كشفت هيئة البثّ العبرية (“كان 11”) عن تفاصيل جديدة ومقلقة تتعلق باقتحام حماس لمستوطنات غلاف غزة في السابع من أكتوبر 2023. التقرير، الذي نشر مساء الخميس، يشير إلى أن أجهزة الأمن الإسرائيلية تلقت معلومات استخباراتية مسبقة قبل يوم واحد من الهجوم، تفيد باحتمالية شنّ حماس عملية عسكرية تندرج ضمن ما أطلقوا عليه “عملية صباحية”. هذه التفاصيل تثير تساؤلات جدية حول مدى الاستعداد الإسرائيلي للهجوم، وكيف تم التعامل مع هذه التحذيرات. التحقيق في إخفاقات 7 أكتوبر يزداد أهمية مع الكشف عن هذه المعلومات الجديدة، ويصب في قلب الجدل الدائر حول مسؤولية الفشل.
معلومات استخباراتية مسبقة حول “عملية صباحية”
وفقًا لتقرير “كان 11″، وردت معلومات استخباراتية، خلال مهمة نفذت في سماء غزة قبل يوم من الهجوم، تشير إلى أن حماس كانت تخطط لـ “عملية صباحية” في اليوم التالي، أي يوم السابع من أكتوبر. لم تكن المعلومات واضحة تمامًا، لكنها كانت كافية لإثارة الشكوك وتحذير القيادة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي. المهمة التي جمعت هذه المعلومات كانت مرتبطة بمساعي إسرائيل للعثور على جثة أفراهام ماغنيستو، الذي يعتقد أنه محتجز في نفق بقطاع غزة.
تفاصيل المهمة والتقييم الأولي
ركزت مهمة الجيش الإسرائيلي في السادس من أكتوبر على جمع معلومات حول حراس النفق الذي يُعتقد أن جثة ماغنيستو موجودة فيه. المعلومات التي تم الحصول عليها، على الرغم من عدم وضوحها الكامل، أثارت بالفعل علامات استفهام حول نوايا حماس. بناءً على هذا، تم إبلاغ القيادة الجنوبية بالجيش الإسرائيلي. ومع ذلك، ورد في التقرير أن القيادة الجنوبية قيمت هذه المعلومات على أنها مجرد مناورة محتملة من قبل حماس، ولم تتخذ الإجراءات اللازمة للاستعداد لهجوم وشيك. هذا التقييم الأولي، والذي يبدو الآن مثيرًا للدهشة، يضاف إلى قائمة الأخطاء التي يُعتقد أنها ساهمت في نجاح عملية حماس.
اختفاء وثائق المهمة وتصاعد الجدل
يثير الأمر دهشة كبيرة أن وثائق هذه المهمة والتحقيق المرتبط بها، لا تظهر في سجلات الجيش الإسرائيلي. إضافة إلى ذلك، لم يتم تضمينها في التحقيقات التي فحصت الأحداث التي سبقت الهجوم مباشرة. هذا الغياب الملحوظ للوثائق يثير تساؤلات حول ما إذا كان هناك محاولات لإخفاء أو التقليل من شأن المعلومات التي تم الحصول عليها، أو عن أسباب عدم تضمينها في التحقيقات الرسمية.
في سياق متصل، دعت المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية، غالي بهاراف ميارا، إلى تعليق تقارير مراقب الدولة حول فشل 7 أكتوبر، وذلك لحين اتخاذ الحكومة قرارًا نهائيًا بشأن آلية التحقيق المطلوبة والجدول الزمني لتنفيذها. جاء هذا الطلب ردًا على التماس قدم إلى المحكمة الإسرائيلية العليا يتعلق بتقارير مراقب الدولة، والذي يهدف إلى التأكد من إجراء تحقيق شامل ومستقل في ملابسات الهجوم.
خلاف حول آلية التحقيق وتسييس العملية
لقد أثار مسعى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وحكومته لتشكيل لجنة تحقيق غير رسمية ومسيّسة عبر تشريع خاص، انتقادات واسعة. يرى الكثيرون أن هذه الخطوة تهدف إلى التحكم في نتائج التحقيق وتجنب تحميل المسؤولية على الأطراف المتورطة. في المقابل، يركز فحص مراقب الدولة حتى الآن على أداء الجهات المهنية المختلفة، بما في ذلك الأجهزة الأمنية والمؤسسات التنفيذية، وهو ما يعتبره البعض أكثر حيادية وشفافية.
الخلاف حول آلية التحقيق يعكس حالة الانقسام السياسي والتوتر الداخلي في إسرائيل، ويزيد من صعوبة الوصول إلى حقيقة ما جرى في السابع من أكتوبر. فالتحقيق الشامل والمستقل هو ضرورة حتمية لكشف الحقيقة ومحاسبة المسؤولين، ومنع تكرار مثل هذه الكارثة في المستقبل. يعد هذا الأمر بالغ الأهمية لاستعادة ثقة الجمهور في المؤسسات الأمنية والحكومية.
تداعيات المعلومات الجديدة ومستقبل التحقيق
إن الكشف عن هذه المعلومات الاستخباراتية المسبقة حول هجوم حماس يضع ضغوطًا إضافية على الحكومة الإسرائيلية والجيش لتقديم تفسيرات واضحة حول سبب عدم الاستعداد للهجوم. كما يجدد المطالبات بإجراء تحقيق مستقل وشامل، يهدف إلى كشف جميع الحقائق وتحديد المسؤوليات. من الواضح أن التحقيق في إخفاقات السابع من أكتوبر سيستمر في التطور، مع ظهور معلومات جديدة وإضافة تعقيدات إلى المشهد.
يجب أن يشمل التحقيق فحصًا دقيقًا لسجلات الجيش الإسرائيلي، والتحقيق في أسباب اختفاء وثائق المهمة الاستخباراتية، وتقييم دقيق لعمليات اتخاذ القرار في القيادة الجنوبية. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يراعي التحقيق السياقات السياسية والاجتماعية التي أدت إلى هذه الإخفاقات، من أجل تقديم توصيات فعالة لمنع تكرارها في المستقبل. مستقبل التحقيق، والمخرجات المنتظرة منه، سيكون له تأثير كبير على المشهد السياسي والأمني في إسرائيل.
يتطلب فهم الأسباب الحقيقية وراء الفشل الاستخباري والأمني في 7 أكتوبر شفافية ومساءلة، وهو ما يطالب به الرأي العام ويدعمه بعض المسؤولين القانونيين في إسرائيل. هذه ليست مجرد قضية داخلية إسرائيلية، بل لها تداعيات إقليمية ودولية كبيرة.
