انطلقت في العاصمة البحرينية المنامة، الأربعاء، أعمال الدورة الـ46 لقمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وسط تطلعات كبيرة نحو تعزيز العمل المشترك لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية المتزايدة. وافتتح عاهل البحرين، الملك حمد بن عيسى آل خليفة، القمة، مؤكداً على أهمية التكاتف الخليجي لتحقيق الأمن والاستقرار والازدهار لدول المنطقة. وتعتبر هذه القمة فرصة هامة لمناقشة القضايا المصيرية التي تواجه دول الخليج، وعلى رأسها القضية الفلسطينية والأوضاع الأمنية المتدهورة في المنطقة، بالإضافة إلى بحث آفاق التعاون في مختلف المجالات. وتهدف القمة إلى بلورة رؤية موحدة لمواجهة التهديدات المحتملة وتعزيز مكانة دول الخليج على الساحة الدولية.

أهمية القمة في ظل التطورات الإقليمية والدولية

تأتي هذه القمة في وقت حرج، تشهده المنطقة بتوترات متصاعدة وتحديات أمنية معقدة. فمنذ انعقاد القمة الأخيرة في الكويت في ديسمبر 2023، شهدت المنطقة أحداثاً هامة مثل الهجوم الإيراني الإسرائيلي وتبادل الصواريخ الذي طال الأراضي الخليجية، وتحديداً دولة قطر. كما أبرزت الحرب الإسرائيلية على غزة الحاجة الملحة إلى تحرك عربي موحد لدعم الشعب الفلسطيني ووضع حد للمعاناة الإنسانية. وقد انعكست هذه التطورات على جدول أعمال القمة، التي تولي اهتماماً خاصاً لملفات الأمن والدفاع المشترك، والقضية الفلسطينية، بالإضافة إلى سبل تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين دول المجلس.

خطابات افتتاحية تركز على الوحدة والأمن

في كلمته الافتتاحية، شدد الملك حمد بن عيسى آل خليفة على أن أمن وازدهار دول الخليج أمران مرتبطان ولا يمكن فصلهما، وأكد على ضرورة تعزيز التعاون لمواجهة التحديات المشتركة. فيما أشار الأمير مشعل الأحمد الجابر الصباح، أمير الكويت، إلى قدرة مجلس التعاون على تجاوز الظروف الصعبة وتحقيق الاستقرار من خلال الأمن الجماعي والمصير المشترك. وجدد الأمير مشعل إدانته الشديدة للعدوان الإسرائيلي على غزة، مؤكداً على أن أي اعتداء على دولة عضو في المجلس يمثل اعتداءً على جميع الأعضاء. كما أشاد بجهود المجتمع الدولي، وعلى رأسها السعودية، في سبيل تحقيق حل الدولتين ووضع حد للعدوان الإسرائيلي.

التركيز على القضية الفلسطينية

تعد القضية الفلسطينية من أهم القضايا التي تتصدر أجندة القمة الخليجية. فقد أكد أمير الكويت على ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، والتمسك بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. ويأتي هذا التأكيد في ظل استمرار المعاناة الإنسانية في غزة، وتصاعد وتيرة العنف في الأراضي الفلسطينية. وتسعى القمة إلى بلورة موقف عربي موحد يضغط على المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات جادة نحو تحقيق السلام العادل والشامل للقضية الفلسطينية.

“القبة الصاروخية المشتركة” تعزيز للدفاع الخليجي

من بين الموضوعات الهامة التي من المتوقع أن تناقشها القمة، مشروع “القبة الصاروخية المشتركة” الخليجية، وهو مشروع دفاعي يهدف إلى حماية دول المجلس من التهديدات الصاروخية المتزايدة. وأكد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، جاسم محمد البديوي، أن دول الخليج تعمل مع حلفائها في الخارج لإنهاء هذا المشروع “قريباً”. ويعتبر هذا المشروع خطوة هامة نحو تعزيز الأمن والدفاع المشترك، وتوفير بيئة مستقرة لدول الخليج. ويتزامن ذلك مع جهود أخرى لتطوير القدرات العسكرية والأمنية لدول المجلس، لمواجهة التحديات الأمنية المتغيرة.

تأكيد على المواقف الراسخة تجاه فلسطين

شدد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي في كلمته على أن المواقف الخليجية تجاه القضية الفلسطينية “راسخة وثابتة”، مشيداً بجهود المملكة العربية السعودية في إيجاد حل لهذه القضية المحورية. ويعكس هذا التأكيد التزام دول الخليج بدعم الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة. كما تجدد القمة دعمها لجهود السلام الدولية، وتؤكد على أهمية التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية يضمن الأمن والاستقرار للمنطقة. وتهدف القمة إلى إعطاء دفعة قوية للجهود الدبلوماسية والسياسية المبذولة لحل القضية الفلسطينية. ويعتبر هذا الملف من أهم محاور القمة الخليجية.

خاتمة

تختتم القمة الخليجية في المنامة، وهي تحمل في طياتها آمالاً كبيرة في تعزيز العمل المشترك لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية. ومن المتوقع أن تسفر القمة عن قرارات هامة بشأن تعزيز الأمن والدفاع المشترك، ودعم القضية الفلسطينية، وتطوير التعاون الاقتصادي والتجاري بين دول المجلس. وستظل هذه القمة محطة بارزة في مسيرة مجلس التعاون، التي تهدف إلى تحقيق التكامل والازدهار لدول المنطقة. ونتطلع إلى رؤية نتائج ملموسة لهذه القمة على أرض الواقع، بما يخدم مصالح شعوب الخليج ويسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة. ستكون مخرجات هذه القمة الخليجية محل اهتمام واسع من قبل المراقبين السياسيين والمحللين الاستراتيجيين في جميع أنحاء العالم.

شاركها.
Exit mobile version