أعلنت وزارة التجارة الأمريكية، الأربعاء، عن خطوة هامة في مجال التعاون التكنولوجي، حيث سمحت بتصدير أشباه موصلات أمريكية متقدمة إلى شركتين رائدتين في السعودية والإمارات. هذه الخطوة تأتي في إطار سعي الولايات المتحدة للحفاظ على ريادتها في مجال الذكاء الاصطناعي، وتحديداً من خلال توفير أحدث التقنيات لشركائها الاستراتيجيين. وتشمل الصفقة موافقة على بيع ما يصل إلى 35 ألف شريحة متطورة من طراز Blackwell، تنتجها شركة “إنفيديا”، بقيمة تقديرية تصل إلى مليار دولار.
هيوماين و G42: محركات النمو في مجال الذكاء الاصطناعي
الشركتان اللتان حصلتا على هذه الموافقات الاستثنائية هما “هيوماين” (Humain) السعودية وشركة G42 الإماراتية للذكاء الاصطناعي. تعتبر “هيوماين” من الشركات المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، وهي تركز بشكل أساسي على تطوير وإدارة حلول وتقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة. أما G42، فهي شركة إماراتية رائدة في نفس المجال، وتسعى إلى تعزيز مكانة الإمارات كمركز إقليمي للابتكار في مجال التكنولوجيا.
أهداف هيوماين الاستراتيجية
تأسست شركة هيوماين في مايو الماضي، وتمثل حجر الزاوية في استراتيجية المملكة العربية السعودية الطموحة في مجال الذكاء الاصطناعي. تهدف الشركة إلى تحقيق السيادة التكنولوجية من خلال بناء بنية تحتية متطورة للذكاء الاصطناعي داخل المملكة. وقد أكد الرئيس التنفيذي للشركة، طارق أمين، في تصريحات سابقة أن بناء هذه البنية التحتية هو الأساس لضمان الاستقلالية في هذا المجال الحيوي.
تعزيز الهيمنة الأمريكية في مجال الذكاء الاصطناعي
أكدت وزارة التجارة الأمريكية أن هذه الموافقات تعزز استمرار هيمنة الولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي وقيادتها التكنولوجية عالمياً. وتأتي هذه الخطوة بما يتسق مع خطة الرئيس الأمريكي لدعم الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، والتي صدرت في يوليو 2025. وتسعى الولايات المتحدة من خلال هذه الشراكات إلى الحفاظ على مكانتها كأحد أبرز مصدري التكنولوجيا المتقدمة في العالم.
شراكات استراتيجية واستثمارات ضخمة
لا تقتصر هذه الصفقة على بيع أشباه الموصلات فحسب، بل تأتي في سياق شراكة استراتيجية أوسع بين السعودية والولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي. وتشمل هذه الشراكة توفير التكنولوجيا المتقدمة، وتطوير التطبيقات المبتكرة، وبناء البنى التحتية المتطورة، وتوسيع الاستثمارات النوعية بين الجانبين. وقد شهدت زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة توقيع حزمة اتفاقات واسعة النطاق، بما في ذلك اتفاقيات في مجالات الدفاع، والطاقة النووية السلمية، والمعادن النادرة.
تعاون هيوماين و xAI
بالإضافة إلى صفقة “إنفيديا”، أعلنت شركة هيوماين عن توقيع اتفاقية إطار بارزة مع شركة xAI، التابعة للملياردير إيلون ماسك، بهدف بناء قدرات حوسبة الذكاء الاصطناعي من الجيل الجديد. وتعمل الشركتان على تطوير مراكز بيانات مشتركة في السعودية، بما في ذلك منشأة بقدرة 500 ميجاوات. وأشار إيلون ماسك خلال مشاركته في منتدى الاستثمار الأميركي السعودي في واشنطن إلى أن المرحلة الأولى من مركز البيانات الجاري العمل عليه تبلغ 50 ميجاوات.
“إنفيديا” تبني حواسيب فائقة في السعودية
كشف الرئيس التنفيذي لشركة “إنفيديا”، جينسن هوانج، أن شركته تعمل على “بناء حواسيب فائقة في السعودية لمحاكاة الحواسيب الكمية، واستخدام حواسيبنا للتحكّم في عملية تصحيح الأخطاء الكمية التي تتطلب قدراً هائلاً من القدرة الحوسبية”. وأضاف أن شراكتهم مع هيوماين تسير على ما يرام، وأن الشركة السعودية الناشئة لديها القدرة على تحقيق إنجازات كبيرة في هذا المجال. يذكر أن شركة AMD المنافسة لـ”إنفيديا” لديها أيضاً اتفاق بمليارات الدولارات للعمل مع هيوماين.
التزامات أمنية ورقابة مستمرة
أكدت وزارة التجارة الأمريكية أن هذه الموافقات تخضع لالتزامات صارمة تتعلق بالأمن والتقارير الدورية. وتتولى إدارة الصناعة والأمن في الوزارة التواصل مع الشركتين بشأن هذه المتطلبات، وستراقب الالتزام بها بشكل مستمر. وتهدف هذه الإجراءات إلى ضمان حماية التكنولوجيا الأمريكية من أي سوء استخدام أو انتشار غير مصرح به. وتعتبر هذه الرقابة جزءاً أساسياً من استراتيجية الولايات المتحدة للحفاظ على ريادتها في مجال التكنولوجيا المتقدمة.
في الختام، تمثل هذه الصفقة خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون التكنولوجي بين الولايات المتحدة والسعودية والإمارات، وتسريع وتيرة الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي. ومن المتوقع أن تساهم هذه الشراكات في تحقيق نمو اقتصادي كبير في المنطقة، وتعزيز مكانتها كمركز عالمي للتكنولوجيا المتقدمة. ومن خلال الاستثمار في البنية التحتية، وتطوير التطبيقات المبتكرة، والالتزام بأعلى معايير الأمن، يمكن لهذه الدول أن تستفيد بشكل كامل من إمكانات الذكاء الاصطناعي وتحقيق أهدافها الاستراتيجية.
