محافظة جيفو اليابانية تواجه خطر الدببة وتلجأ إلى حلول مبتكرة لحماية المزارع وممتلكات السكان. في ظل تزايد مشاهدات الدببة بشكل ملحوظ هذا الخريف، اتخذت السلطات المحلية إجراءات سريعة وفعالة، من بينها استخدام ما أُطلق عليه اسم “مسيّرة الصيد” – وهي طائرة بدون طيار مصممة لردع هذه الحيوانات البرية وحماية المحاصيل الزراعية. هذه الخطوة تأتي في إطار سعي الحكومة المحلية لإيجاد حلول مستدامة للتحديات البيئية المتزايدة.
مسيّرة الصيد: سلاح جديد في مواجهة الدببة في جيفو
تعتبر محافظة جيفو في اليابان منطقة غنية بالطبيعة، ولكن هذا الجمال يخفي تحدياً متزايداً يتمثل في ظهور الدببة بشكل متكرر بالقرب من المناطق السكنية والبساتين. وقد شهد هذا الخريف زيادة هائلة في عدد مشاهدات الدببة، بلغت حوالي ثمانية أضعاف ما كانت عليه في العام الماضي، مما أثار قلق المزارعين والسكان على حد سواء.
لمواجهة هذا الخطر، لجأت محافظة جيفو إلى تقنية حديثة ومبتكرة، وهي “مسيّرة الصيد” أو الطائرة بدون طيار المصممة خصيصاً لردع الدببة. هذه الطائرة ليست مسلحة بأي شكل من الأشكال، بل تعتمد على الصوت لإخافة الحيوانات.
كيف تعمل مسيّرة الصيد؟
تعمل مسيّرة الصيد ببساطة عن طريق التحليق فوق المناطق التي تشهد تواجدًا للدببة وإصدار أصوات عالية تحاكي نباح الكلاب. هذا الصوت، الذي يعتبر مزعجًا للدببة، يهدف إلى إبعادها عن المنطقة وحماية المحاصيل الزراعية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمسيّرة إطلاق مفرقعات صوتية في حالة استمرار الدببة في التواجد.
هذه التقنية تعتبر بديلاً فعالاً وآمناً للطرق التقليدية في التعامل مع الدببة، مثل الصيد أو استخدام المواد الكيميائية. فهي لا تضر بالحيوانات، بل تهدف فقط إلى ردعها وإبعادها عن المناطق المأهولة.
حماية “فروتس بارك كوروتشي” من أضرار الدببة
أحد أبرز التطبيقات لهذه التقنية الجديدة كان في بستان “فروتس بارك كوروتشي”، الذي تعرض لأضرار كبيرة بسبب الدببة التي كانت تتغذى على التفاح والخوخ. وقد أثبتت مسيّرة الصيد فعاليتها في حماية البستان وتقليل الخسائر التي يتكبدها المزارعون.
ناوفومي يوشيكاوا، المسؤول في إدارة الشؤون البيئية بالمحافظة والمشرف على التجربة، أكد أن استخدام الطائرة بدون طيار هو إجراء فوري للاستجابة لزيادة أعداد الدببة. يهدف هذا الإجراء إلى توفير حماية مؤقتة للمزارع والمناطق السكنية، بينما يتم العمل على حلول أكثر استدامة على المدى الطويل.
ردود أفعال المزارعين
رئيس التعاونية المحلية للمزارع، ماساهيكو أماكي، أعرب عن ارتياحه لهذه التقنية الجديدة، ولكنه شدد على أن الخوف من الدببة لا يزال قائماً. وبينما كان صوت المسيّرة يعلو في الأجواء، فإن شعور القلق والخوف لم يختفِ تمامًا لدى المزارعين.
هذا يشير إلى أن استخدام مسيّرة الصيد يجب أن يكون جزءاً من استراتيجية شاملة للتعامل مع الدببة، تتضمن أيضاً توعية السكان وتوفير التدريب اللازم لهم حول كيفية التصرف في حالة مواجهة الدببة. بالإضافة إلى التأكد من اتباع الممارسات الزراعية الآمنة لتقليل جاذبية البساتين للدببة، مثل إزالة الثمار التالفة وتخزين المحاصيل بشكل صحيح.
تحذيرات للمتنزهين وضرورة الحذر
لم تقتصر جهود محافظة جيفو على حماية المزارع فحسب، بل امتدت لتشمل توعية المتنزهين والزوار بأهمية الحذر والالتزام بإرشادات السلامة. فقد تم وضع لافتات تحذيرية عند بداية مسارات المشي القريبة من المزرعة، تحث المتنزهين على عدم السير بمفردهم وتنبيههم إلى خطر وجود الدببة.
هذه التحذيرات تهدف إلى تقليل فرص وقوع حوادث بين البشر والدببة، وضمان سلامة الجميع. ويُنصح المتنزهون أيضاً بحمل أجراس أو صافرات لإصدار أصوات تنبه الدببة إلى وجودهم، وتجنب الاقتراب من المناطق التي تشهد تواجدًا كثيفًا للدببة.
مستقبل إدارة الحياة البرية في جيفو
إن استخدام مسيّرة الصيد يمثل خطوة مهمة في تطوير حلول مبتكرة لإدارة الحياة البرية في محافظة جيفو. ومع استمرار تزايد التحديات البيئية، فإنه من الضروري الاستثمار في البحث والتطوير لإيجاد تقنيات جديدة وفعالة لحماية البيئة والإنسان على حد سواء. مواجهة الدببة تتطلب تضافر الجهود بين الحكومة المحلية والمزارعين والسكان.
وبالنظر إلى النجاح الأولي لهذه التجربة، فإنه من الممكن التوسع في استخدام المسيّرات في مناطق أخرى من المحافظة، وتطويرها لتشمل ميزات إضافية، مثل كاميرات المراقبة التي يمكنها تتبع حركة الدببة. كما أن السلامة في المناطق الريفية تعتمد على التوعية المستمرة واتباع الإرشادات اللازمة.
في الختام، يمثل استخدام مسيّرة الصيد في محافظة جيفو مثالاً رائداً على كيفية الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة في مواجهة التحديات البيئية. وهي تجربة تستحق المتابعة والدراسة، ويمكن أن تكون بمثابة نموذج للعديد من المناطق الأخرى التي تعاني من نفس المشكلة. التحدي الأكبر يبقى في إيجاد حلول طويلة الأمد تضمن التعايش السلمي بين الإنسان والحياة البرية. ندعوكم لمشاركة هذا المقال مع المهتمين بقضايا البيئة والحياة البرية، وللتعرف على المزيد حول جهود محافظة جيفو في هذا المجال، يمكنكم زيارة موقعهم الرسمي.
