قلق أممي متزايد بشأن عمليات القتل في جنين والضفة الغربية
أعربت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان عن قلقها البالغ إزاء حادثة مقتل فلسطينيين اثنين في جنين على يد قوات شرطة الحدود الإسرائيلية، واصفةً إياها بعملية “إعدام ميداني”. هذا الحدث، إلى جانب تصاعد العنف في الضفة الغربية، يثير تساؤلات خطيرة حول التزام إسرائيل بالقانون الدولي وحقوق الإنسان. وتأتي هذه التصريحات في ظلّ زيادة ملحوظة في أعداد الضحايا الفلسطينيين، مما يزيد من أهمية بحث أسباب العنف في الضفة الغربية ووضع حدّ لها.
تفاصيل حادثة جنين وتصريحات المفوضية
خلال مؤتمر صحفي عقد في جنيف يوم الجمعة، أكد المتحدث باسم المفوضية، جيريمي لورانس، أن تصريحات أحد كبار المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية، والتي تهدف إلى تبرئة قوات الأمن من المسؤولية عن القتل، تبعث على الشكوك حول نزاهة أي تحقيق مستقبلي. وأضاف لورانس أن التحقيق يجب أن يتم بإشراف جهة مستقلة تمامًا عن السلطات الإسرائيلية لضمان الحيادية والشفافية.
تكمن خطورة الموقف في السياق الأوسع لتصاعد الاعتقالات في الضفة الغربية وقيود الحركة، مما يخلق بيئة خصبة لانتهاكات حقوق الإنسان. وقد عبرت المفوضية عن قلقها من أن هذه العمليات غالبًا ما تتم دون رقابة كافية، مما يجعلها عرضة للإفلات من العقاب.
الشكوك حول التحقيقات الإسرائيلية
أشار المتحدث إلى أن حتى في الحالات النادرة التي تعلن فيها إسرائيل عن إجراء تحقيق، نادرًا ما تؤدي إلى مساءلة حقيقية. هذا الفشل المنهجي في محاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان يرسل رسالة مفادها أن العنف مسموح به، ويؤدي إلى تفاقم التوتر في المنطقة.
ارتفاع عدد الضحايا الفلسطينيين
تأتي هذه التصريحات في ظلّ إحصائيات صادمة نشرتها المفوضية، حيث وثّقت مقتل 1030 فلسطينيًا في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، منذ شهر أكتوبر 2023. من بين هؤلاء الضحايا، كان هناك 223 طفلاً، مما يعكس الطبيعة المأساوية للعنف الجاري وتأثيره المدمر على المدنيين الأبرياء.
هذا الارتفاع الحاد في عدد الضحايا يثير مخاوف جدية بشأن سياسات إسرائيل في الضفة الغربية، وما إذا كانت هذه السياسات تتوافق مع التزاماتها الدولية بموجب القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان. إن استهداف المدنيين، بمن فيهم الأطفال، يشكل انتهاكًا خطيرًا لهذه القوانين.
دور المستوطنين في تصعيد العنف
لم يقتصر العنف على قوات الاحتلال، بل امتد ليشمل المستوطنين الإسرائيليين. أفادت المفوضية بتزايد كبير في أعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون ضد الفلسطينيين، وغالبًا ما تتم هذه الأعمال بحماية من قوات الأمن الإسرائيلية. هذا الوضع يؤدي إلى شعور متزايد بالإحباط واليأس بين الفلسطينيين، ويزيد من خطر اندلاع المزيد من العنف.
دعوات أممية إلى تحقيق مستقل
شدد لورانس على ضرورة وضع حد لحالة الإفلات من العقاب التي تتمتع بها قوات الأمن الإسرائيلية، ولعنف المستوطنين المتزايد. مجّددًا، دعى المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك إلى فتح تحقيقات مستقلة وسريعة وفعالة في جميع حالات القتل، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات بشكل كامل.
إن إجراء تحقيق مستقل يمثل خطوة حاسمة نحو تحقيق العدالة وإنهاء دائرة العنف. يجب أن يكون للتحقيق سلطة الوصول إلى جميع الأدلة والشهود، وأن يتمتع بالحيادية والشفافية لضمان أن تكون نتائجه موثوقة ومقبولة. كما يجب أن تتخذ إسرائيل خطوات ملموسة لمعالجة الأسباب الجذرية للعنف، بما في ذلك إنهاء الاحتلال وقيود الحركة.
الحاجة إلى حماية المدنيين وتعزيز المساءلة
إن الوضع الإنساني والحقوقي في الضفة الغربية يزداد سوءًا بشكل مطرد. يجب على المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة والدول الأعضاء، أن يتحرك بشكل فوري لحماية المدنيين الفلسطينيين وضمان محاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان. تجاهل هذه القضية أو التقليل من شأنها لن يؤدي إلا إلى تفاقم الوضع وزيادة خطر اندلاع صراع أوسع.
إن حقوق الإنسان في فلسطين ليست مجرد قضية قانونية، بل هي قضية أخلاقية وإنسانية. يجب على الجميع احترام حقوق الإنسان للجميع، بغض النظر عن الجنسية أو الدين أو العرق أو أي عوامل أخرى. إن تحقيق السلام الدائم في المنطقة لا يمكن أن يحدث إلا من خلال احترام حقوق الإنسان وتطبيق القانون بشكل عادل على الجميع. تعتبر حادثة جنين بمثابة جرس إنذار، داعيًا إلى التحرك العاجل لمنع المزيد من الانتهاكات وضمان مستقبل أفضل للفلسطينيين.
كلمات مفتاحية: العنف في الضفة الغربية، حقوق الإنسان في فلسطين، الاعتقالات في الضفة الغربية.
