في تطور مؤلم يلقي بظلاله على المشهد الإسرائيلي، تصاعدت حدة الانتقادات الموجهة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من قبل عائلات الأسرى الإسرائيليين الذين ظهروا في مقطع فيديو حديث، قبل الإعلان عن مقتلهم في قطاع غزة. الفيديو، الذي بثته وسائل إعلام عبرية، أظهر ستة أسرى يشعلون شموع عيد “الحانوكا” داخل أحد الأنفاق، مما أثار غضبًا واستياءً واسعين، وتجديد المطالبات بالكشف عن ملابسات مقتلهم وتحمل المسؤولية. هذا الحدث يمثل نقطة تحول في الرأي العام الإسرائيلي، ويثير تساؤلات حول أولويات الحكومة خلال عملية عسكرية مستمرة.

فيديو الأسرى في غزة: صدمة وغضب عارم

نشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية، يوم الخميس، مقطع فيديو يظهر ستة أسرى إسرائيليين، وهم على قيد الحياة، داخل أحد أنفاق قطاع غزة. وذكرت هذه الوسائل أن الجيش الإسرائيلي حصل على التسجيلات خلال عملياته في القطاع، وأن الفيديو يعود لشهر أغسطس 2024، أي قبل إعلان مقتل الأسرى. يظهر في الفيديو الأسرى وهم يحتفلون بعيد “الحانوكا”، في مشهد يبعث على الحزن والألم، خاصة مع علم الجمهور الإسرائيلي بمصيرهم المأساوي.

هذا التسجيل أثار موجة من الغضب والصدمة في إسرائيل، حيث اعتبرته عائلات الأسرى دليلًا على أن الحكومة كان بإمكانها فعل المزيد لإعادتهم أحياء. التركيز الآن ينصب على كيفية الحصول على هذا الفيديو في هذا التوقيت، وما إذا كانت الحكومة قد أخفت معلومات حول حالة الأسرى لفترة طويلة.

ردود فعل متباينة على الفيديو

تباينت ردود الفعل الإسرائيلية على الفيديو بشكل كبير. فبينما اعتبر البعض نشره بمثابة كشف حقيقة مؤلمة، رأى آخرون أنه محاولة للتأثير على الرأي العام أو تبرير الإجراءات العسكرية. لكن اللافت كان وحدة عائلات الأسرى في انتقادهم اللاذع لنتنياهو وحكومته.

انتقادات حادة لنتنياهو من عائلات الأسرى

عبرت عائلات الأسرى الستة عن غضبها وخيبة أملها العميقة في بيان رسمي، حيث وصفوا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بـ”الوضيع”. وأكدوا أن أبنائهم اختطفوا وهم أحياء، وكان من الممكن إعادتهم إلى ديارهم سالمين. البيان، الذي نقلته صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، عبّر عن ألم لا يوصف لفقدان الأحباء، وطالب بالكشف عن الحقيقة وتحمل المسؤولية الكاملة.

وقالت العائلات: “لقد اختُطفوا وهم أحياء، وكان يجب أن يعودوا أحياء. لا شيء سيُعيد أحبّاء قلوبنا إلى الحياة”. وأضافوا: “كشف الحقيقة وتحمل المسؤولية بصدق، وبشكل رسمي وحقيقي، هو ما سيتيح تحقيق العدالة وشفاء قلوبنا جميعًا”. هذه التصريحات القوية تعكس عمق الإحباط واليأس الذي يعيشه أهالي الأسرى، وتضع الحكومة الإسرائيلية تحت ضغط هائل.

غولان ينتقد “النصر المطلق” على حساب حياة الأسرى

لم تقتصر الانتقادات على عائلات الأسرى، بل امتدت لتشمل المعارضين السياسيين. فقد انتقد المعارض الإسرائيلي يائير غولان حكومة نتنياهو بشدة على خلفية الفيديو، مؤكدًا أنه كان بالإمكان إعادة المحتجزين أحياء لولا “تعنت” الحكومة وإصرارها على تحقيق “النصر المطلق”.

وقال غولان، في منشور على منصة “إكس”: “مشاهدة الشبان الستة أحياء على الشاشة تُظهر حجم المأساة التي لحقت بهم وبعائلاتهم”. وأضاف: “كان بالإمكان إعادتهم أحياء لو اختارت الحكومة مسارًا مختلفًا”، في إشارة إلى استمرار الحرب على القطاع لمدة عامين. واتهم غولان نتنياهو بتفضيل شعار “النصر المطلق” على حساب حياة المحتجزين، وهو ما أثار جدلاً واسعًا في الأوساط الإسرائيلية.

تداعيات الفيديو على المشهد السياسي الإسرائيلي

يأتي نشر هذا الفيديو في وقت حساس للغاية بالنسبة للحكومة الإسرائيلية، حيث تواجه بالفعل انتقادات متزايدة بسبب طريقة إدارتها للحرب في غزة، وارتفاع عدد الضحايا المدنيين، وتدهور الأوضاع الإنسانية. من المتوقع أن يزيد هذا الفيديو من الضغوط السياسية على نتنياهو، وقد يؤدي إلى مزيد من الاحتجاجات والمطالبات باستقالته.

بالإضافة إلى ذلك، قد يؤثر هذا الحدث على مسار المفاوضات المحتملة بشأن إطلاق سراح الأسرى المتبقين في غزة. فقد تصر عائلات الأسرى على الحصول على ضمانات قوية لإعادة أبنائهم أحياء، وقد ترفض أي صفقة لا تلبي هذه المطالب. الوضع معقد للغاية، ويتطلب من الحكومة الإسرائيلية التعامل معه بحذر وشفافية.

مستقبل قضية الأسرى في غزة

تبقى قضية الأسرى الإسرائيليين في غزة من القضايا الأكثر حساسية وتعقيدًا في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. فيديو الأسرى الستة يذكر الجميع بالثمن الباهظ الذي يدفعه الأسرى وعائلاتهم في هذا الصراع. من الضروري العمل على إيجاد حلول دائمة لهذه القضية، من خلال المفاوضات الجادة وتبادل الأسرى، والالتزام بالقانون الدولي وحماية حقوق الإنسان. الأسرى هم ضحايا للحرب، ويستحقون كل الدعم والاهتمام. عملية إطلاق الأسرى تتطلب جهودًا مشتركة من جميع الأطراف المعنية. المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية هي السبيل الوحيد لتحقيق السلام الدائم وحل هذه القضية بشكل عادل.

في الختام، يمثل فيديو الأسرى في غزة نقطة ألم حادة في الذاكرة الإسرائيلية، ويثير تساؤلات عميقة حول المسؤولية والشفافية والأولويات. من الضروري إجراء تحقيق شامل في ملابسات مقتل الأسرى، ومحاسبة المسؤولين عن أي إهمال أو تقصير. كما يجب على الحكومة الإسرائيلية أن تضع حياة الأسرى في مقدمة أولوياتها، وأن تعمل جاهدة لإعادتهم إلى ديارهم سالمين. هذا الحدث المؤلم يجب أن يكون بمثابة دعوة للاستيقاظ، ودافعًا للعمل من أجل تحقيق السلام والعدالة في المنطقة.

شاركها.
Exit mobile version