في أجواء حزينة خيمت على المدينة المنورة والمملكة العربية السعودية، أُعلن مساء يوم الاثنين الموافق 22 ديسمبر 2025 عن وفاة الشيخ الجليل فيصل بن عبدالملك نعمان، مؤذن المسجد النبوي الشريف. نبأ الوفاة أثار موجة من الحزن والتأثر بين جموع المصلين والمحبين، الذين فقدوا صوتاً عذباً لطالما أذن لهم وأيقظهم لذكر الله. هذا المقال يسلط الضوء على تفاصيل الوفاة، مسيرة الشيخ، وإرثه العائلي العريق في خدمة الحرمين الشريفين.
سبب وفاة الشيخ فيصل بن عبدالملك نعمان
تداولت وسائل الإعلام المحلية والأخبار المتواترة عبر منصات التواصل الاجتماعي خبر وفاة الشيخ فيصل بن عبدالملك نعمان، مؤذن المسجد النبوي الشريف. ووفقاً لمصادر إعلامية موثوقة، فإن سبب الوفاة يعود إلى وعكة صحية مفاجئة ألمت بالشيخ في الفترة الأخيرة. وقد استدعت حالته الصحية نقله إلى المستشفى في المدينة المنورة لتلقي العلاج والرعاية اللازمة.
في البداية، أظهرت الفحوصات الطبية تحسناً طفيفاً في صحة الشيخ، مما أثار آمالاً في تعافيه. ولكن، سرعان ما تدهورت حالته الصحية بشكل ملحوظ وسريع خلال الساعات الماضية، ليُعلن عن وفاته رسمياً مساء اليوم، رحمه الله. وقد تلقى الشيخ زيارات واهتمام من المسؤولين في الشؤون الدينية، حيث قام رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي، الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، بالاتصال به للاطمئنان على صحته وقدم له تحيات ودعوات بالشفاء العاجل قبيل وفاته.
من هو الشيخ فيصل بن عبدالملك نعمان؟
الشيخ فيصل بن عبدالملك نعمان ليس مجرد مؤذن، بل هو رمز من رموز التراث الديني في المدينة المنورة. ينتمي إلى عائلة عريقة، “آل نعمان”، التي ارتبط اسمها بمآذن المسجد النبوي الشريف لأكثر من قرن. يمثل الشيخ جيلاً شاباً حافظ على أصالة الأذان وأصالته، ونقل هذا الإرث العظيم إلى الأجيال القادمة.
النشأة والتعليم
ولد الشيخ فيصل في قلب المدينة المنورة، وترعرع في بيئة دينية غنية بالقيم الإسلامية. تلقى تعليمه الأولي في مدارس المدينة، ثم أكمل دراسته الجامعية في جامعة طيبة، حيث حصل على شهادته الجامعية. منذ صغره، غرس والده وجده حب الأذان وتعليمه، فبدأ تدريبه على يد الشيخ عبدالملك نعمان (والده) والشيخ مصطفى نعمان (جده، ريس المؤذنين سابقاً)، وتعلم مخارج الحروف والمقامات الحجازية المدنية.
المسيرة المهنية في الأذان
بدأ الشيخ فيصل مسيرته في الأذان من خلال رفع الأذان في العديد من المساجد في المدينة المنورة، لاكتساب الخبرة والمهارة. في عام 1438هـ (2017م)، صدر قرار بتعيينه مؤذناً رسمياً في المسجد النبوي الشريف، ليصبح جزءاً من كوكبة المؤذنين الشباب الذين تم اختيارهم بعناية لضخ دماء جديدة في هذا المقام الرفيع. يتميز أسلوبه في الأذان بالوقار والخشوع والمدود الهادئة، ملتزماً بالمدرسة “المدنية” الأصيلة في الأذان.
إرث عائلة آل نعمان في خدمة المسجد النبوي
تعتبر عائلة آل نعمان من الركائز الأساسية في تاريخ الأذان في الحرم النبوي الشريف. فقد قدمت العائلة أجيالاً من المؤذنين الذين أثروا المسجد النبوي بأصواتهم العذبة وإخلاصهم في العمل.
- الشيخ مصطفى بن عثمان نعمان: الجد الأكبر، الذي شغل منصب ريس المؤذنين في عهد الملك سعود (عام 1378هـ) واستمر في هذا المنصب لسنوات طويلة.
- الشيخ عبدالملك بن مصطفى نعمان: والد الشيخ فيصل، الذي خدم كمؤذن للمسجد النبوي لسنوات عديدة، ونقل خبرته إلى ابنه.
- الشيخ عصام بن عبدالملك نعمان: شقيق الشيخ فيصل، وهو أيضاً مؤذن في المسجد النبوي، مما يجعل العائلة فريدة بوجود شقيقين يؤذنان في نفس المسجد.
مهام الشيخ فيصل الأخرى
لم يقتصر عمل الشيخ فيصل بن عبدالملك نعمان على الأذان فقط، بل كان له دور فعال في مجالات أخرى. فهو يعمل في القطاع التعليمي بالمدينة المنورة، حيث يقوم بتعليم الأجيال القادمة. كما يشارك بفاعلية في اللقاءات والمناسبات الدينية التي تنظمها رئاسة الشؤون الدينية للمسجد الحرام والمسجد النبوي. بالإضافة إلى ذلك، فهو عضو فاعل في المبادرات المجتمعية التي تهدف إلى خدمة زوار المسجد النبوي وتوفير كافة سبل الراحة لهم.
صفات الشيخ فيصل الشخصية
كان الشيخ فيصل معروفاً بين أهالي المدينة المنورة وزوارها بالتواضع الشديد وحسن الخلق. كان ملتزماً بجدول الأذان بشكل كامل، ويشارك في تغطية الجنائز والصوات المكتوبة. كما كان يتمتع بصوت رخيم وعذب يذكر المصلين بجيل المؤذنين القدامى. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
في الختام، فقدت الأمة الإسلامية صوتاً ندياً من أصوات الأذان في المسجد النبوي الشريف. الشيخ فيصل بن عبدالملك نعمان سيظل في ذاكرة محبيه ومحبيه كرمز للإخلاص والتفاني في خدمة الدين والوطن. نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه الفردوس الأعلى. لا تنسوا الدعاء له ولأسرته بالصبر والسلوان.
