تترقب الدوائر السياسية باهتمام بالغ اجتماعًا يُنظر إليه على أنه “مصيري” بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يوم الاثنين المقبل في منتجع “مار إيه لاغو” بفلوريدا. هذا اللقاء تحديدًا يحمل في طياته مفاتيح مستقبل المبادرات الأمريكية الكبرى المتعلقة بـ قطاع غزة، والتي من المتوقع أن تُعلن ملامحها الرئيسية في أوائل شهر يناير/كانون الثاني القادم. الوضع في غزة يتطلب حلولاً عاجلة، وهذا الاجتماع قد يكون نقطة تحول حاسمة.
إحباط أمريكي من “المماطلة الإسرائيلية”
وفقًا لمصادر في البيت الأبيض، نقلها موقع “أكسيوس”، هناك حالة من الإحباط المتزايد تسود فريق ترامب، الذي يضم شخصيات رئيسية مثل جيسون ويتكوف، وجاريد كوشنر، وماركو روبيو. يرجع هذا الإحباط إلى ما وصفوه بـ “المماطلة الإسرائيلية” في تنفيذ التفاهمات التي تم التوصل إليها سابقًا بشأن السلام.
يبدو أن نتنياهو يسعى إلى التأثير المباشر على الرئيس ترامب، متجاوزًا مستشاريه، بهدف تبني رؤية أكثر تشدداً فيما يتعلق بملفي نزع السلاح من غزة والحكم المستقبلي للقطاع. هذا السعي يثير قلقًا في الإدارة الأمريكية، التي ترى أن التقدم في هذه الملفات ضروري لتحقيق الاستقرار الإقليمي.
تحديات تنفيذ التفاهمات
تتركز أبرز التحديات في تنفيذ التفاهمات حول آليات نزع السلاح من الفصائل المسلحة في غزة، وضمان عدم قدرتها على إعادة بناء ترسانتها. كما يواجه الجانب الأمريكي صعوبة في التوصل إلى اتفاق حول شكل الحكم المستقبلي للقطاع، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة إبعاد حركة حماس عن السلطة.
خارطة طريق ترامب لغزة: حكومة تكنوقراط وقوة دولية
تسعى إدارة ترامب إلى الكشف عن خطة متكاملة وشاملة لمعالجة الوضع في قطاع غزة، تتضمن ثلاثة عناصر رئيسية:
- حكومة تكنوقراط فلسطينية: تتجه الإدارة الأمريكية نحو دعم تشكيل حكومة فلسطينية مؤقتة من التكنوقراط، أي من الخبراء والكفاءات غير المنتمين للأحزاب السياسية. وقد خضعت أسماء المرشحين المحتملين لفحص دقيق من قبل واشنطن، لضمان نزاهتهم وكفاءتهم في إدارة شؤون القطاع.
- قوة استقرار دولية: تعتزم الإدارة الأمريكية نشر قوة دولية في غزة، بهدف دعم عملية الانتقال الأمني والإشراف على نزع السلاح التدريجي. ستلعب هذه القوة دورًا حيويًا في الحفاظ على الأمن والاستقرار في القطاع، ومنع عودة العنف.
- مجلس سلام بقيادة ترامب: من المتوقع أن يتم تدشين مجلس سلام إقليمي برئاسة الرئيس ترامب، خلال منتدى “دافوس” الاقتصادي في نهاية شهر يناير. سيتولى هذا المجلس الإشراف على تنفيذ الخطة الأمريكية، وتقديم الدعم اللازم للأطراف المعنية. من المرجح أن يتولى المبعوث السابق نيكولاي ملادينوف دورًا رئيسيًا في هذا المجلس.
الضغط الأمريكي على إسرائيل: معبر رفح والسلطة الفلسطينية
تتهم الإدارة الأمريكية إسرائيل بتقويض وقف إطلاق النار في غزة من خلال “عمليات عسكرية غير منسقة”، وتعطيل الجهود الإنسانية، خاصة فيما يتعلق بمعبر رفح، الذي يعتبر الشريان الحيوي لإدخال المساعدات إلى القطاع. كما تنتقد الإدارة الأمريكية إسرائيل لعدم اتخاذ خطوات كافية لتسهيل وصول تجهيزات الشتاء إلى سكان غزة.
وحذر مسؤول في البيت الأبيض من أن نتنياهو بدأ يفقد الدعم داخل الدائرة الضيقة للرئيس ترامب، مؤكدًا أن “الرئيس هو الحليف الوحيد المتبقي له، وحتى ترامب يرغب في رؤية تقدم أسرع للاتفاق”. هذا التحذير يعكس مدى القلق الذي يساور الإدارة الأمريكية بشأن مستقبل العملية السلمية.
الضفة الغربية كجزء من الحل الشامل
إلى جانب قطاع غزة، من المقرر أن يضع الرئيس ترامب على طاولة المفاوضات ملف الضفة الغربية. سيطالب ترامب إسرائيل بوقف تقويض السلطة الفلسطينية، وكبح جماح عنف المستوطنين، والإفراج عن الأموال الضريبية الفلسطينية التي تم تجميدها.
تؤمن الإدارة الأمريكية بأن هذه الخطوات ضرورية لترميم مكانة إسرائيل على الساحة الدولية، وتهيئة الظروف لاتفاقيات تطبيع أوسع، تشمل على وجه الخصوص المملكة العربية السعودية. الرؤية الأمريكية الشاملة تربط بين الاستقرار في غزة، وتعزيز السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وتحقيق تطبيع كامل بين إسرائيل والدول العربية.
مستقبل المبادرات الأمريكية: نظرة متفائلة بحذر
الاجتماع المرتقب بين ترامب ونتنياهو يمثل فرصة حاسمة لإنقاذ المبادرات الأمريكية في قطاع غزة والمنطقة بشكل عام. ومع ذلك، فإن نجاح هذه المبادرات يعتمد على قدرة الطرفين على التوصل إلى تفاهمات متبادلة، والتغلب على العقبات والتحديات التي تعترض طريق السلام. الوضع معقد ويتطلب جهودًا مكثفة من جميع الأطراف المعنية لتحقيق الاستقرار والازدهار في المنطقة. من الضروري متابعة تطورات هذا الاجتماع عن كثب، وتقييم تأثيره على مستقبل القضية الفلسطينية.
الكلمات المفتاحية الثانوية:
- تطبيع العلاقات العربية الإسرائيلية
- الأزمة الإنسانية في غزة
- عملية السلام في الشرق الأوسط


