كشفت تقارير إخبارية إسرائيلية في الرابع والعشرين من ديسمبر عام 2025 عن تناقض صارخ بين التصريحات العلنية لرئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، حول استمرار ولاية حكومته، وبين توجيهاته السرية لمستشاريه بالتحضير الفوري لسيناريو حل الكنيست وإجراء انتخابات مبكرة. هذا التطور يثير تساؤلات حول الاستقرار السياسي في إسرائيل ويضع مصير الحكومة الراهنة على المحك. التحضير للانتخابات المبكرة، على الرغم من النفي الرسمي، يشير إلى حالة من عدم اليقين والتخطيط للطوارئ.
نتنياهو بين التصريحات العلنية والتحضير السري للانتخابات المبكرة
على الرغم من التأكيدات المتكررة من نتنياهو لوزرائه بأن الانتخابات ستجرى في موعدها القانوني المحدد في أكتوبر 2026، وأن الميزانية سيتم إقرارها، إلا أن مصادر إعلامية إسرائيلية كشفت عن أمر مختلف تمامًا. موقع “واينت” العبري أكد أن نتنياهو أمر مقربيه بتشكيل فريق عمل متخصص لقيادة الحملة الانتخابية لحزب “الليكود”. هذه الخطوة الاستباقية تشير بوضوح إلى توقعات بتقديم موعد الانتخابات بحوالي أربعة أشهر، مما يستدعي إجراء انتخابات تمهيدية داخل الحزب في أقرب وقت ممكن.
هذا التناقض يثير العديد من التساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء هذا التحضير السري. هل يعكس ذلك قلقًا حقيقيًا من عدم القدرة على تمرير الميزانية أو قانون التجنيد؟ أم أنه جزء من مناورة سياسية تهدف إلى الضغط على الأطراف الأخرى في الائتلاف؟
أزمة التجنيد الإلزامي: المحرك الرئيسي للارتباك السياسي
تعتبر أزمة قانون “إعفاء الحريديين من الخدمة العسكرية” المحرك الرئيسي لهذا الارتباك السياسي المتزايد. يواجه نتنياهو ضغوطًا هائلة من جهتين:
معارضة داخلية في الليكود
هناك معارضة واسعة داخل حزب “الليكود” نفسه لصيغة القانون المقترحة، حيث يرى البعض أنها غير عادلة أو أنها قد تؤدي إلى تفاقم الانقسامات في المجتمع الإسرائيلي. هذه المعارضة الداخلية تعقد مهمة نتنياهو في الحفاظ على وحدة الحزب وتوحيد الصفوف.
تهديد ائتلافي من الأحزاب الحريدية
في الوقت نفسه، تهدد الأحزاب الحريدية بتعطيل القوانين والميزانية في حال عدم إقرار قانون التجنيد الذي يلبي مطالبهم. هذا التهديد الائتلافي يضع نتنياهو في موقف صعب للغاية، حيث يخشى من أن يؤدي الاستسلام لمطالب الحريديين إلى فقدان دعم قطاعات واسعة من المجتمع.
ونقلت مصادر عن مسؤول رفيع المستوى أن نتنياهو يسعى جاهدًا للحفاظ على “وحدة الصف والطاعة” داخل الحكومة من خلال نفي أي توجه نحو إجراء انتخابات مبكرة، وذلك لتجنب ظهور أي علامات على “انهيار الائتلاف”. ومع ذلك، فإن الواقع داخل الليكود يشير إلى حالة استنفار تنظيمية كاملة.
سيناريوهات موعد الانتخابات: يونيو أم سبتمبر؟
وفقًا لـ “القناة 12” العبرية، يتردد نتنياهو بين موعدين محتملين للانتخابات: يونيو المقبل (مما يعني حل الكنيست في مارس)، أو سبتمبر. ويبدو أن هناك ميلًا واضحًا نحو الموعد الأبكر، وذلك بسبب الانسداد الكامل في ملفي الميزانية والتجنيد، بالإضافة إلى تزايد حدة الاعتقالات في صفوف الحريديين الرافضين للخدمة العسكرية، مما أدى إلى حالة من الشلل التشريعي داخل الكنيست. الانتخابات المبكرة قد تكون الحل الوحيد لكسر هذا الجمود السياسي.
الوضع الحالي يعكس حالة من عدم الاستقرار السياسي المتزايد في إسرائيل. الخلافات العميقة حول قضايا أساسية مثل التجنيد الإلزامي والميزانية تهدد بتقويض أسس الائتلاف الحكومي.
نفي رسمي من الليكود
في المقابل، أصدر حزب “الليكود” بيانًا رسميًا وصف فيه الأنباء حول تقديم موعد الانتخابات بأنها “كاذبة بالمطلق”. وأكد البيان أن الحكومة ستكمل ولايتها وستنجح في تمرير الميزانية وقانون التجنيد في الموعد المحدد. هذا النفي الرسمي يبدو محاولة لتهدئة الأوضاع واستعادة الثقة في الحكومة. الليكود يسعى لإظهار صورة الاستقرار على الرغم من التحديات الداخلية والخارجية.
ومع ذلك، فإن هذه التصريحات الرسمية لا تنفي حقيقة التحضير السري للانتخابات المبكرة، ولا تعالج الأسباب الجذرية للأزمة السياسية. العديد من المراقبين السياسيين يرون أن هذا النفي هو مجرد محاولة لكسب الوقت وتجنب الاعتراف بالفشل في إدارة الأزمة. الاستقرار السياسي في إسرائيل يبدو هشًا للغاية في ظل هذه الظروف.
في الختام، الوضع السياسي في إسرائيل يشهد تطورات متسارعة ومثيرة للقلق. على الرغم من النفي الرسمي، فإن التحضير السري للانتخابات المبكرة يشير إلى أن الحكومة قد تكون على وشك الانهيار. أزمة التجنيد الإلزامي هي المحرك الرئيسي لهذا الارتباك، وتضع نتنياهو في موقف صعب للغاية. من الضروري متابعة هذه التطورات عن كثب، حيث أنها قد يكون لها تداعيات كبيرة على مستقبل إسرائيل والمنطقة. نتوقع المزيد من التطورات في الأيام القادمة، وننصحكم بمتابعة آخر الأخبار والتحليلات حول هذا الموضوع.
