يشهد قطاع غزة توترات متزايدة، حيث تتحدث التقارير الإسرائيلية عن تقييمات تشير إلى أن عملية عسكرية جديدة قد تصبح “أمراً لا مفر منه”. هذا التقييم، الذي أعلنه المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت)، يثير مخاوف بشأن مستقبل الهدنة الهشة القائمة، ويضع المنطقة على حافة مواجهة جديدة. يركز هذا المقال على تحليل هذه التطورات، وتقييم الأسباب التي تدفع إسرائيل نحو هذا السيناريو، ودور الوساطة الدولية، وخاصة الأمريكية، في محاولة تجنب التصعيد.
تصاعد التوتر: تقييمات إسرائيلية لعملية عسكرية في غزة
أفادت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية بأن الكابينت الإسرائيلي قدّر أن شنّ عملية عسكرية جديدة في قطاع غزة قد يصبح “أمراً لا مفر منه”. هذا التقييم لم يأتِ من فراغ، بل استند إلى تقارير مفصلة قدمتها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية حول التطورات الأخيرة في القطاع. تشير هذه التقارير إلى “تعاظم قدرات حركة حماس ورفضها التخلي عن سلاحها”، وهو ما يراه العديد من الوزراء الإسرائيليين تهديداً وجودياً يتطلب رداً حاسماً.
أسباب التقييم الإسرائيلي
تعتمد التقييمات الإسرائيلية على عدة عوامل رئيسية. أولاً، هناك قلق متزايد بشأن إعادة بناء القدرات العسكرية لحماس، وتحديداً تطوير الأسلحة وصناعتها داخل القطاع. ثانياً، يعتبر الإسرائيليون أن حماس لم تلتزم بشكل كامل ببنود اتفاق وقف إطلاق النار، وأنها مستمرة في أنشطة عسكرية تستهدف إسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، هناك شعور بأن حماس تستغل فترة الهدنة لتعزيز سيطرتها على غزة، وتقويض سلطة السلطة الفلسطينية.
دور الوساطة الأمريكية ومستقبل اتفاق وقف إطلاق النار
في ظل هذه التوترات، تتجه إسرائيل نحو الخيار العسكري إذا فشلت الإدارة الأمريكية في إيجاد آلية تضمن نزع سلاح حركة حماس. هذا التصريح، الذي أدلى به مسؤول إسرائيلي رفيع، يوضح مدى الاعتماد الإسرائيلي على الدور الأمريكي في حل الأزمة. ومع ذلك، حتى مع هذه الجهود، لا ترجح التقديرات الإسرائيلية انهيار اتفاق وقف إطلاق النار قريباً.
موقف حماس من الاتفاق
على الرغم من التوترات، تشير التقارير إلى أن حماس “لا تسعى لنسف التفاهمات”، بل تطالب الوسطاء بالضغط على إسرائيل لالتزام الاتفاق. وتؤكد مصادر فلسطينية أن الحركة “لديها مصلحة في الوصول إلى المرحلة الثانية من الاتفاق”، وأن وفداً من قيادتها سيزور القاهرة قريباً لبحث تطورات الأوضاع. هذا يشير إلى أن حماس تسعى إلى الحفاظ على الاتفاق، ولكنها في الوقت نفسه تطالب بتحسين شروطه، وتحديداً فيما يتعلق بفك الحصار عن غزة، وإعادة الإعمار.
خلفية الصراع: حرب 2023 وتداعياتها
يأتي هذا التصعيد في سياق حرب الإبادة الجماعية التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة بدءاً من 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من 69 ألف فلسطيني وإصابة ما يزيد على 170 ألفاً. هذه الحرب أدت إلى دمار هائل طال نحو 90% من البنى التحتية المدنية في القطاع، وتركت غزة في وضع إنساني كارثي. اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أنهى هذه الحرب، ولكنه لم يحل المشاكل الأساسية التي أدت إليها.
خروقات إسرائيلية مستمرة
على الرغم من الاتفاق، تواصل إسرائيل ارتكاب خروقات متكررة أدت إلى استشهاد وإصابة مئات الفلسطينيين. بالإضافة إلى ذلك، تستمر إسرائيل في فرض قيود مشددة على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، مما يزيد من معاناة السكان. هذه الخروقات والقيود تساهم في تأجيج التوتر، وتزيد من احتمالية اندلاع مواجهة جديدة. الوضع في غزة يتطلب حلاً شاملاً وعادلاً، يضمن حقوق الفلسطينيين، ويضع حداً للعدوان الإسرائيلي.
مستقبل غزة: سيناريوهات محتملة
الوضع الحالي في غزة يثير العديد من التساؤلات حول مستقبل القطاع. هل ستنجح الجهود الأمريكية في منع عملية عسكرية جديدة؟ هل ستلتزم إسرائيل ببنود اتفاق وقف إطلاق النار؟ هل ستتمكن حماس من تحقيق مطالبها؟ الإجابة على هذه الأسئلة غير واضحة، ولكن من المؤكد أن مستقبل غزة يعتمد على التطورات السياسية والأمنية في المنطقة، وعلى الدور الذي ستلعبه القوى الدولية. عملية عسكرية في غزة قد تعيد المنطقة إلى حلقة مفرغة من العنف والصراع، بينما يمكن للحل السياسي أن يفتح الباب أمام مستقبل أفضل للفلسطينيين. الوضع الإنساني في غزة يزداد سوءاً، ويتطلب تدخلاً عاجلاً من المجتمع الدولي. حركة حماس تظل لاعباً رئيسياً في المشهد الفلسطيني، ولا يمكن تجاهل دورها في أي حل مستقبلي.
في الختام، التقييمات الإسرائيلية بشأن احتمال شن عملية عسكرية جديدة في غزة تثير قلقاً بالغاً. يتطلب الوضع الحالي جهوداً دبلوماسية مكثفة، ووساطة فعالة، والتزاماً حقيقياً من جميع الأطراف بوقف العنف، والبحث عن حل سياسي عادل ودائم. ندعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤوليته، والضغط على إسرائيل لوقف خروقاتها، ورفع الحصار عن غزة، وتمكين الفلسطينيين من تحقيق حقوقهم المشروعة. شارك هذا المقال مع الآخرين لزيادة الوعي حول الوضع في غزة، وللمطالبة بإنهاء المعاناة.
