غرفة العمليات الحكومية ترسم خطة طموحة لإعادة إحياء الاقتصاد في غزة
ناقشت غرفة العمليات الحكومية للتدخلات الطارئة في المحافظات الجنوبية، اليوم الاثنين، خطة الإغاثة والتعافي المبكر الخاصة بوزارة الاقتصاد الوطني في قطاع غزة. تأتي هذه الخطة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها القطاع، وتسعى إلى تقديم دعم فوري وعاجل للمتضررين، ووضع الأسس لعملية تعافي مستدامة. وتعتبر هذه الخطة بمثابة نبض أمل جديد لسكان غزة الذين عانوا ولا يزالون يعانون من تداعيات الأوضاع الراهنة.
خطة الإغاثة والتعافي المبكر: نظرة شاملة
تُعد هذه الخطة جزءًا من التدخلات القطاعية الأولية التي يجري تحديثها باستمرار، وذلك بالتعاون مع الشركاء المحليين والدوليين والخبراء المتخصصين. الاجتماع الذي عُقد خصص لمناقشة حجم الدمار الهائل الذي لحق بالقطاع الاقتصادي في غزة، واستعراض أولويات وزارة الاقتصاد الوطني للمرحلة الحالية. تؤكد الخطة على أهمية التنسيق بين جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمنظمات الدولية، لضمان تنفيذ تدخلات فعالة وسريعة.
رئيسة الغرفة، سماح حمد، أكدت أن وزارة الاقتصاد الوطني تلعب دورًا محوريًا في جهود الإغاثة والتعافي المبكر، مشددة على ضرورة العمل المشترك لتقديم المساعدة اللازمة للأسر المتضررة وتوفير فرص عمل جديدة. وأوضحت أن المرحلة الحالية تركز بشكل أساسي على الإغاثة، باعتبارها الأكثر إلحاحًا وحساسية، وأن النجاح في هذه المرحلة يمثل نقطة انطلاق حاسمة نحو التعافي وإعادة الإعمار.
حجم الدمار والتحديات الاقتصادية في غزة
أشار وزير الاقتصاد الوطني، محمد العامور، إلى أن الحرب أدت إلى تدمير شبه كامل للبنية الاقتصادية في قطاع غزة. قوات الاحتلال دمرت آلاف المنشآت الصناعية والتجارية، وتوقفت معظم الأنشطة الإنتاجية، مما تسبب في فقدان مئات الآلاف من الأسر لمصادر دخلها. الوضع الاقتصادي في غزة يتطلب تدخلًا عاجلاً وشاملاً لإعادة الحياة إلى طبيعتها.
العرض التفصيلي الذي قدمته الوزارة كشف عن أرقام مروعة: 98% من المنشآت الاقتصادية في غزة تضررت، و84% من المصانع تعرضت لتدمير كلي أو جزئي. الخسائر الاقتصادية الإجمالية بلغت حوالي 20 مليار دولار. بالإضافة إلى ذلك، ارتفع معدل البطالة إلى 80%، وسُجل انكماش اقتصادي غير مسبوق بنسبة 83%، مع انهيار شبه كامل لسلاسل التوريد. هذه الأرقام تعكس حجم الكارثة التي تحتاج إلى تضافر الجهود لإعادة بناء الاقتصاد.
مراحل خطة الإغاثة والتعافي المبكر
تعتمد خطة الإغاثة والتعافي المبكر على مراحل متتابعة تهدف إلى الانتقال السلس من الإغاثة العاجلة إلى التعافي المستدام ثم إعادة الإعمار الشامل.
المرحلة الأولى: الإغاثة العاجلة (6 أشهر)
تركز هذه المرحلة على توفير المساعدة الفورية للمتضررين وتلبية الاحتياجات الأساسية. تشمل الإجراءات الرئيسية:
- تقديم دعم عاجل للمنشآت الصغيرة والمتوسطة من خلال منح أولية.
- توفير المستلزمات التشغيلية وإعادة ربط سلاسل التوريد المتوقفة.
- دعم الأمن الغذائي من خلال تعزيز الإنتاج الزراعي والمبادرات المحلية.
- إعادة تشغيل خطوط إنتاج محددة للمواد الأساسية.
- تزويد المشاريع الفردية بالأدوات والمعدات اللازمة للتشغيل.
- تعزيز الرقابة على الأسواق لمنع الاحتكار وضمان توفر السلع بأسعار معقولة.
- خلق فرص عمل مؤقتة للعائلات المتضررة لتوفير دخل فوري.
المرحلة الثانية: التعافي والإنعاش المبكر (16–18 شهرًا)
تهدف هذه المرحلة إلى استعادة بعض النشاط الاقتصادي وتحسين الظروف المعيشية. تشمل الإجراءات الرئيسية:
- دعم إعادة تشغيل المنشآت الصغيرة والمتوسطة المتضررة.
- تمويل مشاريع جديدة لتعزيز الاستقرار الاقتصادي وخلق فرص عمل.
- إعادة ربط سلاسل التوريد الحيوية لضمان توفر المواد الخام والمنتجات.
- توفير منح وأدوات تشغيل للمشاريع المتضررة لمساعدتها على استئناف نشاطها.
- توفير فرص عمل مؤقتة لإعادة دمج العمال الذين فقدوا وظائفهم.
أهمية الشراكات الدولية والتحديات المستقبلية
أكدت الوزارة أن الشراكات الدولية تلعب دورًا حاسمًا في تمويل مشاريع الإنعاش الاقتصادي، خاصة في ظل التراجع الحاد في القدرة الشرائية والانكماش الكبير الذي يعانيه السوق. خطة غزة تعتمد بشكل كبير على الدعم الدولي لتحقيق أهدافها.
واختتمت الوزارة بالتأكيد على أبرز التحديات التي تواجه عملية التعافي، والتي تشمل صعوبة إدخال المواد الخام، وتراجع التدفقات المالية، وتعطل سلاسل التوريد، وغياب البنية الصناعية المتينة. ومع ذلك، أكدت الوزارة استمرار الجهود لتأمين الاحتياجات الأساسية ودعم إعادة الإعمار الاقتصادي وتمكين المواطنين من استعادة مصادر دخلهم. الوضع الاقتصادي في غزة يتطلب حلولًا مبتكرة وتعاونًا دوليًا فعالًا. الإغاثة في غزة ليست مجرد واجب إنساني، بل هي استثمار في مستقبل مستقر ومزدهر.
