في تطور لافت للأحداث، أعلنت الخارجية الإسرائيلية رفضها القاطع لقرار غرفة الاستئناف في المحكمة الجنائية الدولية، والذي يتعلق برفض طعن إسرائيل لوقف التحقيق في طريقة إدارتها للحرب على قطاع غزة. هذا القرار، الذي صدر بأغلبية ضئيلة، يثير جدلاً واسعاً حول اختصاص المحكمة وتسييس عملها، ويضع علامة استفهام حول مستقبل التحقيقات الجارية.
رفض إسرائيل لقرار المحكمة الجنائية الدولية بشأن التحقيق في غزة
أعربت الخارجية الإسرائيلية عن رفضها الشديد لقرار غرفة الاستئناف في المحكمة الجنائية الدولية، معتبرةً إياه مثالاً آخر على التسييس المستمر للمحكمة وتجاهلها للحقوق السيادية للدول غير الأطراف في نظام روما الأساسي. وشددت في بيان رسمي صادر يوم الاثنين 15 ديسمبر 2025، على أن إسرائيل لم تتلق إشعاراً مسبقاً كما يقتضي مبدأ التكامل، خاصةً وأنها دولة ديمقراطية تتمتع بنظام قضائي مستقل وقوي.
هذا الرفض يأتي في أعقاب طعن قدمته إسرائيل بهدف وقف التحقيق الذي تجريه المحكمة الجنائية الدولية في طريقة إدارة الحرب على قطاع غزة. وتعتبر إسرائيل أن هذا التحقيق يفتقر إلى الاختصاص القانوني، وأنها تقوم بعمليات عسكرية مشروعة بهدف القضاء على حركة حماس.
تفاصيل قرار المحكمة وتداعياته
رفض قضاة الاستئناف في المحكمة الجنائية الدولية، في وقت سابق من اليوم، الطعن الإسرائيلي، مؤكدين استمرار التحقيق في طريقة إدارة الحرب على قطاع غزة. بالإضافة إلى ذلك، رفضت دائرة الاستئناف الاعتراض الإسرائيلي ضد أوامر الاعتقال الصادرة بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.
هذا يعني أن مذكرات الاعتقال الصادرة عام 2024 بحق نتنياهو وغالانت لا تزال قائمة، وأن التحقيق في التهم الموجهة إليهما سيستمر. وتتعلق هذه التهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، بما في ذلك جريمة التجويع كأسلوب من أساليب الحرب، والقتل، والاضطهاد، وغيرها من الأعمال اللاإنسانية.
مذكرات الاعتقال وقادة حماس: نظرة شاملة
في نوفمبر 2024، أصدرت الدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ووزير أمنه آنذاك يوآف غالانت، بالإضافة إلى القائد في حركة حماس محمد دياب إبراهيم المصري (المعروف باسم الضيف).
في البداية، تقدم المدعي العام للمحكمة بطلبات لإصدار أوامر اعتقال بحق إسماعيل هنية ويحيى السنوار، وهما من كبار قادة حماس. ولكن بعد تأكيد مصرعهما، وافقت دائرة المحكمة على سحب الطلبات في 9 أغسطس 2024 و 25 أكتوبر 2024 على التوالي. لاحقاً، تم سحب مذكرة الاعتقال بحق محمد الضيف بعد التأكد من مقتله.
الأسباب التي استندت إليها المحكمة في إصدار مذكرات الاعتقال
وجدت الدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية أسباباً معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت يتحملان المسؤولية الجنائية عن الجرائم المذكورة أعلاه، باعتبارهما مشاركين في ارتكاب الأفعال بالاشتراك مع آخرين. هذا يعني أن المحكمة ترى أن هناك أدلة كافية لتوجيه الاتهامات إليهما ومحاكمتهما أمام المحكمة.
موقف إسرائيل والجدل حول اختصاص المحكمة
تواصل إسرائيل رفضها لاختصاص المحكمة الجنائية الدولية، وتنفي ارتكابها أي جرائم حرب في غزة. وتؤكد أنها شنت حملة عسكرية تهدف إلى القضاء على حركة حماس، وأنها تتخذ جميع الاحتياطات اللازمة لحماية المدنيين.
ومع ذلك، يثير هذا الرفض تساؤلات حول التزام إسرائيل بالقانون الدولي وحقوق الإنسان. كما يثير جدلاً حول اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، حيث أن إسرائيل ليست طرفاً في نظام روما الأساسي الذي أنشأ المحكمة. المحكمة الجنائية الدولية تعتمد على اختصاصها العالمي في الحالات التي لا تستطيع فيها الدول القيام بالتحقيقات والمحاكمات اللازمة.
التحقيق في غزة يعد من القضايا المعقدة التي تتطلب دراسة متأنية لجميع الأدلة والظروف المحيطة بالصراع. العدالة الدولية تظل هدفاً يسعى إليه المجتمع الدولي، ولكن تحقيق هذا الهدف يتطلب تعاوناً والتزاماً من جميع الأطراف.
الخلاصة
إن رفض إسرائيل لقرار المحكمة الجنائية الدولية بشأن التحقيق في طريقة إدارتها للحرب على قطاع غزة يمثل تطوراً مهماً في هذا الملف. هذا القرار يثير تساؤلات حول مستقبل التحقيقات الجارية، وعن مدى التزام إسرائيل بالقانون الدولي وحقوق الإنسان. من الضروري متابعة هذا الملف عن كثب، والعمل على تحقيق العدالة والمساءلة لجميع الأطراف المتورطة في الصراع. نأمل أن يؤدي هذا إلى حل عادل ودائم للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وضمان حقوق وكرامة جميع الشعوب.