أكد رياضيون ومحللون فنيون أن أداء المنتخب الوطني لكرة القدم لم يكن سيئاً على الرغم من خسارته، أول من أمس، أمام نظيره الأردني 1-2، في افتتاح مبارياته في كأس العرب 2025 في الدوحة. ورغم النتيجة، يرون أن هناك نقاط قوة يمكن البناء عليها في المباريات القادمة، مع ضرورة معالجة بعض الأخطاء الفردية التي كلفّت الفريق غالياً. هذه الخسارة الافتتاحية تضع ضغطاً على الأبيض لتحقيق نتائج إيجابية في باقي مباريات المجموعة، خاصةً أمام منتخبي مصر والكويت.
تحليل أداء المنتخب الوطني في كأس العرب 2025
وقالوا لـ«الإمارات اليوم»: «رغم إكمال المنتخب المباراة ناقصاً بـ10 لاعبين، بعد طرد خالد الظنحاني في بداية الشوط الأول، إلا أنه بدا منظماً، إذ إن البطاقة الحمراء غيّرت مجريات المباراة، وأربكت حسابات المنتخب»، مشيرين إلى أن «المشكلة الوحيدة كانت في الأخطاء الدفاعية الفردية وتحديداً من المدافع، كوامي كويدو، التي دفع المنتخب ثمنها غالياً، إذ ظلّت تتكرر باستمرار من دون أي علاج من قبل المدرب الروماني أولاريو كوزمين». العديد من المراقبين اتفقوا على أن النقص العددي كان عاملاً حاسماً، لكنه لا يبرر استمرار الأخطاء الدفاعية.
فرصة التعويض في مباراتي مصر والكويت
وشددوا على قدرة المنتخب الوطني لكرة القدم في التعويض خلال مباراتيه المقبلتين أمام منتخبي مصر والكويت، لكن بشرط معالجة الأخطاء، فيما حمّل آخرون كوزمين مسؤولية الخسارة في المباراة الافتتاحية بسبب ما وصفوه بعدم القراءة الفنية الجيدة لأحداث المباراة، لاسيما بعد الطرد والنقص العدني في صفوف الأبيض. التركيز الآن يجب أن ينصب على الاستفادة من الدروس المستفادة من المباراة الأولى وتجنب تكرار الأخطاء.
أهمية الاستقرار الفني
وتابعوا: «المنتخب يعاني من أمور كثيرة، من بينها عدم الاستقرار الفني وكثرة تغيير المدربين، بجانب عدم جودة بعض اللاعبين الذين يتم اختيارهم، ما أضرّ كثيراً بالمنتخب وتسبب في تراجعه». هذه النقطة تكررت في تصريحات العديد من المحللين، الذين يرون أن تغيير المدربين بشكل متكرر يؤثر سلباً على هوية الفريق وتطويره. الاستقرار الفني يسمح ببناء فريق متجانس وتقديم أداء ثابت.
وتصدّر المنتخب الأردني ترتيب المجموعة الثالثة برصيد ثلاث نقاط، يليه الكويت ومصر برصيد نقطة واحدة لكل منهما، ثم الأبيض في المركز الأخير دون رصيد.
آراء الخبراء حول أسباب الخسارة
من جهته شدد اللاعب الدولي السابق والمحلل الفني، بخيت سعد، على أن «هناك الكثير من الأمور والمشكلات التي ظل يعاني منها المنتخب الوطني لكرة القدم وهي بحاجة إلى علاج جذري، من بينها سوء اختيار المدربين وعدم الاستقرار وكثرة التغييرات على صعيد الجهاز الفني خلال السنوات الأخيرة، فضلاً عن أنه خلال الفترة الأخيرة فإن نوعية بعض اللاعبين الذين يتم اختيارهم للمنتخب لم يكونوا بالجودة المطلوبة ولا يخدمون المنتخب كثيراً».
وقال إن «هناك من يطالب بإقالة كوزمين، لكن هذا ليس حلاً، وإنما يجب التعامل مع الأمور بعقلانية بعيداً عن العاطفة»، معتبراً أنه «حتى في حال تم تغيير المدرب فإن الحال لن ينصلح ما لم تتم إعادة النظر في الكثير من الأمور وإيجاد الحلول لها، فالأمور في المنتخب بحاجة إلى عملية تقييم شامل». هذا الرأي يركز على ضرورة معالجة المشاكل الهيكلية في المنتخب بدلاً من التركيز على تغيير المدربين بشكل مستمر.
الأخطاء الفردية والتكتيك
بدوره قال المدرب الوطني في كرة القدم والمحلل الفني، راشد عامر: «إن المنتخب بدأ المباراة أمام الأردن بصورة ممتازة»، معتبراً أنه «بغض النظر عن الخسارة فقد كانت هناك رغبة لدى اللاعبين في الفوز، بجانب أن المنتخب كان منظماً وممتازاً أيضاً في عملية التحول الهجومي، لكن المشكلة كانت في وجود بعض الأخطاء الفردية في الخط الخلفي وليست التكتيكية».
