تصاعد التوتر بشكل ملحوظ داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية اليوم، الإثنين، بعد انتقادات حادة ومباشرة وجهها رئيس أركان الجيش، إيال زامير، لقرارات وزير الأمن، يسرائيل كاتس. تتمحور هذه الخلافات حول تجميد التعيينات العليا ودراسة “تقرير ترجمان” المحوري، مما يثير تساؤلات حول استقرار القيادة الأمنية وتأثير ذلك على الجيش الإسرائيلي.
تصعيد الخلاف بين رئيس الأركان ووزير الأمن
كشف بيان صادر عن مكتب رئيس الأركان أن قرارات وزير الأمن اتُخذت دون أي تنسيق مسبق، وأن هناك “تجاهلاً واضحاً” لصلاحيات رئاسة الأركان، في الوقت الذي كان فيه الجنرال زامير يشارك في تدريب عسكري واسع النطاق وغير معلن. هذا الإجراء أثار استياءً كبيراً لدى القيادة العسكرية، والتي تعتبره تقويضاً لسلطتها ومهامها.
تفاصيل الانتقادات الموجهة لوزير الأمن
أُلقي باللوم على وزير الأمن كاتس بسبب إعلانه عن تجميد التعيينات العليا لمدة 30 يومًا إضافية، بالإضافة إلى تكليف مراقب جهاز الأمن بإعادة دراسة “تقرير ترجمان”. الجدير بالذكر أن زامير كان قد أعلن سابقًا عن إجراءات تنحية وإبعاد ضباط كبار على خلفية إخفاقات السابع من أكتوبر، مما أدى إلى تفاقم حدة التوتر بين الطرفين.
تأثير القرارات على جاهزية الجيش
أكد رئيس الأركان زامير أن تمديد تجميد التعيينات يلحق ضرراً مباشراً بـ جاهزية الجيش الإسرائيلي وقدرته على الاستعداد للتحديات المستقبلية. وأشار إلى أنه سيواصل العمل وفقًا لسلطاته في عقد جلسات التعيينات ورفعها إلى وزير الأمن للموافقة عليها، على الرغم من الاعتراضات.
هذا الخلاف يأتي في وقت حرج يشهد فيه المنطقة العربية تصاعدًا في التوترات، مما يزيد من أهمية وجود قيادة عسكرية قوية ومستقرة. تأخير التعيينات قد يعيق عملية اتخاذ القرار ويثير شكوكًا حول قدرة الجيش على التعامل مع أي طارئ.
“تقرير ترجمان”: من تحليل مهني إلى ورقة ضغط سياسية
يُعد “تقرير ترجمان” وثيقة مهمة للغاية، حيث أعدته لجنة خاصة لفحص أسباب إخفاقات الجيش في أحداث السابع من أكتوبر. يرى زامير أن هذا التقرير كان يجب أن يظل أداة مهنية داخلية بيد رئيس الأركان، بغرض إجراء تحسينات داخلية وتعزيز الكفاءة العسكرية، وليس للاستخدام في صراعات سياسية.
انتقادات حول “تشويه التقرير”
انتقد رئيس الأركان ما وصفه بـ”تشويه التقرير” من قبل بعض الجهات، مشيرًا إلى أن اللجنة استمعت إلى مئات الشهادات وقدمت عملاً احترافيًا استغرق سبعة أشهر. كما اعتبر أن مراجعة التقرير خلال 30 يومًا فقط ليست “فحصًا موضوعيًا” أو كافيًا لاستخلاص استنتاجات دقيقة.
المطالبة بلجنة تحقيق خارجية مستقلة
أكد رئيس الأركان أن الجيش الإسرائيلي هو الجهة الوحيدة التي قامت بتحقيق شامل في إخفاقاتها المتعلقة بأحداث 7 أكتوبر، وطالب بضرورة تشكيل لجنة تحقيق خارجية مستقلة. تهدف هذه اللجنة إلى فحص العمليات المشتركة بين المستويين السياسي والعسكري التي سبقت الأحداث، وتقديم تقييم موضوعي للأداء.
تدخل نتنياهو لاحتواء الأزمة
في محاولة لاحتواء التوتر العلني بين رئيس الأركان ووزير الأمن، استدعى رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، كلا منهما إلى جلسات منفصلة لـ”توضيح الموقف”. يأتي هذا التدخل بعد إعلان وزير الأمن عن تجميد التعيينات وتكليف مراقب جهاز الأمن بإعادة دراسة “تقرير ترجمان”، بما في ذلك ملفات حساسة مثل “وثيقة جدار أريحا”.
خلفيات الخلاف: إجراءات عقابية وتنافس على المناصب
يعود أصل الخلاف إلى الإجراءات العقابية التي اتخذها رئيس الأركان ضد ضباط كبار على خلفية إخفاقات السابع من أكتوبر. هذه الإجراءات أثارت رد فعل غاضب من وزير الأمن، وتفاقمت مع اعتراض زامير على نية كاتس تعيين سكرتيره العسكري ملحقاً في واشنطن، وهو ما اعتبره محاولة لتقويض سلطته.
رد وزير الأمن ووجهة نظره
في رد مقتضب على انتقادات زامير، أكد وزير الأمن يسرائيل كاتس أن رئيس الأركان “يعرف جيداً” أنه خاضع لسلطة رئيس الحكومة ووزير الأمن. كما شدد على أنه لن يدخل في سجالات إعلامية، وأن استنتاجات مراقب جهاز الأمن ستحدد قراراته النهائية.
مصادر: إحباط زامير واحتمال إقالته
تشير مصادر مقربة من رئيس الأركان إلى أنه يشعر بـ”إحباط متواصل” من طريقة إدارة وزير الأمن للأمور، وأن بيانه الأخير جرى إعداده بعد استشارة جهات خارجية. وبحسب قناة “كان 11″، يتهم زامير الوزير بالتصرف بناءً على دوافع سياسية وغير مهنية، مما يضر بالجيش وأمن الدولة، لافتة إلى أن هذه الخطوة قد تفتح الباب أمام احتمال إقالته. الوضع الحالي يثير قلقاً حقيقياً بشأن مستقبل القيادة العسكرية الإسرائيلية و تأثير ذلك على التحديات الأمنية المتزايدة.
هذا الخلاف المتصاعد بين القيادة العسكرية والسياسية يتطلب حلاً سريعاً وموضوعياً لضمان استقرار المؤسسة الأمنية والحفاظ على جاهزية الجيش الإسرائيلي في مواجهة التهديدات المحيطة. من الضروري إجراء تحقيق شامل وشفاف في إخفاقات السابع من أكتوبر، وتحديد المسؤوليات بشكل عادل ودقيق، مع الأخذ في الاعتبار المصلحة العليا لأمن الدولة.
