في ظل التطورات المتسارعة في الأراضي الفلسطينية، يراقب المجتمع الدولي عن كثب اتفاق وقف إطلاق النار الهش بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة. آخر التطورات تشير إلى تفاؤل حذر من الجانب الأمريكي، مع إعراب السفير الأمريكي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، عن عدم توقعاته بانهيار هذا الاتفاق. هذا التفاؤل يرافقه موقف أمريكي صارم تجاه تصاعد العنف الذي يمارسه المستوطنون الإسرائيليون ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، واصفًا إياه بـ “الإرهاب”. هذا المقال سيتناول تفاصيل تصريحات هاكابي، والتقديرات الأمريكية لنجاح الاتفاق الحالي، بالإضافة إلى الضغوط المتزايدة على الحكومة الإسرائيلية لمواصلة التقدم نحو المرحلة الثانية من الاتفاق.
تقييم أمريكي إيجابي لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة
أعرب السفير الأمريكي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، عن دهشته وتقديره لصمود اتفاق وقف إطلاق النار لمدة تزيد عن شهرين، واصفًا ذلك بأنه “أمر لافت للنظر”. جاءت تصريحاته هذه في مقابلة مع صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، وتأتي في وقت كانت فيه الإدارة الأمريكية نفسها تتفاجأ بالتزام حركة حماس بالاتفاق، وفقًا لتقارير صحيفة “هآرتس”.
هاكابي أكد أنه “لا يرى أي احتمال لانهيار وقف إطلاق النار”، وهو ما يعكس تحولاً في النظرة الأمريكية، التي كانت في السابق أكثر تشاؤمًا بشأن قدرة حماس على الالتزام بالاتفاق. وقال أن الإفراج عن الغالبية العظمى من الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة يمثل إنجازًا كبيرًا. “عاد جميع الرهائن باستثناء واحد، ويجري العمل على وضع إطار عمل لتحقيق الاستقرار في غزة”، مضيفًا أن إنجاز هذا الأمر هو “مهمة ضخمة حقاً”.
تحديات إطلاق سراح الرهينة الأخيرة
على الرغم من التفاؤل العام، إلا أن هاكابي أقر بوجود صعوبات في إتمام صفقة إطلاق سراح الرهينة الإسرائيلية الأخيرة. وأوضح أن حماس تواجه تحديات في تسليم الجثمان، إلا أنه أكد على استمرار الجهود لتحقيق هذا الهدف الإنساني. هذا التأكيد يوضح حجم الضغوط التي تمارس على حماس لإتمام الصفقة، ويبرز أهمية هذا الملف بالنسبة للإدارة الأمريكية.
الضغوط الأمريكية على إسرائيل للمضي قدمًا في اتفاق غزة
بينما تشيد الإدارة الأمريكية بالتقدم المحرز في إطار اتفاق غزة، إلا أنها تمارس ضغوطًا على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للمضي قدمًا نحو المرحلة الثانية من الاتفاق. يُنتظر أن يتصدر هذا الموضوع جدول أعمال مباحثات نتنياهو المتوقعة مع الرئيس الأمريكي جو بايدن في البيت الأبيض نهاية الشهر الجاري. هذا التأخير الإسرائيلي في الانتقال إلى المرحلة التالية يثير قلقًا في واشنطن، حيث يرى البعض أنه قد يعرض الاتفاق بأكمله للخطر.
عنف المستوطنين في الضفة الغربية: “إرهاب” وفقًا للسفير الأمريكي
لم يتردد السفير الأمريكي في إدانة عنف المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة. وصف هاكابي هذه الأعمال بأنها “إرهاب وعمل إجرامي، ولا يهم من يرتكبه”. هذا التصريح القوي يعكس موقفًا أمريكيًا متزايدًا الصرامة تجاه هذه التطورات المقلقة.
وأضاف هاكابي أن “محاسبة الجناة وفقًا للقانون” أمر ضروري لوقف تصاعد العنف وحماية المدنيين الفلسطينيين. وتأتي هذه التصريحات في الوقت الذي تتزايد فيه التقارير حول الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية، والتي أسفرت عن مقتل 1094 فلسطينيًا وإصابة ما يقرب من 11 ألفًا آخرين واعتقال أكثر من 21 ألفًا منذ أكتوبر 2023.
تداعيات تصاعد العنف في الضفة الغربية
تصاعد العنف في الضفة الغربية يمثل تهديدًا إضافيًا لاستقرار المنطقة، ويقوض الجهود المبذولة لتحقيق سلام دائم. إلى جانب الخسائر البشرية الفادحة، فإن هذه الاعتداءات تؤدي إلى تدمير الممتلكات ومصادر الرزق، وتزيد من حدة التوتر بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. الوضع الإنساني في الضفة الغربية يتدهور بسرعة، ويتطلب تدخلًا عاجلًا من المجتمع الدولي لتوفير الحماية للمدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة. وقف إطلاق النار في غزة لا يكتمل إلا بوقف العنف في الضفة الغربية.
الخلاصة: مستقبل الاتفاق والوضع في الأراضي الفلسطينية
بشكل عام، يبدو أن الإدارة الأمريكية متفائلة حذرًا بشأن صمود اتفاق وقف إطلاق النار في غزة. ومع ذلك، فإنها تشدد على ضرورة المضي قدمًا نحو المرحلة الثانية من الاتفاق، وتدين بشدة عنف المستوطنين في الضفة الغربية. المستقبل سيحدد ما إذا كانت هذه الجهود ستنجح في تحقيق الاستقرار الدائم في المنطقة. يبقى الوضع في غزة شديد الهشاشة ويتطلب متابعة دقيقة ومستمرة من جميع الأطراف المعنية. إن فهم التطورات السياسية الجارية، بما في ذلك دور مختلف اللاعبين الدوليين، أمر بالغ الأهمية لتحليل الوضع وتقييم احتمالات السلام والأمن في الأراضي الفلسطينية. نأمل أن تسهم هذه التطورات في إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، يضمن حقوق جميع الأطراف.



