في مشهد يمزج بين الحزن والأمل، عاد بعض سكان هونغ كونغ الذين اضطروا إلى الفرار من منازلهم بسبب حريق هونغ كونغ المدمر، إلى مجمع “وانغ فوك كورت” المحترق يوم أمس، وذلك لاستعادة ما تبقى من ممتلكاتهم الشخصية. هذه العودة المؤلمة تأتي في خضم جهود مضنية يبذلها آخرون لإعادة بناء حياتهم بعد كارثة أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 156 شخصًا، ولا تزال حصيلة الضحايا قابلة للارتفاع. تتناول هذه المقالة تفاصيل هذه الأحداث المأساوية والجهود المبذولة للتعامل مع آثارها المدمرة، مع التركيز على التحديات التي تواجه السكان المتضررين وعمليات الإنقاذ والبحث في هونغ كونغ.
العودة إلى الأطلال: لمحات من مأساة “وانغ فوك كورت”
كانت الأجواء مشحونة بالحزن والدموع بينما اصطحبت فرق حكومية مجموعات صغيرة من السكان إلى المبنى الوحيد الذي سلم من ألسنة اللهب في مجمع “وانغ فوك كورت”. مُنح كل عائلة أو فرد ساعة ونصف الطاعة لجمع متعلقاتهم الثمينة، تلك التي لم يستهلكها الحريق في هونغ كونغ، والتي تمثل بقايا ذكرياتهم وحياتهم التي سبقت الكارثة.
الصور المنقولة من مكان الحادث تكشف عن حجم الدمار الذي لحق بالمجمع. سبعة مبانٍ أخرى ابتلعها الحريق الذي استمر لأكثر من 40 ساعة، تاركًا وراءه أكوامًا من الأنقاض والرماد. الحريق الذي يعد الأسوأ من نوعه في المدينة منذ عقود، دمر بشكل كامل منازل أكثر من 4000 شخص، مما تسبب في أزمة إنسانية كبيرة.
معاناة النازحين وجهود الإغاثة
مع عدم وجود مأوى، يعيش غالبية الناجين في مساكن مؤقتة، مزودة بالإمدادات الأساسية من قبل الحكومة والمنظمات غير الحكومية. تتزايد الحاجة إلى الدعم النفسي والاجتماعي للمتضررين، الذين فقد الكثير منهم أحباءهم وممتلكاتهم في هذه الفاجعة.
ومع ذلك، فإن إعادة بناء الحياة ليست سهلة. الكثيرون يواجهون صعوبات في العثور على عمل أو سكن بديل. السيدة لام، البالغة من العمر 60 عامًا، تجسد معاناة هؤلاء السكان. وقفت أمام شقتها، ممسكة بأكياس بلاستيكية لابنتها، وقالت بأسى: “كل حياتي هناك.” هذه الكلمات البسيطة تعبر عن حجم الخسارة التي لحقت بها وبالكثيرين غيرها.
عمليات الإنقاذ والبحث المستمرة
لا تزال فرق الإنقاذ والبحث تعمل بجد داخل المباني المتفحمة، على الرغم من الظروف الخطرة. عملية البحث المتوقعة أن تستغرق أسابيع يتخللها تمشيط دقيق للأنقاض، بعد أن عُثر على بعض الجثث على أسطح المنازل وفي السلالم، بينما تحول بعض الضحايا الآخرين إلى رماد.
تتعاون الشرطة مع خبراء الأدلة الجنائية لتحديد سبب الحريق. التحقيقات جارية لتحديد ما إذا كان هناك أي شبهة جنائية وراء الكارثة. تجمع السلطات الأدلة بعناية، مما يؤخر عملية السماح لسكان المبنى السليم بالعودة إلى منازلهم بشكل دائم.
تحديات خاصة تواجه فرق الإنقاذ
الظروف الجوية الصعبة وتعقيد هيكل المباني المحترقة تزيد من صعوبة عملية البحث. الأنقاض غير المستقرة تشكل تهديدًا دائمًا على حياة فرق الإنقاذ، مما يتطلب منهم اتخاذ احتياطات سلامة صارمة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الروائح الكريهة والظروف الصحية غير الصحية تعيق عملهم.
التحقيقات في أسباب الحريق وتداعياته المستقبلية
أعلنت السلطات عن فتح تحقيق شامل في أسباب الحريق في هونغ كونغ. ويشمل التحقيق فحصًا دقيقًا لرموز السلامة من الحرائق في المباني القديمة، والتي غالبًا ما تكون غير متوافقة مع المعايير الحديثة. من المتوقع أن يُظهر التحقيق أوجه القصور في الإجراءات الوقائية، مما يستدعي اتخاذ تدابير عاجلة لتحسين السلامة من الحرائق في جميع أنحاء المدينة.
بالإضافة إلى ذلك، تدرس الحكومة إمكانية توفير مساعدات مالية وقروض ميسرة للسكان المتضررين لمساعدتهم على إعادة بناء حياتهم. كما يتم النظر في إنشاء صندوق خاص لجمع التبرعات لدعم الناجين في هذه الفترة الصعبة. أزمة الإسكان في هونغ كونغ تضيف طبقة أخرى من التعقيد إلى هذه القضية، وتتطلب حلولًا مبتكرة لتوفير سكن بديل للمتضررين.
مستقبل “وانغ فوك كورت” وإعادة الأمل
بينما يواجه سكان “وانغ فوك كورت” مستقبلًا غير مؤكد، إلا أن هناك بصيص أمل في جهود الدعم والإغاثة التي تبذلها الحكومة والمنظمات غير الحكومية والأفراد. يتضح التضامن الشعبي مع المتضررين من خلال التبرعات السخية والجهود التطوعية.
إعادة بناء “وانغ فوك كورت” قد تستغرق سنوات، ولكن من المؤكد أنها ستكون رمزًا للصمود والأمل. يجب أن تكون هذه الكارثة بمثابة دعوة للاستيقاظ لتحديث قوانين السلامة من الحرائق ومعالجة أزمة الإسكان في هونغ كونغ. إن تذكر ضحايا حريق هونغ كونغ والوقوف إلى جانب الناجين هو أقل ما يمكننا القيام به لضمان عدم تكرار هذه المأساة مرة أخرى.
نأمل أن تستعيد مدينة هونغ كونغ عافيتها ووحدتها بعد هذه المحنة، وأن يتمكن سكان “وانغ فوك كورت” من البدء في بناء مستقبل أفضل لأنفسهم وعائلاتهم.
