في تطور لافت يُثير المزيد من التساؤلات حول مستقبل الأوضاع في فنزويلا، أثارت وصول حاملة الطائرات الأمريكية “يو إس إس جيرالد آر فورد” إلى مناطق قريبة من السواحل الفنزويلية جدلاً واسعاً. هذا التحرك، بحسب تحليل نشره المحلل العسكري الأمريكي براندون وايكيرت في مجلة “ناشونال إنتريست”، يُشكل تصعيداً كبيراً في الضغط العسكري والسياسي على حكومة الرئيس نيكولاس مادورو، ويعكس استعداداً أمريكياً لإظهار قوة نارية قد تنذر بعمل عسكري واسع النطاق أو فرض حصار بحري. تعتبر هذه الخطوة بمثابة رسالة واضحة بأن واشنطن لا تستبعد خيارات قوية لحل الأزمة في فنزويلا.
حاملة الطائرات “يو إس إس جيرالد آر فورد” وتهديد التدخل العسكري في فنزويلا
وصول حاملة الطائرات “يو إس إس جيرالد آر فورد”، وهي إحدى أقوى حاملات الطائرات في العالم، إلى المياه القريبة من فنزويلا، يمثل نقطة تحول في التوترات القائمة بين البلدين. وايكيرت يؤكد أن “فورد” ليست مجرد إضافة للأسطول الأمريكي في المنطقة، بل هي “مضاعف قوة هائل” يمكن أن يغير موازين القوى بشكل كبير في حال نشوب أي مواجهة عسكرية. الخبير يرى أن هذا الانتشار يُعدّ بمثابة رسالة قوة مصممة لضمان تحقيق أقصى قدر من النجاح في حال قررت الإدارة الأمريكية شن عملية عسكرية ضد نظام مادورو.
التحديات التقنية لحاملة الطائرات “فورد”
على الرغم من قدراتها الهائلة، إلا أن حاملة الطائرات “يو إس إس جيرالد آر فورد” لم تسلم من بعض المشكلات التقنية. فقد أصرت وزارة الدفاع الأمريكية على دمج 23 تقنية جديدة في الحاملة دفعة واحدة، من بينها نظام الإقلاع الكهرومغناطيسي (EMALS) ونظام إيقاف الطائرات المتقدم (AAG). وعانت العديد من هذه التقنيات، وفقاً للتقرير، من مشاكل في الأداء.
على الرغم من أن البنتاغون تمكن من تشغيل نظام EMALS، إلا أن المنشورات الدفاعية تشير إلى أنه لا يزال يعاني من بعض أوجه القصور، ولا يصل إلى مستوى الموثوقية المطلوب وفقاً للمعايير الصارمة للبحرية الأمريكية.
تطورات نظام الإقلاع الكهرومغناطيسي (EMALS)
ومع ذلك، يشير وايكيرت إلى تطور إيجابي في أداء النظامين. ففي عام 2022، حقق نظام EMALS ونظام AAG أرقاماً قياسية في عدد عمليات الإقلاع والهبوط على متن السفينة، مما يدل على الاستخدام الواسع والقدرة على التكيف مع هذه التقنيات من قبل طاقم الحاملة. كما أجرت “فورد” عمليات طيران كاملة باستخدام نظام EMALS في ظروف تشغيلية فعلية، مثل العمليات المستمرة في بحر الشمال والبحر المتوسط.
هل ستخوض “فورد” معركة حقيقية؟
لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت “فورد” ستخوض معركة حقيقية في فنزويلا. ويوضح وايكيرت أنه لم يتم اختبار الحاملة في وضع قتالي مماثل لما قد يحدث في حال شن هجوم على نظام مادورو. ولكن، يشير إلى أن تصميم نظام EMALS يهدف إلى زيادة عدد الطلعات الجوية بنسبة 25% يومياً مقارنة بحاملات الطائرات من فئة “نيميتز”، مع تقليل عدد أفراد الطاقم المطلوب.
هذا يعني، من الناحية العملية، إمكانية إطلاق المزيد من الهجمات، وزيادة كبيرة في الدوريات الجوية القتالية، وتوفير قدرات أكبر للاستخبارات والمراقبة والاستطلاع والحرب الإلكترونية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للحاملة حمل عدد أكبر من الطائرات، مما يعزز قدرتها الهجومية. الضغط العسكري الذي تمارسه “فورد” يهدف إلى إضعاف معنويات القوات الفنزويلية وإجبارها على التراجع.
التفوق الأمريكي المحتمل في سماء فنزويلا
بالمقارنة مع القوات البحرية والجوية الفنزويلية المشاركة في المنطقة، تقدم “فورد” قدرة هجومية أكبر بكثير. ويرى وايكيرت أن الفنزويليين سيكونون بحاجة إلى تحقيق “إصابة محظوظة” واحدة أو اثنتين على الأقل لإلحاق أي ضرر بالحاملة باستخدام صواريخهم المضادة للسفن.
ويرجع هذا التفوق إلى أن سلاح الجو الفنزويلي وشبكة الدفاع الجوي الخاصة به تعتبران محدودتين من حيث الحجم والتحديث مقارنة بالقوات الأمريكية. فوجود مجموعة قتالية بقيادة “فورد” سيمنح الولايات المتحدة تفوقاً حاسماً في الجو. يمكن للحاملة نشر دوريات قتالية جوية مستمرة فوق الكاريبي والمجال الجوي الفنزويلي، باستخدام مقاتلات “سوبر هورنيت” المدعومة بطائرات “إي – 2 دي إس” للإنذار المبكر والتحكم في العمليات الجوية. كما يمكنها نشر طائرات “غرولورز” والذخائر الدقيقة لضرب الرادارات الفنزويلية ومواقع الصواريخ أرض-جو ومراكز القيادة والسيطرة. هذه القدرات تجعل من “فورد” عنصراً أساسياً في أي سيناريو تدخل عسكري محتمل، وتشكل قوة بحرية لا يستهان بها.
التداعيات السياسية والجيوسياسية للانتشار الأمريكي
هذا الانتشار يمثل أيضا تحولا في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه فنزويلا، حيث يشير إلى استعداد لتصعيد المواجهة بشكل أكبر. من المرجح أن يؤدي هذا التحرك إلى ردود فعل دولية متباينة، حيث قد تدعم بعض الدول الموقف الأمريكي، بينما قد تدين دول أخرى هذا التصعيد. من المهم مراقبة التطورات على الأرض، وتحليل ردود الفعل من مختلف الأطراف، لتقييم المخاطر المحتملة وتداعيات هذا الوضع المتأزم.
في الختام، وصول حاملة الطائرات “يو إس إس جيرالد آر فورد” إلى قبالة سواحل فنزويلا يمثل تصعيداً خطيراً في الأزمة القائمة، ويشير إلى استعداد أمريكي متزايد لاستخدام القوة العسكرية. وعلى الرغم من التحديات التقنية التي تواجهها الحاملة، إلا أن قدراتها الهائلة ستمنح الولايات المتحدة تفوقاً حاسماً في أي مواجهة محتملة. من الضروري تحليل هذا الوضع بعناية، وفهم التداعيات السياسية والجيوسياسية المحتملة، للوصول إلى تقييم دقيق للمخاطر والفرص.
