تعتبر حوادث استئجار السيارات من المشكلات التي تواجهها شركات التأجير بشكل متزايد، وتتطلب حلولاً قانونية لحماية حقوقها. مؤخراً، شهدت المحاكم في دبي قضية مثيرة تتعلق بشركة تأجير سيارات وشخصين من جنسية دولة عربية، انتهت بإلزام الأخيرين بدفع مبلغ يقارب 29 ألف درهم تعويضاً عن أضرار وخسائر نتيجة حادث مروري وتخلى عن السيارة. هذه القضية تسلط الضوء على أهمية الالتزام بشروط عقود إيجار السيارات والمسؤوليات المترتبة عليها.
تفاصيل القضية: حادث وتخلف عن التسليم
بدأت القضية بقيام شركة تأجير سيارات بإقامة دعوى قضائية ضد شخصين من دولة عربية، تطالبهم بسداد مبلغ 28,905 دراهم بالإضافة إلى الرسوم القانونية وأتعاب المحاماة والفائدة. تفاصيل القضية تعود إلى شهر سبتمبر 2024، عندما استأجر المدعى عليهما سيارة فارهة من طراز “رنج روفر” لمدة أربعة أيام فقط.
كان العقد، كبقية عقود إيجار السيارات، واضحاً بشأن التزامات الطرفين. تضمن العقد إعادة السيارة في نفس الحالة التي تم تسليمها بها، وتحمل المسؤولية الكاملة عن أي أضرار ناتجة عن سوء الاستخدام أو الحوادث. إلا أن الشركة تفاجأت بعد انتهاء مدة الإيجار بعدم إعادة السيارة، وغياب أي اتصال أو إخطار بوقوع حادث.
بعد جهود بحث مضنية، تم العثور على السيارة متروكة في أحد الشوارع، وهي تحمل تلفيات واضحة في مقدمتها. قامت الشركة فوراً بإبلاغ الشرطة لإثبات الحالة.
تداعيات الحادث وغياب تقرير الشرطة
أدى غياب تقرير حادث رسمي من الشرطة إلى رفض شركة التأمين تغطية الأضرار، مما اضطر شركة التأجير إلى تحمل تكلفة الإصلاح بالكامل. بلغت فاتورة الإصلاح ما يقارب 15 ألف درهم، بالإضافة إلى متأخرات الإيجار، وغرامة الإخلال بالعقد، ورسوم عبور بوابات “سالك”، ورسوم إعادة السيارة بخزان وقود فارغ.
وبسبب عدم تمكن الشركة من التواصل مع المستأجرين، اضطرت إلى اللجوء إلى القضاء للمطالبة بمستحقاتها. تم إحالة النزاع إلى مكتب إدارة الدعوى، قبل أن تقرر المحكمة الاستعانة بخبير حسابي لتحديد قيمة الديون المستحقة بشكل دقيق.
قرار المحكمة وأهمية العقد
بعد فحص دقيق للعقد والمستندات وتقارير الشرطة وفواتير الإصلاح، توصل الخبير إلى أن العلاقة التعاقدية صحيحة وقائمة، وأن الأضرار التي لحقت بالمركبة ثابتة، وأن مسؤولية إصلاحها تقع على عاتق المستأجرين وفقاً لشروط العقد وقانون المعاملات المدنية. وقدّر إجمالي الالتزامات المالية للمدعى عليهما بنحو 29 ألف درهم بعد خصم المبلغ الذي تم سداده مسبقاً.
أكدت المحكمة في حيثيات حكمها على مبدأ أساسي في القانون التجاري وهو أن العقد شريعة المتعاقدين. يجب تنفيذ العقد بحسن نية، ليس فقط وفقاً للنصوص الواردة فيه، بل أيضاً وفقاً لما يعد من مستلزماته بموجب القانون والعرف وطبيعة التعامل.
استئجار السيارات والمسؤولية القانونية
يُعد استئجار السيارات حلاً عملياً للعديد من الأفراد والشركات، ولكن من الضروري فهم المسؤوليات القانونية المترتبة على ذلك. تلتزم شركات التأجير بصيانة المركبات وتوفيرها بحالة جيدة، بينما يقع على المستأجر مسؤولية استخدام السيارة بشكل سليم والالتزام بقوانين المرور. بالإضافة إلى ذلك، يجب على المستأجر التأكد من فهم جميع شروط عقود إيجار السيارات قبل التوقيع عليها، بما في ذلك بنود التأمين والمسؤولية عن الأضرار.
وشددت المحكمة على أن تقدير أعمال الخبرة يقع ضمن صلاحياتها، طالما أنها تقتنع بسلامة التقرير واتساقه مع الأدلة المقدمة. كما أشارت المحكمة إلى أن تخلف المدعى عليهما عن الحضور لا يؤثر على صحة الإجراءات، طالما تم إعلانهما قانوناً.
خلاصة وتوصيات
هذه القضية بمثابة تذكير بأهمية الالتزام بشروط عقود إيجار السيارات وحماية حقوق جميع الأطراف. يجب على المستأجرين توخي الحذر أثناء استخدام السيارة، والإبلاغ الفوري عن أي حادث، والتعاون مع شركة التأجير في إجراءات التحقيق والإصلاح.
من ناحية أخرى، يجب على شركات التأجير التأكد من أن عقودها واضحة ومفصلة، وتغطي جميع الاحتمالات المحتملة، بما في ذلك الحوادث والأضرار والتخلف عن التسليم. وفي حال وقوع أي نزاع، يجب اللجوء إلى القضاء لحماية حقوقها.
ننصح دائماً بقراءة وفهم بنود العقد جيداً قبل التوقيع، والاحتفاظ بنسخة منه، والتأكد من وجود تأمين شامل يغطي جميع المخاطر المحتملة. إذا كنت تفكر في استئجار سيارة، فتأكد من اختيار شركة تأجير ذات سمعة طيبة وتقديم خدمة عملاء ممتازة.
وتعد الاستشارة القانونية ضرورية في حال وقوع أي حادث أو خلاف لضمان الحصول على حقوقك بشكل كامل.
