على خلفية التوترات المتصاعدة، حذر الاتحاد الأوروبي من أن الإجراءات الإسرائيلية المحتملة بتقييد عمل المنظمات الدولية في قطاع غزة قد يؤدي إلى كارثة إنسانية حقيقية. هذا التحذير يأتي في وقت يواجه فيه السكان بالفعل ظروفاً معيشية قاسية ونقصاً حاداً في المساعدات. وتفاقم الوضع نتيجة للتهديدات الإسرائيلية بحظر هذه المنظمات إذا لم تمتثل لشروط تسجيل جديدة تستهدف بيانات موظفيها، مما يهدد بوقف كامل للعمل الإنساني الضروري.

موقف الاتحاد الأوروبي الرافض لقيود العمل في غزة

أعربت المفوّضة الأوروبية للمساعدة الإنسانية، حجة لحبيب، عن رفض قاطع لموقف إسرائيل، مؤكدةً أن قانون التسجيل المفروض على المنظمات يثير مخاوف جدية. وأشارت في تدوينة عبر منصة “إكس” إلى أن القانون الحالي لا يوفر أي مساحة للمناورات، فالأولوية يجب أن تكون لإيصال المساعدات الإنسانية دون أي عوائق إلى المحتاجين في قطاع غزة. هذا الموقف يعكس قلقاً دولياً متزايداً بشأن تأثير هذه الإجراءات على الوضع الإنساني الهش.

الهدف الرئيسي للاتحاد الأوروبي هو ضمان وصول المساعدات بشكل فعال وآمن إلى جميع السكان المحتاجين، ويعتبر أي تقييد على عمل المنظمات الإنسانية بمثابة انتهاك للقانون الدولي الإنساني.

تفاصيل القرار الإسرائيلي والشروط الجديدة للتسجيل

فرضت السلطات الإسرائيلية على المنظمات الدولية العاملة في قطاع غزة مهلة زمنية انتهت في 31 ديسمبر 2025، لإتمام عملية التسجيل وفقاً لإطار قانوني جديد. يتضمن هذا الإطار شروطاً تعتبرها المنظمات مقيدة وتتعلق بشكل أساسي بتقديم قوائم مفصلة بأسماء موظفيها الفلسطينيين وبياناتهم.

الإجراءات المتخذة والتهديدات المترتبة عليها

  • إخطارات الإلغاء: بدأت السلطات الإسرائيلية بإرسال إشعارات بإلغاء تراخيص المنظمات التي رفضت الامتثال لتقديم القوائم المطلوبة، اعتباراً من مطلع يناير 2026.
  • وقف الأنشطة الميدانية: طالبت إسرائيل المنظمات المخالفة بوقف جميع أنشطتها الميدانية بحلول الأول من مارس القادم، مما يعني توقفاً كاملاً للمساعدات والخدمات التي تقدمها.
  • الهدف المعلن: تبرر إسرائيل هذه الإجراءات بأنها تهدف إلى استبعاد أي “جهات داعمة للإرهاب” من العمل الإنساني، والتأكد من عدم وجود صلة بين الموظفين وأي فصائل فلسطينية. وتؤكد السلطات الإسرائيلية أنها لا تسعى إلى عرقلة العمل الإنساني، بل إلى ضمان أمنه وفعاليته.

استهداف منظمات محددة واتهامات بالصلات بالفصائل

لم تكشف إسرائيل عن العدد الإجمالي للمنظمات التي ستتأثر بهذه الإجراءات، إلا أنها ذكرت منظمة “أطباء بلا حدود” بشكل خاص، زاعمةً أنها لم تمتثل للقواعد وأنها قامت بتوظيف أفراد لديهم صلات بفصائل فلسطينية. هذا الاتهام أثار ردود فعل غاضبة من قبل المنظمة التي نفت بشدة هذه الادعاءات.

بالإضافة إلى ذلك، أفادت التقارير بأن الحكومة الإسرائيلية رفضت 14 طلباً مقدماً من منظمات إنسانية حتى أواخر نوفمبر الماضي، مما يشير إلى وجود توجه عام لتقييد عمل هذه المنظمات. وتثير هذه القضية تساؤلات حول الشفافية والنزاهة في عملية التسجيل والتقييم.

تداعيات أزمة المساعدات على سكان غزة

تحذر المنظمات الإنسانية العاملة في قطاع غزة من أن هذه القيود ستؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية القائمة، خاصةً مع وجود عجز كبير في تدفق الإمدادات الأساسية. الوضع الحالي يزداد سوءاً بسبب عدة عوامل.

تفاقم النقص في الإمدادات

  • فجوة الشاحنات: على الرغم من أن اتفاق وقف إطلاق النار الأخير (الموقع في 11 أكتوبر) نص على دخول 600 شاحنة مساعدات يومياً إلى قطاع غزة، إلا أن الواقع الميداني يشير إلى دخول ما بين 100 و 300 شاحنة فقط.
  • تأثير القيود الجديدة: يعتقد المراقبون أن تطبيق الإجراءات القانونية الجديدة سيعيق قدرة المجتمع الدولي على الاستجابة للاحتياجات الإنسانية المتزايدة في قطاع غزة، مما سيزيد من معاناة المدنيين.
  • الحالة الصحية والإنسانية: اللاجئون والفئات الأكثر ضعفاً هم الأكثر تضرراً من نقص المساعدات الإنسانية، مما يهدد بتدهور أوضاعهم الصحية وزيادة معدلات الفقر والجوع.

الخلاصة: ضرورة إيجاد حل لضمان وصول المساعدات

إن الوضع في قطاع غزة بالغ التعقيد ويتطلب حلولاً عاجلة. التحذير الذي أطلقه الاتحاد الأوروبي بشأن تقييد عمل المنظمات الدولية يجب أن يؤخذ على محمل الجد، و يجب على إسرائيل إعادة النظر في هذه الإجراءات التي قد تؤدي إلى كارثة إنسانية. يجب التوصل إلى اتفاق يسمح بإيصال المساعدات بشكل آمن وفعال إلى جميع المحتاجين، مع احترام القانون الدولي الإنساني وتسليم المنظمات الإنسانية بالدور الحيوي الذي تقوم به في التخفيف من معاناة السكان.

من الضروري استمرار الحوار بين جميع الأطراف المعنية، والعمل بشكل مشترك لإيجاد حلول مستدامة للأزمة الإنسانية في غزة. ويجب على المجتمع الدولي زيادة الضغط على إسرائيل للامتثال للمطالب الإنسانية، وتوفير الدعم اللازم للمنظمات العاملة في المنطقة.

شاركها.
Exit mobile version