يشهد قطاع غزة تدهوراً حاداً في الأوضاع الإنسانية والصحية، مع ارتفاع عدد الوفيات بسبب الظروف الجوية القاسية وظهور تهديدات جديدة للصحة العامة. هذا المقال يتناول تفاصيل الأزمة المتفاقمة، بما في ذلك انتشار مرض ليبتوسبيروز (Leptospirosis) الخطير، والمعاناة المستمرة للسكان تحت وطأة الشتاء والحصار المفروض على القطاع.

تدهور كارثي في الأوضاع الإنسانية بغزة وارتفاع الضحايا

أعلن الدكتور بسام زقوت، مدير الإغاثة الطبية في غزة، عن وضع إنساني وصحي كارثي يهدد حياة السكان. فقد ارتفع عدد الوفيات نتيجة المنخفضات الجوية إلى 25 مواطناً، من بينهم 6 أطفال، بسبب البرد القارس وانهيار الخيام التي تؤوي آلاف النازحين. هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل هي مأساة تتفاقم يوماً بعد يوم، وتكشف عن هشاشة البنية التحتية في القطاع وعدم كفاية المساعدات المقدمة.

الوضع يتجاوز القدرة على التحمل، حيث يعاني السكان من نقص حاد في الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والدواء والمأوى، بالإضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي المتواصل وشح المياه النظيفة. هذا النقص يفاقم من انتشار الأمراض ويزيد من معاناة الجرحى والمرضى.

ظهور وباء “ليبتوسبيروز” يثير القلق

في تطور مقلق، كشف الدكتور زقوت عن مخاوف حقيقية من انتشار وباء ليبتوسبيروز (Leptospirosis) في قطاع غزة. هذا المرض، الذي ينتقل عبر أبوال الفئران والقوارض، ينتشر بسرعة في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها النازحون.

كيف ينتقل المرض؟

ينتقل ليبتوسبيروز إلى الإنسان عند اختلاط مياه الفيضانات الملوثة بفضلات القوارض مع جروح الجلد، خاصة لدى الأطفال الذين يلعبون في المياه الملوثة حفاة الأقدام. انتشار القوارض في خيام النازحين، بسبب تراكم القمامة وانعدام النظافة، يزيد من خطر الإصابة بهذا المرض.

أعراض “ليبتوسبيروز” التي يجب الانتباه إليها

يجب على السكان الانتباه إلى الأعراض التالية التي قد تشير إلى الإصابة بـ ليبتوسبيروز:

  • ارتفاع مفاجئ في درجة الحرارة.
  • احمرار شديد في العين.
  • ظهور حالات “اصفرار” (يرقان)، والتي قد تختلط مع أعراض الكبد الوبائي المنتشر أصلاً في القطاع.

ونظراً لعدم توفر المختبرات اللازمة في غزة لتشخيص المرض، تم سحب عينات من المصابين عبر منظمة الصحة العالمية لإرسالها للفحص في الخارج.

معاناة مستمرة تحت وطأة الشتاء والحصار

لا يقتصر التحدي على انتشار الأمراض، بل يمتد ليشمل المعاناة اليومية للسكان تحت وطأة الشتاء القارس والحصار المفروض على القطاع. فالخيام لم تعد قادرة على حماية الناس من الرياح العاتية والأمطار الغزيرة، وقد انهارت العديد من النقاط الطبية والخيام في الأيام الأخيرة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن انعدام الوقود والوقاية يمنع الطواقم الطبية من تقديم الإغاثة اللازمة، في ظل انتشار حاد للإسهالات والتهابات الجهاز التنفسي. هذا النقص يعيق جهود الاستجابة الإنسانية ويترك السكان عرضة للخطر.

“أدوات إبادة جماعية ناعمة” – وصف للأزمة

ووصف الدكتور زقوت ما يحدث في غزة بأنه استخدام لـ “أدوات إبادة جماعية أكثر ليونة”، حيث يعوض الاحتلال ضجيج القصف بالقتل الصامت عبر الحصار. وأوضح أن منع دخول حليب الأطفال، وتعطيل أنظمة تعقيم المياه، ومنع مواد الإعمار والتدفئة، هي أدوات تؤدي جميعها إلى الموت البطيء للمواطنين الذين فقدوا القدرة على حماية أنفسهم من المخاطر البيئية والصحية.

هذه الإجراءات، بحسب الدكتور زقوت، ليست مجرد نتيجة للظروف، بل هي سياسة متعمدة تهدف إلى تدهور الأوضاع الإنسانية والصحية في القطاع. إنها ممارسة غير إنسانية تتطلب تحركاً عاجلاً من المجتمع الدولي لوقفها وحماية حياة السكان.

الحاجة الماسة إلى تدخل دولي عاجل

إن الوضع في غزة يتطلب تدخلاً دولياً عاجلاً لتقديم المساعدات الإنسانية والصحية اللازمة، ورفع الحصار المفروض على القطاع. يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته الأخوية والإنسانية تجاه سكان غزة، وأن يعمل على توفير لهم الحماية والرعاية التي يستحقونها.

كما يجب على الجهات المعنية أن تركز على الوقاية من انتشار الأمراض، من خلال توفير المياه النظيفة والصرف الصحي المناسب، وتنفيذ حملات توعية صحية للسكان. بالإضافة إلى ذلك، يجب العمل على تحسين الظروف المعيشية في خيام النازحين، من خلال توفير الخيام المقاومة للعوامل الجوية، وتوفير التدفئة والمواد الغذائية اللازمة.

إن مستقبل غزة وشعبها يعتمد على التضامن الإنساني والتحرك السريع لوقف هذه المأساة المتفاقمة. يجب أن يكون ليبتوسبيروز وغيره من الأمراض التي تهدد السكان بمثابة جرس إنذار يدعو إلى العمل الجاد والمستمر لتحسين الأوضاع الإنسانية والصحية في القطاع.

شاركها.
Exit mobile version