في تطور هام يعكس ديناميكية القيادة داخل حركة حماس، كشفت مصادر موثوقة عن قرب إجراء انتخابات لاختيار رئيس جديد للمكتب السياسي للحركة، وذلك بعد فراغ المنصب عقب استشهاد يحيى السنوار في أكتوبر الماضي. هذه الخطوة تأتي في ظل ظروف استثنائية تشهدها المنطقة، وتحديداً في قطاع غزة، حيث تستمر المواجهات العسكرية. الانتخابات المتوقعة ستحدد بشكل كبير قيادة حماس المستقبلية ومسارها السياسي.
الإعداد لانتخابات المكتب السياسي لحماس
بدأت حركة حماس بالفعل في وضع اللمسات النهائية للإعداد لانتخابات المكتب السياسي، والتي ستجرى في مجلس الشورى العام. يتألف هذا المجلس من حوالي 50 عضواً يمثلون مختلف الساحات الجغرافية التي تنشط فيها الحركة، وهي قطاع غزة، والضفة الغربية، والشتات. هذا التمثيل الواسع يهدف إلى ضمان أن تكون القيادة الجديدة معبرة عن جميع مكونات الحركة وتطلعاتها.
المصادر رجحت أن الانتخابات ستتم في غضون أيام أو أسابيع قليلة، مما يشير إلى حرص الحركة على استكمال هذا الإجراء الديمقراطي في أقرب وقت ممكن. كان من المفترض أن تُجرى انتخابات عامة في بداية عام 2025، لكن الحرب الإسرائيلية على غزة أجبرت الحركة على تأجيلها، مع استبعاد إجراء أي انتخابات شاملة قبل وقف إطلاق النار الكامل.
أهمية التوقيت في ظل الحرب على غزة
التوقيت الحالي للانتخابات يحمل دلالات عميقة. ففي خضم الحرب، تسعى حماس إلى إعادة ترتيب أوراقها وتأكيد قدرتها على الاستمرار والقيادة. هذا يعكس إصرار الحركة على الحفاظ على دورها المركزي في المشهد الفلسطيني، حتى في ظل التحديات الهائلة التي تواجهها. كما أن اختيار قيادة جديدة قد يساهم في تعزيز موقف الحركة في أي مفاوضات مستقبلية.
أبرز المرشحين لموقع قيادة حماس
تتركز المنافسة على منصب رئيس المكتب السياسي حالياً بين شخصيتين بارزتين في الحركة: خليل الحية، رئيس المكتب السياسي للحركة في غزة، وخالد مشعل، الرئيس السابق للمكتب السياسي.
تشير التقديرات إلى أن خليل الحية يمتلك الأفضلية في هذه الانتخابات، وذلك بفضل الدعم الواسع الذي يحظى به، والذي لا يقتصر على قطاع غزة فحسب، بل يمتد ليشمل جزءاً كبيراً من قيادة الحركة في الضفة الغربية، وخاصة من خلال دعم زاهر جبارين، رئيس مكتبها السياسي في الضفة.
رؤى مختلفة للمستقبل السياسي للحركة
الخلاف بين المرشحين لا يقتصر على الشخصية، بل يتعلق أيضاً بالرؤى المختلفة لمستقبل الحركة. يرى مقربون من حماس أن فوز خليل الحية يعني استمراراً للمسار الحالي الذي يركز على المقاومة المسلحة ضد إسرائيل في قطاع غزة، حتى تحقيق وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب كامل للجيش الإسرائيلي.
في المقابل، يميل خالد مشعل إلى تبني مسار سياسي أكثر مرونة، يقوم على البحث عن تسويات تفاوضية لإنهاء الاحتلال في غزة. كما أنه يرى ضرورة في محاولة إبعاد الحركة عن إيران، والتقرب أكثر من الدول العربية المعتدلة، بهدف تحسين علاقاتها الإقليمية وتعزيز موقفها التفاوضي. هذا الاختلاف في الرؤى يعكس صراعاً داخلياً في الحركة حول أفضل طريقة لتحقيق أهدافها في المرحلة القادمة.
تأثير الانتخابات على مستقبل غزة والعلاقات الإقليمية
تعتبر هذه الانتخابات نقطة تحول حاسمة بالنسبة لحركة حماس. فالقيادة الجديدة ستكون مسؤولة عن اتخاذ قرارات مصيرية بشأن مستقبل الحركة، ومستقبل قطاع غزة، وعلاقاتها مع القوى الإقليمية والدولية.
من المتوقع أن تؤثر نتائج الانتخابات بشكل كبير على مسار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وعلى فرص تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. فإذا فاز خليل الحية، فمن المرجح أن تستمر المواجهات العسكرية في قطاع غزة، وأن تتبنى الحركة موقفاً أكثر صلابة في المفاوضات. أما إذا فاز خالد مشعل، فقد نشهد تحولاً في استراتيجية الحركة، نحو البحث عن حلول سياسية ودبلوماسية.
مستقبل حماس: تحديات وفرص
تواجه حركة حماس تحديات جمة في المرحلة الراهنة، بما في ذلك الحرب المستمرة في غزة، والضغوط الإقليمية والدولية، والانقسامات الداخلية. ومع ذلك، فإن الحركة تمتلك أيضاً فرصاً سانحة، مثل تعزيز دورها كقوة مقاومة، وتحسين علاقاتها مع بعض القوى الإقليمية، والمشاركة في أي عملية سياسية مستقبلية.
الانتخابات الداخلية تمثل فرصة للحركة لإعادة تقييم استراتيجيتها، وتوحيد صفوفها، واختيار قيادة قادرة على مواجهة التحديات واغتنام الفرص. إن اختيار قيادة جديدة لحماس سيكون له تداعيات بعيدة المدى على المشهد الفلسطيني والإقليمي، وسيشكل مسار الحركة السياسي في السنوات القادمة. من الضروري متابعة هذه التطورات عن كثب، وتحليل تأثيرها المحتمل على جميع الأطراف المعنية.
الكلمات المفتاحية الثانوية المستخدمة: الوضع في غزة، المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية.