وأكد أن المنتخب لم يكن يستحق الخسارة، قياساً بالمستوى الفني الذي ظهر به أمام المنتخب الأردني الذي يُعتبر أول منتخب عربي يتأهل إلى كأس العالم، وهو أيضاً وصيف آسيا في النسخة الأخيرة. هذا التأكيد على الجودة الفردية للاعبين يثير تساؤلات حول قدرة المدرب على استغلال هذه الإمكانات بشكل كامل.
وشدد على قدرة المنتخب في التعويض في مباراتيه المقبلتين أمام مصر والكويت ومقارعة أي منتخب في البطولة، لكن بشرط تلافي الأخطاء الفردية في الخط الخلفي، مشيراً إلى أن مدافع المنتخب كوامي كوايدو لا يزال مستمراً في الأخطاء السابقة نفسها. التركيز على معالجة أخطاء كوايدو تحديداً يعكس أهمية هذا اللاعب في تشكيلة الفريق وتأثير أخطائه على النتيجة.
وأضاف راشد عامر: «رغم الخسارة أمام الأردن، إلا أن المنتخب لم يكن سيئاً، بل بالعكس فإن الشكل الذي ظهر به يؤهله للوصول إلى مراحل متقدمة في كأس العرب».
وأكد راشد عامر أن المنتخب، ورغم أنه أكمل المباراة ناقصاً بعشرة لاعبين، إلا أنه أظهر أن لديه قوة هجومية ضاربة وقادرة على التسجيل في أي لحظة.
وعبّر عن سعادته بوجود الحارس الشاب حمد المقبالي أساسياً في حراسة المرمى خلفاً للحارس المصاب خالد عيسى، معتبراً أنه ورغم صغر سنه إلا أنه حارس متمكن وبدا واثقاً من نفسه. هذا التغيير في حراسة المرمى قد يمثل نقطة إيجابية للمنتخب، خاصةً مع الثقة التي أبداها المحلل في أداء المقبالي.
مسؤولية المدرب وقراءة المباراة
وقال اللاعب المونديالي السابق والمحلل الفني، علي ثاني، إن طرد خالد الظنحاني في الشوط الأول ليس مبرراً لما حدث للمنتخب، لكون الطرد يعتبر جزءاً من اللعبة.
وأكد أن «الإمكانات التي يزخر بها المنتخب تجعله يتفوق على أي منتخب»، مشدداً على أن «أي منافس بعد الطرد تكون لديه حالة خمول في اللعب»، معتبراً أن «هناك الكثير من الأمثلة على ذلك، بدليل أنه خلال مباراة فريق تشيلسي الأخيرة أمام أرسنال في الدوري الإنجليزي، فإن تشيلسي، ورغم أنه أكمل المباراة ناقصاً بعشرة لاعبين بعد طرد لاعبه موزيس كايسيدو (38)، إلا أنه فرض على أرسنال التعادل 1-1». هذا المثال من الدوري الإنجليزي يهدف إلى إظهار أن النقص العددي لا يعني بالضرورة الخسارة.
وحمّل علي ثاني المدرب كوزمين المسؤولية عمّا حدث، نظراً لعدم تمكنه من القراءة الجيدة لمجريات المباراة، لافتاً إلى أن المنتخب افتقد في الفترة الماضية للمحات الفنية وهويته كمنتخب رغم الإمكانات الكبيرة التي يتمتع بها. هذا الرأي يركز على أهمية القدرة التكتيكية للمدرب على تغيير خطة اللعب والتكيف مع الظروف المتغيرة.
الخلاصة: تحديات وفرص للمنتخب الوطني
الخسارة أمام الأردن كانت بمثابة جرس إنذار للمنتخب الوطني، لكنها ليست نهاية المطاف. هناك العديد من التحديات التي تواجه الفريق، وعلى رأسها الأخطاء الدفاعية الفردية، وعدم الاستقرار الفني، والحاجة إلى إيجاد هوية واضحة. ومع ذلك، هناك أيضاً فرص كبيرة للتعويض وتحقيق نتائج إيجابية في مباراتي مصر والكويت. يتطلب ذلك عملاً جماعياً، ومعالجة الأخطاء، واستغلال الإمكانات الفردية للاعبين، وقراءة فنية جيدة من قبل المدرب. مستقبل المنتخب الوطني لكرة القدم في كأس العرب 2025 يعتمد على قدرته على تجاوز هذه التحديات واغتنام هذه الفرص. نتمنى التوفيق لأبيضنا في مهمته القادمة.
