بل ستشمل أيضاً مجموعة واسعة من القضايا الإقليمية الملحة. في مقدمة هذه القضايا، ملف غزة والانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاقات المتعلقة بها. من المتوقع أن يبحث الجانبان آليات التنفيذ والتحديات المحتملة، وكيفية ضمان استمرار الهدوء وتجنب التصعيد.
إلى جانب ذلك، سيشكل ملف إيران محوراً رئيسياً للمناقشات. التقارير تتحدث عن بحث إمكانية تنفيذ ضربة عسكرية إسرائيلية ضد البرنامج النووي الإيراني، أو منح الدبلوماسية فرصة جديدة لإحياء الاتفاق النووي. من الواضح أن إسرائيل تنظر إلى البرنامج النووي الإيراني على أنه تهديد وجودي، وتسعى إلى الحصول على دعم أمريكي كامل للتعامل معه.
التهديدات الأمنية في لبنان وسوريا
لن يغفل اللقاء أيضاً عن التهديدات الأمنية المتزايدة في المنطقة، وعلى رأسها إعادة بناء قوة حزب الله في جنوب لبنان. من المتوقع أن يبحث نتنياهو مع ترامب إمكانية تنفيذ عملية عسكرية أخرى في لبنان، بهدف تقويض قدرات الحزب ومنع استخدامه كأداة لزعزعة الاستقرار الإقليمي.
بالإضافة إلى ذلك، ستتناول المحادثات العلاقة بين إسرائيل وسوريا، والبحث عن إمكانية تحقيق اختراق دبلوماسي أو أمني. الرئيس ترامب أبدى اهتماماً شخصياً بهذا الملف، ويسعى إلى التوصل إلى اتفاق يضمن الأمن والاستقرار في المنطقة.
العفو عن نتنياهو: هل يتدخل ترامب؟
في ظل الإجراءات القانونية التي يواجهها نتنياهو في إسرائيل، قد تطفو على السطح قضية العفو من جديد. التقارير تشير إلى أن ترامب قد يحاول ممارسة ضغوط جديدة لدفع مسار العفو قدماً، في محاولة لإنقاذ حليف سياسي قديم.
هذا الأمر قد يثير جدلاً واسعاً في إسرائيل، حيث يرى البعض أن تدخل ترامب في الشأن القضائي الإسرائيلي يعتبر تدخلاً سافراً في السيادة. ومع ذلك، فإن نتنياهو قد يكون في حاجة ماسة إلى دعم ترامب، خاصة إذا كان يخشى أن تؤدي الإجراءات القانونية إلى سقوطه السياسي.
تأثير الزيارة على مستقبل الحكومة الإسرائيلية
الخلاصة التي تتفق عليها الأوساط السياسية الإسرائيلية هي أن زيارة نتنياهو إلى واشنطن ستكون حاسمة في تحديد مستقبل الحكومة الإسرائيلية والجدول الزمني للانتخابات. إذا تمكن نتنياهو من تحقيق إنجازات سياسية أو أمنية ملموسة، فقد يعود إلى إسرائيل وهو أكثر قوة وثقة، ويتمكن من تجاوز الأزمة الداخلية وتأجيل الانتخابات.
ولكن، إذا لم يحصل على الدعم الكافي من ترامب، أو إذا تعثرت المفاوضات في أي من القضايا المطروحة، فقد يجد نفسه مضطراً إلى حل الكنيست والإعلان عن انتخابات عامة في أقرب وقت ممكن.
وبالفعل، فإن قانون تجنيد الحريديين يمثل نقطة ضعف رئيسية للحكومة. فحزب “أغودات يسرائيل” يعتزم التصويت ضد القانون الذي طرحه رئيس لجنة الخارجية والأمن، مما يزيد من هشاشة الائتلاف. وفي ظل هذا الوضع، فإن أي تعثر في التشريع يعني أن الهوامش الزمنية تتقلص بسرعة، وهو ما يجعل لقاء نتنياهو وترامب أكثر أهمية من أي وقت مضى. الجميع ينتظرون بفارغ الصبر ما ستحمله هذه الزيارة من تطورات، وما إذا كانت ستشكل نقطة تحول في السياسة الإسرائيلية والإقليمية. السياسة الإسرائيلية على مفترق طرق، ونتائج هذه الزيارة ستحدد المسار الذي ستسلكه.