محمد إبراهيم: من مكالمة فضولية إلى نجم صاعد في عالم الإعلام الإماراتي
بدأ شغف محمد إبراهيم، أحد الأسماء اللامعة في سماء الإعلام، بشكل غير تقليدي، من خلال مكالمة هاتفية بسيطة وهو في الثانية عشرة من عمره. قصة هذا الشاب الإعلامي، الذي يجسد طموحات وقدرات الشباب الإماراتي، تستحق أن تُروى، وهي قصة ملهمة عن كيف يمكن للفضول أن يتحول إلى مهنة ناجحة ومؤثرة. منذ اللحظة التي أدرك فيها قوة الإعلام، وضع قدمه على طريق الإبداع والتواصل مع المجتمع، ليصبح اليوم صوتاً مسموعاً ووجهاً معروفاً.
البدايات الطفولية: الشرارة الأولى في عالم البث الإذاعي
يتذكر محمد اللحظة التي أشعلت شرارة حبه للإعلام بكل وضوح. كان في رحلة بالسيارة مع والده، يستمعان إلى برنامج البث المباشر للإعلامي محمد غانم مصطفى. لاحظ محمد وجود حيوانات سائبة في الشارع، فاندفع ليخبر بها عبر الهواء مباشرة. هذه التجربة، على بساطتها، فتحت عينيه على عالم الإعلام وقدرته على إحداث فرق في حياة الناس. كانت تلك المكالمة بمثابة نقطة تحول، أثبتت له أن صوته يمكن أن يحمل رسالة ويساهم في حل مشكلة مجتمعية.
مسيرة مهنية حافلة: من التكنولوجيا إلى الشاشة والميكروفون
لم ينتظر محمد حتى التخرج للبدء في مسيرته الإعلامية. فبعد التخرج من الثانوية العامة، انطلق عام 2011 للعمل في قناة رأس الخيمة الفضائية. بدأ في قسم تكنولوجيا المعلومات والنقل الخارجي، وهو مجال فني هام، لكنه كان يطمح إلى أن يكون أقرب إلى قلب الحدث: الاستوديوهات والمحطات الإذاعية. لم ييأس، وسعى جاهداً لاكتساب الخبرة والتعلم، حتى انتقل إلى الإدارة، مما أتاح له فرصة التفاعل المباشر مع المذيعين والفرق الفنية.
اللحظة الذهبية: صوت على الهواء
ظل محمد يراقب ويتعلم، إلى أن سنحت له الفرصة التي طالما حلم بها. عندما تعذر على المذيعين تسجيل إعلان إذاعي، بادر محمد إلى تقديم المساعدة، وتعاون مع المخرج لتسجيل الإعلان. في اليوم التالي، عندما سمع صوته يتردد عبر الأثير، شعر بسعادة لا توصف. هذه اللحظة كانت بمثابة الانطلاقة الحقيقية، حيث لفت موهبته انتباه الإدارة، وبدأ بتسجيل الإعلانات والشعارات والفواصل الإذاعية، ثم تطور ليصبح مراسلاً ميدانياً، ومقدماً للأخبار، ومشاركاً في برامج إذاعية شهيرة مثل “على وين” و “صباح الخير يا بلادي” و “سهرتنا وياكم”.
الإعلام الاجتماعي: نافذة على العالم وتواصل مباشر مع الجمهور
لم يقتصر طموح محمد على الإعلام التقليدي، بل امتد ليغزو عالم منصات التواصل الاجتماعي. يعتبرها امتداداً طبيعياً لمسيرته الإذاعية، وأداة قوية للتواصل المباشر مع الجمهور. يؤكد أن هذه المنصات قد قربته من الناس بشكل لا يصدق، ووصف جمهوره بـ “العائلة الثانية”. فقد وجد فيها مساحة للتعبير عن أفكاره، وتبادل الآراء، والتفاعل مع الأحداث الجارية.
التعليم المستمر: نحو احترافية أكبر في مجال الصحافة والإعلام
إيماناً بأهمية التعليم والتطوير المستمر، التحق محمد بالكلية الإماراتية الكندية (جامعة أم القيوين حالياً) لدراسة الإعلام الجديد. خلال تلك الفترة، واصل العمل كمراسل في قناة الشارقة الرياضية، حيث غطى العديد من الفعاليات الرياضية على مستوى الدولة. كان يقوم بتقسيم وقته بين الإذاعة والجامعة والمباريات والتغطيات الرياضية، وهو توازن صعب ولكنه ضروري لتحقيق النجاح. وهو اليوم يواصل مسيرته التعليمية من خلال دراسة الماجستير في الإعلام الرقمي.
خصوصية الإعلام في رأس الخيمة: قرب من المجتمع وتفاعل حقيقي
يشير محمد إلى خصوصية الإعلام في رأس الخيمة، حيث يتميز بقربه من المجتمع المحلي، مما يتيح للإعلامي سهولة الوصول إلى الناس والتفاعل معهم. يرى أن هذا القرب يجعل إعداد التقارير أكثر سلاسة وواقعية، ويساهم في بناء ثقة أكبر بين الإعلام والجمهور. وهو ما يعزز من دور الإعلامي كجزء لا يتجزأ من النسيج المجتمعي.
المسؤولية الاجتماعية: التحقق من المعلومات ونشر الوعي
يشدد محمد على أهمية التحقق من المعلومات قبل نشرها، مؤكداً أن هذا جزء أساسي من مسؤولية الإعلامي تجاه الجمهور. يرى أن الإعلام يلعب دوراً حيوياً في تعزيز الترابط بين المجتمع والفرد، وخاصة في الفعاليات الاجتماعية والوطنية. ويستذكر تجربته خلال جائحة كورونا، حيث كان الإعلام رابطاً أساسياً بين الناس، وساهم في نشر الوعي والتضامن الاجتماعي.
المبادرات الوطنية: تحفيز وتمكين الشباب الإماراتي
يؤكد محمد على الأثر الإيجابي للمبادرات الوطنية والاجتماعية في تحفيز وتمكين الشباب الإماراتي. يذكر دوره في الأولمبياد الخاص لأصحاب الهمم عام 2018، وزياراته لمناطق مختلفة في رأس الخيمة لتعريف المشاركين بالفولكلور الإماراتي، معتبراً أنها تجربة أثرت فيه بعمق. ويؤمن بأن الإعلام يمكن توظيفه بشكل فعال لنقل صورة الإمارات الحقيقية داخلياً وخارجياً، وإبراز هويتها بصدق ووضوح.
القيادة الإماراتية: مصدر الإلهام والقدوة الحسنة
لا يتردد محمد في الإعراب عن تقديره وامتنانه للقيادة الإماراتية، التي يعتبرها قدوته في الحياة. يؤكد أن القيادة الإماراتية تعلمه ومعه كل يوم قيم الاجتهاد والإخلاص والتواضع. ويصف الحياة في الإمارات بأنها “مدرسة يومية” يستقي منها الخبرات والمعرفة.
محمد إبراهيم يمثل قصة نجاح مستمرة، وهو مثال حي على أن الشغف والإصرار والعمل الجاد يمكن أن يحولا الأحلام إلى واقع. إنه رمز للجيل الجديد من الإعلاميين الإماراتيين الذين يجمعون بين الخبرة والكفاءة والانتماء العميق لوطنهم. نتمنى له كل التوفيق والنجاح في مسيرته الإعلامية.
