أكد مسعد بولس، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون العربية والإفريقية، أن إنهاء الحرب في السودان يمثل أولوية قصوى لإدارة الرئيس دونالد ترمب. جاء هذا التصريح خلال إفادة صحفية في أبوظبي، الثلاثاء، حيث أوضح بولس أن واشنطن قدمت للجيش السوداني وقوات الدعم السريع خطة شاملة لوقف القتال، إلا أنها لم تحظَ بقبول أي من الطرفين حتى الآن. وتأتي هذه الجهود في ظل استمرار الأزمة الإنسانية وتصاعد العنف في البلاد، مما يجعل البحث عن حل سياسي عاجل أمراً حتمياً. الوضع في السودان يتطلب تدخلًا دوليًا مكثفًا، وهو ما تسعى إليه الولايات المتحدة.
خطة السلام الأمريكية ورفض الأطراف السودانية
أشار بولس إلى أن الخطة التي قدمتها الولايات المتحدة، والتي تهدف إلى تحقيق الاستقرار في السودان، كانت بصياغة قوية ومفصلة، وتراعي مصالح جميع الأطراف. ومع ذلك، لم يتمكن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع من الاتفاق على بنودها. ورحب بولس بإعلان قوات الدعم السريع عن وقف إطلاق النار من طرف واحد، معرباً عن أمله في أن يلتزم الطرفان بهذا الإعلان، وأن يمثل نقطة تحول نحو السلام.
تفاصيل المقترح الأمريكي
وكشف بولس أن المقترح الأمريكي تضمن عدة عناصر رئيسية، بما في ذلك هدنة إنسانية فورية لضمان وصول المساعدات إلى المحتاجين، بالإضافة إلى مقترحات مختلفة تم تقديمها للطرفين في الأسابيع الماضية. وأوضح أن الجيش السوداني أبدى ترحيباً مبدئياً بالخطة، لكنه لم يقم بقبولها بشكل رسمي حتى هذه اللحظة. وتسعى واشنطن إلى إقناع الطرفين بضرورة التوصل إلى اتفاق شامل ينهي العنف ويؤسس لحكومة مدنية انتقالية.
إدانة الفظائع والمطالبة بالمساءلة
شدد كبير مستشاري الرئيس الأمريكي على أن الإدارة الأمريكية تدين بشدة الفظائع التي ارتكبتها كل من قوات الدعم السريع والجيش السوداني. وأكد بولس أن هناك حاجة ماسة لمحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات، وتقديمهم إلى العدالة. هذا الموقف يعكس التزام الولايات المتحدة بحماية حقوق الإنسان وتعزيز سيادة القانون في السودان.
خلافات حول دور الإخوان في السودان
أثارت تصريحات الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش السوداني، جدلاً واسعاً، حيث اتهم بولس بترديد سردية خاطئة حول الحرب، وتحديداً فيما يتعلق بدور جماعة الإخوان المسلمين في السودان. ورد بولس على هذه الاتهامات مؤكداً أن تصريحات البرهان “مبنية على حقائق مغلوطة”، وأن الولايات المتحدة ترفض أي دور للإخوان في مستقبل السودان. هذا الرفض الأمريكي يعتبر جزءاً من استراتيجية أوسع تهدف إلى دعم التحول الديمقراطي في السودان ومنع عودة الجماعات المتطرفة إلى السلطة.
من جانبه، أكد المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات العربية المتحدة، أنور قرقاش، ترحيب أبوظبي بالقيادة الأمريكية وجهودها الرامية إلى إنهاء الفظائع في السودان. وأضاف قرقاش أن “الجماعات المتطرفة العنيفة المرتبطة أو ذات الصلة بجماعة الإخوان المسلمين لا يمكن أن تحدد مستقبل السودان”. هذا الدعم الإماراتي يعكس التوافق الإقليمي والدولي على أهمية تحقيق الاستقرار في السودان.
هدنة الدعم السريع ورد فعل الحكومة
في تطور لافت، أعلن قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو “حميدتي”، عن قبول قواته بهدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر من جانب واحد. إلا أن الحكومة السودانية اعتبرت هذا الإعلان مجرد “مناورة سياسية” تهدف إلى كسب الوقت وتحسين مواقع قوات الدعم السريع. هذا التباين في وجهات النظر يعكس عمق الخلافات بين الطرفين وصعوبة التوصل إلى اتفاق مستدام.
تحرك دبلوماسي أمريكي مكثف
كشفت مصادر لـ”الشرق” أن مسعد بولس أطلق تحركاً دبلوماسياً مكثفاً مع الأطراف المعنية في السودان بهدف تحقيق وقف إطلاق النار، وذلك بتوجيه من الرئيس ترمب بناءً على طلب من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال زيارته الأخيرة لواشنطن. يهدف هذا التحرك إلى وقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أشهر بالتزامن مع إدخال المساعدات الإنسانية، وفتح قنوات للتفاوض بهدف التوصل إلى حل سياسي شامل. الجهود الدبلوماسية الأمريكية تأتي في إطار سعي واشنطن لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، تشير التقارير إلى أن قمة شرم الشيخ شهدت دعماً عربياً ودولياً واسعاً لمبادرة ترمب للسلام، مما يعزز فرص نجاح الجهود المبذولة لإنهاء الأزمة في السودان. إن الوضع في السودان يتطلب تضافر الجهود الإقليمية والدولية لتحقيق الاستقرار وإعادة بناء البلاد.
في الختام، يظل الوضع في السودان معقداً للغاية، ويتطلب جهوداً دبلوماسية مكثفة ومستمرة من جميع الأطراف المعنية. إن تحقيق السلام والاستقرار في السودان يمثل أولوية قصوى للولايات المتحدة، التي تسعى جاهدة لإيجاد حل سياسي شامل ينهي العنف ويؤسس لمستقبل أفضل للشعب السوداني. نأمل أن ينجح هذا المساعي وأن يتمكن السودانيون من تجاوز هذه الأزمة والبدء في بناء مستقبلهم.


