شهد معرض دبي الدولي للطيران حدثاً تاريخياً نادراً، حيث تنافست مقاتلة الجيل الخامس الأميركية F-35، من إنتاج شركة Lockheed Martin، مع نظيرتها الروسية Su-57E، من إنتاج شركة United Aircraft، في عرض جوي مثير. هذا اللقاء، الذي أثار اهتمامًا عالميًا، يمثل نقطة تحول في عالم المقاتلات الشبحية، ويسلط الضوء على التطورات المتسارعة في التكنولوجيا العسكرية. حضور كلتا الطائرتين في المعرض يمثل فرصة فريدة لمقارنة القدرات والميزات التي تجعل كل منهما قوة لا يستهان بها في السماء.
F-35 و Su-57E: مواجهة العمالقة في سماء دبي
بدأت عروض الطائرات في معرض دبي للطيران بمشاركة مقاتلة F-35، التي قدمت عرضاً جوياً استمر لمدة 8 دقائق، أبهرت الحضور بقدراتها المذهلة. وبعد حوالي 90 دقيقة، انطلقت المقاتلة الروسية Su-57E، لتقدم عرضاً مماثلاً، مع التركيز على ميزاتها الفريدة. يعتبر هذا العرض فرصة نادرة لمشاهدة هاتين الطائرتين الشبحيتين في نفس المكان، خاصةً في ظل التوترات الجيوسياسية الحالية. الفارق الزمني بين العرضين سمح للمحللين العسكريين والمهتمين بمقارنة الأداء والقدرات بشكل أكثر تفصيلاً.
ميزات F-35: التفوق التكنولوجي والقدرات المتعددة
تعتبر مقاتلة F-35 على نطاق واسع الأكثر تطوراً في العالم، وذلك بفضل تقنية التخفي المتقدمة التي تمكنها من التهرب من الرادارات، إلى جانب قدراتها الاستهدافية القوية وأنظمة الاستشعار المتكاملة. صممت Lockheed Martin هذه الطائرة لتكون “الأكثر فتكاً وبقاء واتصالاً”، مما يمنح الطيارين ميزة حاسمة في أي سيناريو قتالي. تتوفر F-35 بثلاثة إصدارات رئيسية: F-35A للعمل من المدرجات التقليدية، وF-35B التي يمكنها الإقلاع والهبوط عمودياً، وF-35C المصممة للعمل من على متن حاملات الطائرات.
تطورات برنامج Block 4 وقوة النيران المتزايدة
أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) عن تطويرات مستمرة في مقاتلة F-35، بما في ذلك برنامج الترقية Block 4، الذي يهدف إلى تزويد الطائرة بقدرات استهداف جديدة، ومدى استشعار أوسع، وشبكات اتصال أكثر تطوراً، وزيادة قوتها القاتلة. هذه التحديثات ستعزز بشكل كبير من قدرات F-35، وستحافظ على تفوقها التكنولوجي في العقود القادمة. القدرات المتزايدة ستجعل الـ F-35 ركيزة أساسية في استراتيجيات الدفاع الجوي للعديد من الدول.
Su-57E: التحدي الروسي في سوق المقاتلات الشبحية
في المقابل، تمثل Su-57E أحدث محاولات روسيا لدخول سوق المقاتلات الشبحية. على الرغم من أنها لم تُعرض للتصدير بعد، إلا أن عرضها في معرض دبي يشير إلى سعي موسكو لتصبح منافساً رئيسياً في هذا المجال. تتميز Su-57E بقدرتها على الوصول إلى سرعات تزيد عن 2 ماخ، وهي مصممة للقتال الجوي القريب، على عكس F-35 التي تركز بشكل أكبر على التخفي ودمج أجهزة الاستشعار.
إمكانية الإنتاج المحلي ونقل التكنولوجيا
تعرض شركة United Aircraft إمكانية الإنتاج المحلي لطائرة Su-57E للعملاء الأجانب، بالإضافة إلى نقل التكنولوجيا المرتبطة بها. هذه الخطوة تهدف إلى جذب المزيد من الدول المهتمة بالطائرة، وتقديمها كخيار اقتصادي ومناسب للميزانيات المحدودة. ومع ذلك، لا يزال الأداء الفعلي لـ Su-57E محل شك، مما يجعل من الصعب على الدول المهتمة تقييمها بشكل كامل، ولا تزال التحديات تواجه روسيا في مجال تطوير و تصدير المقاتلات الشبحية.
العوامل السياسية والاقتصادية المؤثرة
تأتي هذه المنافسة في وقت تشهد فيه العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا توتراً كبيراً، خاصةً في ظل الحرب الدائرة في أوكرانيا. بالإضافة إلى ذلك، فإن تكلفة الطائرات الشبحية الباهظة تجعل بعض الدول تفضل تعزيز ترساناتها بطرازات أقل تطوراً. كما أن القيود التجارية والسياسية، مثل تلك التي واجهتها الإمارات في سعيها لشراء الـ F-35، تلعب دوراً في تحديد الخيارات المتاحة للدول.
جدير بالذكر أن الولايات المتحدة أعلنت مؤخراً عن عزمها بيع طائرات F-35 إلى السعودية، مما يزيد من الضغوط على روسيا لتقديم عرض تنافسي لـ Su-57E. إسرائيل، الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تشغل حالياً طائرات F-35 الشبحية، تمثل نموذجاً للتعاون العسكري والتكنولوجي مع الولايات المتحدة.
الخلاصة: مستقبل المقاتلات الشبحية في الشرق الأوسط
إن عرض كل من F-35 و Su-57E في معرض دبي للطيران يمثل علامة فارقة في عالم الطيران العسكري. يوضح هذا الحدث التنافس المتزايد بين الولايات المتحدة وروسيا في سوق المقاتلات الشبحية، ويسلط الضوء على التحديات والفرص التي تواجهها الدول في منطقة الشرق الأوسط في سعيها لتعزيز قدراتها الدفاعية. المقاتلات الشبحية مثل الـ F-35 والـ Su-57E ستلعب دوراً حاسماً في تحديد ميزان القوى في المنطقة في السنوات القادمة. مواكبة هذا التطور التكنولوجي أمر ضروري لضمان الأمن والاستقرار الإقليمي.
