من بوابة الزمن الجميل، يطل صانع المحتوى التراثي، يوسف بالحمر، الذي استهوته كنوز التراث وسحر الماضي، فأتقن توظيف «الشبكات الحديثة»، لحماية الأصالة ونقلها بأمانة ودقة إلى أجيال المستقبل. هذا الشاب الإماراتي الطموح، يوسف بالحمر، يجسد نموذجاً للجيل الجديد الذي يرى في التراث الإماراتي ليس مجرد ذكريات، بل هو هوية وقيم يجب الحفاظ عليها ونقلها.
رحلة يوسف بالحمر في عالم المحتوى التراثي
تُكرّس تجربة «مرحبا الساع»، التي يقدمها يوسف على وسائل التواصل الاجتماعي، نموذجاً لشاب إماراتي لا يرى في الموروث الشعبي مجرد فصول من الماضي، بل يعدّها مادة حية وقيماً حضارية وإنسانية مُلهِمة تتجدد بروح العصر. بين الكلمة والصورة، يرسم يوسف كل مرة خريطة وطنه في ذاكرة الشاشة، ليثبت باستمرار أن المحتوى الهادف لا يزال قادراً على ملامسة القلوب وصنع الأثر. بدأ اهتمامه بالتراث الإماراتي منذ الطفولة، حين كان جزءاً لا يتجزأ من أنشطة نادي تراث الإمارات في أبوظبي، وهو ما ترك أثراً كبيراً في تشكيل وعيه وربطه بجذوره.
جذور الشغف والتأثير المبكر
يؤكد يوسف أن التراث بالنسبة له ليس مجرد عمل أو مهنة، بل هو شغف وهوية. يقول: “منذ مرحلة مبكرة من طفولتي، كنت حريصاً على المشاركة في الأنشطة التراثية، لإحساسي المبكر بقيمة وجمالية الاهتمام بثقافتنا وتعلم قيمنا وعاداتنا والتمسك بها في حياتنا اليومية.” هذا الشغف المبكر دفعه إلى دراسة الإعلام في جامعة ليوا، حيث حصل على درجة البكالوريوس في الإعلام والعلاقات العامة.
دمج التراث مع العصر الرقمي
على الرغم من أن عمله الأساسي في القطاع الحكومي بعيد عن مجال الإعلام، إلا أن يوسف يرى في صناعة المحتوى مساحة مثالية للتعبير عن شغفه. يضيف: “تعلّمت في الجامعة أسس الاتصال وصياغة الرسالة الإعلامية، لكنني وجدت نفسي أكثر في تجربة استثمار معارفي بمجالات الموروث الشعبي الإماراتي. حاولت أن أمزج التراث بالعالم الجديد، وأن أقدمه بلغة يفهمها جيل اليوم.” وهذا التوجه يتماشى مع الحاجة المتزايدة لتقديم الموروث الثقافي بطرق مبتكرة وجذابة للشباب.
رسالة واضحة وهدف سامي
يرى يوسف أن دخوله عالم التواصل الاجتماعي كان بدافعين رئيسيين: المحافظة على التراث الإماراتي وزرع حبه في نفوس الشباب، وتعريف المجتمع بهذا التراث محلياً وعالمياً. ويؤكد أن التراث ليس شيئاً من الماضي، بل هو قصة نرويها في الحاضر لتبقى حية مستقبلاً. يهدف إلى الإبقاء على القيم المحلية حية في وجدان الأجيال الجديدة، وتقديم صورة حقيقية عن الموروث الأصيل للعالم. ويؤمن بأن وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة قوية للتأثير إذا استُخدمت بالشكل الصحيح.
تحديات صناعة المحتوى التراثي
يتحدث يوسف عن التحديات التي تواجه صناعة هذا النوع من المحتوى، مؤكداً أن تناول أي موضوع عن التراث مسؤولية كبيرة. لذا، يحرص دائماً على القراءة والبحث في الكتب والمراجع المتخصصة للتأكد من المعلومات التي يقدمها. كما يتعاون مع جهات متخصصة مثل مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، وهيئات التراث والثقافة، ولا يتردد في استشارة الباحثين والأصدقاء المتخصصين لتلافي أي خطأ.
تطوير المهارات والاحترافية
انطلق يوسف في صناعة المحتوى بشكل منتظم قبل نحو عامين، بعد التحاقه بسلسلة من الدورات التدريبية المتخصصة في الكتابة والتصوير وصناعة المحتوى مع أكاديمية الإعلام الجديد، ما ساعده على تطوير أسلوبه في التقديم والتصوير. هذا الجهد المستمر في تطوير المهارات يعكس التزامه بتقديم محتوى تراثي أصيل بجودة عالية.
طموحات مستقبلية ورؤية متجددة
يتطلع يوسف إلى توسيع رؤيته وتطوير نطاق رسالته من خلال برامج مرئية وصوتية. يضيف: “لا أمانع أن يتحول المحتوى الذي أقدمه حالياً إلى برنامج تلفزيوني، لأنني مهتم بأن تصل رسالتي إلى الناس بأفضل طريقة وصورة.” كما أنه بصدد وضع اللمسات النهائية لتجربة (بودكاست) تراثي جديد وفريد، برؤية معاصرة ومختلفة، متوقعاً أن ينطلق بداية عام 2026 بعد حصوله على تدريب متخصص في هذا المجال.
يوسف بالحمر يمثل قصة نجاح ملهمة لشاب إماراتي استطاع أن يجمع بين شغفه بالتراث ومهاراته الإعلامية لتقديم محتوى هادف ومؤثر. إن جهوده تساهم في الحفاظ على الهوية الوطنية وتعزيزها لدى الأجيال القادمة، وتؤكد أن التراث الإماراتي لا يزال قادراً على الإلهام والتأثير في عالمنا المعاصر. تابعوا “مرحبا الساع” وكونوا جزءاً من هذه الرحلة الشيقة في عالم التراث الإماراتي.
