تعتبر مدينة دبي رائدة في تبني التقنيات الحديثة في مختلف القطاعات، ومن بين هذه القطاعات، قطاع الطرق والمواصلات الذي يشهد تطورات مستمرة تهدف إلى تحسين جودة الحياة لسكانها وزوارها. في خطوة تعكس هذا التوجه، بدأت هيئة الطرق والمواصلات في دبي (RTA) بتشغيل تجريبي لتقنية جديدة ومبتكرة في تنظيف الإشارات الضوئية، وهي استخدام الطائرات بدون طيار (الدرون). هذه المبادرة ليست مجرد تحديث لعمليات الصيانة، بل هي استثمار في مستقبل أكثر أمانًا واستدامة لحركة المرور في الإمارة.
هيئة الطرق والمواصلات في دبي تطلق تجربة الدرون لتنظيف الإشارات الضوئية
تأتي هذه التجربة في إطار سعي الهيئة الدائم نحو تطوير عملياتها التشغيلية، وتوظيف الحلول الذكية التي تتماشى مع رؤيتها المستقبلية. يهدف هذا التوجه إلى تعزيز كفاءة استخدام الموارد، وتحقيق أعلى مستويات السلامة المرورية لجميع مستخدمي الطريق. إن استخدام الدرون في تنظيف الإشارات الضوئية يمثل نقلة نوعية في طريقة إدارة وصيانة البنية التحتية المرورية في دبي.
دوافع تبني تقنية الدرون
لم يكن اختيار الدرون عشوائيًا، بل جاء بناءً على دراسة متأنية لمزايا هذه التقنية مقارنة بالطرق التقليدية. تشمل هذه المزايا:
- تعزيز السلامة: الاستغناء عن استخدام الرافعة (Manlift) يقلل بشكل كبير من المخاطر التي يتعرض لها العاملون في عمليات الصيانة.
- خفض التكاليف التشغيلية: الحد من استخدام المعدات الثقيلة يترجم إلى توفير مالي ملحوظ.
- الاستدامة البيئية: تقليل استهلاك الوقود والمياه، وخفض الانبعاثات الضارة، يساهم في تحقيق أهداف الاستدامة التي تتبناها دبي.
نتائج التشغيل التجريبي الأولية وتقييم الأداء
أكد المهندس عبدالله علي لوتاه، مدير إدارة صيانة الطرق ومنشآتها في مؤسسة المرور والطرق بهيئة الطرق والمواصلات، أن المرحلة التجريبية شملت مقارنة دقيقة بين أداء الدرون والطريقة التقليدية في صيانة الإشارات المرورية. تم التركيز على ثلاثة جوانب رئيسية: الزمن المستغرق، التكلفة الإجمالية، وجودة التنفيذ، بالإضافة إلى الالتزام بمعايير السلامة.
تفاصيل المرحلة التجريبية
تم تنفيذ التجارب الأولية على تقاطع حيوي يربط بين شارع مراكش وشارع الرباط. خلال هذه المرحلة، تم اتخاذ إجراءات سلامة مشددة، بما في ذلك إغلاق مروري محدود، لضمان عدم تأثر حركة المرور. وقد أظهرت النتائج الأولية تفوقًا واضحًا لتقنية الدرون.
- توفير في الوقت: أظهرت النتائج انخفاضًا في الزمن التشغيلي يتراوح بين 25% و 50%، حيث يستطيع الدرون إنجاز تنظيف جهة واحدة من الإشارة الضوئية في مدة تتراوح بين 3 و 4 دقائق فقط.
- توفير في التكاليف: تشير التقديرات إلى انخفاض في التكلفة التشغيلية بنسبة تصل إلى 15% مقارنة بالطريقة التقليدية، ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 25% مع استخدام تقنيات الدرون الأكثر تطورًا.
- جودة التنظيف: لم يتم ذكر أي تراجع في جودة التنظيف بل على العكس، قد تكون هناك تحسينات بسبب الدقة التي يوفرها الدرون.
خطط هيئة الطرق والمواصلات المستقبلية لتوسيع استخدام الدرون
تؤكد هيئة الطرق والمواصلات على استمرارية التشغيل التجريبي لتقنية الدرون، بهدف جمع المزيد من البيانات وتحسين كفاءة استخدامها في أعمال الصيانة. خلال المرحلة القادمة، سيتم التركيز على تطوير آلية تنفيذ التنظيف، مع إعطاء الأولوية القصوى لضمان أعلى مستويات السلامة، وتجنب أي تأثير سلبي على انسيابية الحركة المرورية.
الاستفادة من الدرون في مجالات أخرى
بالإضافة إلى تنظيف الإشارات الضوئية، تدرس هيئة الطرق والمواصلات إمكانية استخدام الدرون في مجالات أخرى متعلقة بصيانة الطرق والبنية التحتية المرورية. يشمل ذلك:
- فحص الطرق: استخدام الدرون المزود بكاميرات عالية الدقة لفحص حالة الطرق واكتشاف أي تلفيات أو تشققات.
- مراقبة حركة المرور: استخدام الدرون لمراقبة حركة المرور وتحديد نقاط الازدحام.
- الصيانة الوقائية: استخدام الدرون لإجراء الصيانة الوقائية للمنشآت المرورية، مثل الجسور والأنفاق.
دبي نحو مستقبل مروري ذكي ومستدام
إن تبني هيئة الطرق والمواصلات لتقنية الدرون في صيانة الطرق يعكس رؤية دبي الطموحة نحو مستقبل مروري ذكي ومستدام. من خلال الاستثمار في أحدث التقنيات، تسعى الهيئة إلى توفير بيئة مرورية آمنة وفعالة، تساهم في تحسين جودة الحياة لسكان الإمارة وزوارها. هذه الخطوة المبتكرة ليست مجرد تطوير لعمليات الصيانة، بل هي دليل على التزام دبي بالابتكار والتميز في جميع القطاعات. نتوقع أن نرى المزيد من التطبيقات المبتكرة للدرون في المستقبل القريب، مما سيجعل دبي مدينة رائدة في مجال النقل الذكي.
