أفاد تقرير أممي بأن انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بدأت أخيراً في الانخفاض، في مؤشر يعد الأول من نوعه منذ بدء تنفيذ اتفاق باريس للمناخ قبل نحو عقد. وأوضحت الأمم المتحدة أن التحديث الجديد لتقرير “التعهدات الوطنية المحددة” لعام 2025، أظهر أن مقياس الانبعاثات العالمية بدأ يتجه نحو الأسفل، بعد سنوات من الارتفاع المتواصل.
## تراجع معدلات الانبعاثات الضارة
خلال مؤتمر صحافي، عقد في اليوم الأول من قمة المناخ “كوب 30” بمدينة بيليم في البرازيل، شدد الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة للمناخ، سيمون ستيل، على أن وتيرة العمل لا تزال بطيئة مقارنة بحجم التحدي. وقال ستيل: “إنها خطوة مهمة. فكل جزء من درجة مئوية يمكن تجنب ارتفاعها يعني إنقاذ ملايين الأرواح وتجنب مليارات الدولارات من الأضرار الاقتصادية”. ودعا إلى “تسريع الجهود في غابات الأمازون” في إشارة رمزية إلى ضرورة التحرك السريع والواسع في أماكن حيوية تمثل رئة الكوكب.
### توقعات الانبعاثات العالمية
توقع التقرير، الذي أعدته أمانة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، انخفاض الانبعاثات العالمية بنسبة 12% بحلول عام 2035 مقارنة بمستويات عام 2019، استناداً إلى التعهدات الجديدة التي قدمتها 113 دولة من أطراف اتفاق باريس، خلال الأسابيع الأخيرة فقط. وفقاً للتقديرات المحدثة، بلغ إجمالي الانبعاثات المتوقعة من هذه الدول بحلول عام 2035 نحو 32.1 جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، أي بانخفاض 12% عن مستويات 2019.
## دور الدول في خفض الانبعاثات
تشير التقديرات إلى أن الانبعاثات العالمية بحلول 2035 ستكون أقل بنسبة ما بين 7 و 12% مقارنة بعام 2019، وهي نتيجة تعد أفضل بكثير من التوقعات التي كانت سائدة قبل توقيع اتفاق باريس عام 2015. تضمن التقرير قائمة بالدول التي قدمت مساهماتها الجديدة أو المعدلة، وتشمل دول الاتحاد الأوروبي، والصين، وجنوب إفريقيا، وإندونيسيا، وتركيا، وماليزيا، والمكسيك. وأوضح التقرير أن هذه الدول معاً وراء أغلب الانبعاثات الصناعية والزراعية في العالم.
### أولويات العمل المناخي
وحدد التقرير القطاعات التي تحتاج إلى تسارع أكبر في العمل المناخي، وفي مقدمتها النقل والطاقة والصناعة الثقيلة. وأكد أن التحول نحو مصادر الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح والهيدروجين الأخضر، إضافة إلى الاستثمار في التقاط الكربون وتخزينه، يمكن أن يخفض الانبعاثات في هذه القطاعات بنسبة تصل إلى 80% خلال العقدين المقبلين.
## نحو الحياد الكربوني
يعتمد هذا التحسن، بحسب الأمم المتحدة، على التنفيذ الكامل للتعهدات المحدثة من قبل الأطراف. في الوقت نفسه، حذر التقرير من أن أي تباطؤ في التنفيذ ربما يعيد المسار إلى الارتفاع، خاصة في حال استمرار الاعتماد على الفحم والنفط في إنتاج الطاقة. وأشار التقرير إلى أن ما تحقق حتى الآن “يمثل بداية انحناء المنحنى، وليس نهايته”، فالتحدي الأكبر يكمن في تثبيت هذا الاتجاه حتى عام 2035، ثم تسريعه للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن.
في الختام، أكدت أمانة الأمم المتحدة للمناخ أن هذه النتائج تظهر بوضوح “أن اتفاق باريس بدأ يُحدث فرقاً ملموساً”. ومع ذلك، يحتاج الاتفاق إلى مضاعفة الجهود في العقد الحالي لتحقيق الأهداف المناخية الطموحة. يجب على الدول المتقدمة والنامية العمل معاً لتسريع وتيرة خفض الانبعاثات وتحقيق مستقبل منخفض الكربون.
