في ظل التحديات الراهنة التي تواجه القضية الفلسطينية، أصدر الرئيس محمود عباس، يوم الأربعاء الموافق 24 ديسمبر 2025، بيانًا صحفيًا هامًا يؤكد على أهمية الوحدة الوطنية والوفاء بتضحيات الشهداء والأسرى. يمثل هذا البيان ردًا مباشرًا على النقاشات المثارة في وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تتضمن في بعض الأحيان تحريضًا وتشويهًا للحقائق. البيان يركز بشكل أساسي على الوفاء بالشهداء والأسرى كأولوية وطنية عليا، ويحدد الإطار القانوني والدستوري للقرارات الصادرة عن الرئيس.
أهمية بيان الرئيس عباس في السياق الفلسطيني الراهن
الوضع الفلسطيني الحالي يتسم بالتعقيد، مع استمرار الاحتلال الإسرائيلي وتداعياته على كافة الأصعدة. في هذا السياق، تأتي رسالة الرئيس عباس لتأكيد الثوابت الوطنية، ورفض أي محاولة لتقويض الوحدة الفلسطينية أو استغلال قضية الشهداء والأسرى لتحقيق مكاسب سياسية ضيقة. البيان يهدف إلى استعادة الثقة في المؤسسات الوطنية، وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة التحديات. كما يشدد على ضرورة الالتزام بالقانون والنظام العام، ورفض أي دعوة للتحريض أو العنف.
الوفاء بالشهداء والأسرى: التزام وطني وأخلاقي
يؤكد الرئيس عباس في بيانه أن الوفاء بالشهداء والأسرى ليس مجرد واجب وطني، بل هو التزام أخلاقي راسخ تجاه أولئك الذين ضحوا بأرواحهم وحريتهم من أجل فلسطين. ويشدد على أن هذا الالتزام لا يخضع للمزايدة أو الاستثمار السياسي، ولا يجوز استخدامه كأداة للتحريض أو إثارة الانقسام. هذا الموقف يعكس حرص القيادة الفلسطينية على الحفاظ على الذاكرة الوطنية، وتقدير تضحيات أبناء الشعب الفلسطيني.
رفض استغلال قضية الأسرى سياسيًا
يشير البيان بوضوح إلى رفض أي محاولة لاستغلال قضية الأسرى في صراعات سياسية داخلية. فالأسرى هم رمز للوحدة الوطنية والصمود، ولا يجوز المساس بكرامتهم أو حقوقهم. القيادة الفلسطينية ملتزمة بتقديم كافة أشكال الدعم للأسرى وعائلاتهم، والسعي لتحقيق إطلاق سراحهم من سجون الاحتلال.
الإطار القانوني والدستوري للقرارات بقانون
يوضح الرئيس عباس أن إصدار القرارات بقانون يقع ضمن صلاحياته الدستورية، ويتم وفقًا لمقتضيات المصلحة الوطنية العليا. ويؤكد على أن هذه القرارات تهدف إلى حماية النظام السياسي الفلسطيني، وضمان استمرارية عمل مؤسسات الدولة، وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني. هذا التوضيح يهدف إلى قطع الطريق على أي محاولة للطعن في شرعية هذه القرارات، أو تحميلها مسؤوليات غير قانونية.
برنامج الإصلاح الوطني الشامل
يشير البيان إلى أن القيادة الفلسطينية تعمل على تنفيذ برنامج إصلاحي وطني شامل، يهدف إلى تطوير وتحديث المنظومة القانونية والمؤسسية لدولة فلسطين. يشمل هذا البرنامج مراجعة وتحديث القوانين الناظمة للحياة السياسية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز مبادئ الحكم الرشيد والشفافية والمساءلة. الإصلاح المؤسسي هو حجر الزاوية في بناء دولة فلسطينية قوية وقادرة على مواجهة التحديات.
دور مؤسسة “تمكين” في برنامج الإصلاح
يؤكد البيان على أن مؤسسة “تمكين” هي مؤسسة وطنية رسمية تعمل على تنفيذ السياسات والقرارات الصادرة وفقًا للقانون. وينفي البيان أي صلاحيات تشريعية أو سياسية للمؤسسة، ويشير إلى أن تحميلها مسؤوليات خارج إطار دورها القانوني هو خلط للأوراق وإضرار بمؤسسة وطنية. هذا التوضيح يهدف إلى حماية المؤسسة من أي حملات تشويه أو افتراء.
تطوير قطاع التعليم وتعزيز الوحدة الوطنية
يشدد البيان على أهمية تطوير قطاع التعليم، ومراجعة وتحديث المناهج التعليمية وفقًا للمعايير الدولية، مع الحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية. ويؤكد على ضرورة تعزيز قيم التسامح واحترام القانون ونبذ العنف والتحريض في المناهج التعليمية. كما يشدد على أهمية الحفاظ على الوحدة الوطنية، وصون السلم الأهلي والمجتمعي، وحماية المؤسسات الشرعية. التعليم الوطني هو أداة قوية لتعزيز الهوية الوطنية الفلسطينية، وتشكيل جيل واع ومسؤول.
دعوة للوحدة والمسؤولية الوطنية
في ختام بيانه، يدعو الرئيس عباس أبناء الشعب الفلسطيني إلى التحلي بروح المسؤولية الوطنية، والالتزام بخطاب عقلاني جامع يحترم القانون والحقائق. ويحثهم على الاحتكام إلى الأطر الشرعية والدستورية، وتغليب المصلحة الوطنية العليا فوق أي اعتبارات أخرى. البيان يختتم بتأكيد العزم على مواصلة النضال المشروع من أجل تحقيق الحرية والاستقلال، وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
الخلاصة، يمثل هذا البيان توجيهًا واضحًا للشعب الفلسطيني، ويؤكد على أهمية الوحدة الوطنية والالتزام بالثوابت الوطنية في مواجهة التحديات الراهنة. كما يحدد الإطار القانوني والدستوري للقرارات الصادرة عن الرئيس، ويشير إلى برنامج الإصلاح الوطني الشامل الذي تتبناه القيادة الفلسطينية. إن الالتزام بتوصيات هذا البيان هو السبيل الأمثل لتحقيق الأهداف الوطنية الفلسطينية، وبناء دولة قوية ومستقرة.
