في خطوة هامة تعكس التزام الإمارات العربية المتحدة بتعزيز قيم التسامح والتعايش، أعلن الباحث التربوي علي البدواوي عن إطلاق دراسة بحثية وطنية شاملة تهدف إلى قياس قيم التسامح في المدارس الإماراتية. تأتي هذه المبادرة استجابة لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، حفظه الله، الداعية إلى بناء مجتمع متسامح يقوم على أسس المحبة والرحمة وقبول الآخر. تعتمد الدراسة على استبيان علمي دقيق موجه إلى جميع أفراد المجتمع المدرسي: الطلبة، وأولياء الأمور، والكوادر التعليمية.
أهمية الدراسة وأهدافها الرئيسية
تكتسب هذه الدراسة أهمية بالغة في ظل التحديات المجتمعية المعاصرة التي تتطلب تعزيز القيم الإنسانية في نفوس الأجيال الناشئة. يوضح البدواوي أن الهدف الأساسي هو دعم البيئة التعليمية وتعزيز هذه القيم بين الطلبة، من خلال فهم واقع المناخ المدرسي وتأثيره على سلوكياتهم. وتهدف الدراسة أيضاً إلى تقديم توصيات عملية لصناع القرار التربوي لتطوير سياسات وبرامج فعالة تسهم في بناء جيل واعٍ ومتحمل للمسؤولية.
معايير علمية وأدوات القياس
تتميز هذه الدراسة بالدقة والموضوعية، حيث صُممت وفق معايير علمية دقيقة لضمان الحصول على نتائج موثوقة. يعتمد الاستبيان على قياس عدة جوانب رئيسية تشمل: مستويات الانتماء والأمان في المدرسة، وجودة العلاقات بين الطلبة والمعلمين، وقيم التعاطف والتسامح. بالإضافة إلى ذلك، تسعى الدراسة إلى رصد تأثير الأسرة في تشكيل السلوك الطلابي، وهو عنصر بالغ الأهمية في عملية التنشئة الاجتماعية.
مكونات الاستبيان الرئيسية
يتألف الاستبيان من عدة أقسام رئيسية تهدف إلى جمع بيانات شاملة حول مختلف الجوانب المتعلقة بالتسامح في المدارس. تشمل هذه الأقسام:
- البيانات الديموغرافية: يجمع هذا القسم معلومات أساسية عن المشاركين مثل الجنس، الوظيفة التربوية، اسم المدرسة، والإمارة. ويساعد ذلك في تحليل النتائج وفقًا لمتغيرات جغرافية ومهنية.
- المناخ المدرسي: يركز هذا الجزء على تقييم شعور الطلبة بالرفاهية والانتماء إلى المدرسة، بالإضافة إلى قدرتهم على التكيف مع الضغوط والتغيرات.
- العلاقات بين الأقران: يسعى هذا الجزء إلى فهم طبيعة الروابط بين الطلبة، ومستوى تعاونهم ودعمهم لبعضهم البعض.
- دور الأسرة: يرصد هذا القسم طبيعة التفاعل بين المنزل والمدرسة، ومدى دعم أولياء الأمور لأبنائهم في الدراسة وفي الأنشطة المدرسية.
- مقياس التعاطف (تورونتو): يقيس مستوى التعاطف لدى أفراد الكادر التعليمي، من خلال تقييم مشاعرهم وسلوكياتهم التعاطفية.
- مقياس النزعة نحو التسامح: يهدف إلى قياس مواقف المربين تجاه سلوكيات الطلبة المخالفة، ومدى تقبلهم للأعذار.
المشاركة في الدراسة وآلية العمل
أكد البدواوي أن المشاركة في الدراسة هي مشاركة تطوعية، وأن الإجراءات بسيطة وسهلة. يمكن لأولياء الأمور الذين لديهم أبناء في الصفوف من السابع إلى الثاني عشر الموافقة على مشاركة أبنائهم عبر النموذج الإلكتروني المتاح على منصة “مايكروسوفت فورمز” عبر الرابط: https://forms.cloud.microsoft.com/r/EgC2Z60fJZ. يؤكد على أن سرية هوية المشاركين محفوظة بشكل كامل.
بناء مدرسة متسامحة: رؤية مستقبلية
يؤكد علي البدواوي أن بناء مدرسة متسامحة ومتعاطفة يمثل حجر الزاوية في تأسيس مجتمع أكثر تماسكًا وإنسانية. إن غرس قيم التسامح في نفوس الطلبة ليس مجرد واجب تربوي، بل هو استثمار في مستقبل الوطن. لذلك، يدعو جميع التربويين وأولياء الأمور إلى التفاعل مع هذه المبادرة البحثية، وتقديم إجابات صادقة وموضوعية، بما يضمن أن تعكس النتائج الواقع بدقة وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التطوير التربوي القائمة على بيانات علمية راسخة.
عبارات الاستبيان وأهمية الصدق والشفافية
أوضح البدواوي أن عبارات الاستبيان مصممة لتعكس سلوكيات الطلبة وخصائص المناخ المدرسي، وتدعو أفراد الكادر التربوي إلى الإجابة بدقة وشفافية، بوصفهم شهودًا على الواقع اليومي للمدرسة. وأكد أنه لا توجد إجابات صحيحة أو خاطئة، بل الهدف هو جمع أكبر قدر ممكن من البيانات الموضوعية.
النتائج المتوقعة وتأثيرها على السياسات التربوية
من المتوقع أن تسهم نتائج هذه الدراسة في تقديم صورة واضحة وموضوعية عن واقع التسامح في المدارس الإماراتية. سيساعد ذلك صناع القرار التربوي في تطوير سياسات وبرامج أكثر فعالية لمكافحة التنمر والعنف، ولتعزيز قيم الاحترام المتبادل والتفاهم بين الطلبة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تساعد النتائج في تحديد نقاط القوة والضعف في البيئة التعليمية، والعمل على تحسينها بما يخدم مصلحة الطلبة والمجتمع ككل.
ختاماً، يمثل هذا المشروع البحثي خطوة إيجابية نحو تحقيق رؤية الإمارات في بناء مجتمع متسامح، ويعكس التزامها الراسخ بتعزيز القيم الإنسانية في جميع المجالات. إن تعزيز قيم التسامح ليس مجرد هدف تربوي، بل هو ضرورة حتمية لبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
