أسعار الذهب شهدت استقرارًا ملحوظًا اليوم، في ظل تذبذب الأوضاع الاقتصادية العالمية وتأثيرها على أسواق المعادن الثمينة. هذا الاستقرار يأتي بعد أن قلّص ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية من مكاسب الذهب، على الرغم من ضعف أداء الدولار. يترقب المستثمرون الآن بيانات التضخم الرئيسية، والتي قد تقدم إشارات حاسمة حول الخطوات التالية التي قد يتخذها مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) في اجتماعه القادم.

استقرار أسعار الذهب في ظل ترقب بيانات التضخم

شهدت أسعار الذهب في المعاملات الفورية استقرارًا عند مستوى 4208.46 دولار للأوقية بحلول الساعة 03:58 بتوقيت جرينتش. وعلى الرغم من هذا الاستقرار اللحظي، تشير التوقعات إلى انخفاض أسبوعي بنسبة 0.5%، مما يعكس الضغوط التي تواجهها هذه الأصول الاستثمارية. تأثرت حركة الذهب بشكل كبير بتطورات أسعار الفائدة وعوائد السندات، بالإضافة إلى أداء الدولار الأمريكي.

تأثير عوائد السندات والدولار على أداء الذهب

ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات لتلامس أعلى مستوى لها في أكثر من أسبوعين، وهو ما أثر سلبًا على جاذبية الذهب. عادةً ما يعتبر الذهب ملاذًا آمنًا في أوقات عدم اليقين الاقتصادي، ولكنه يتنافس مع الأصول التي تدر عائدًا، مثل السندات. عندما ترتفع عوائد السندات، يميل المستثمرون إلى بيع الذهب وشراء السندات للحصول على عائد أفضل.

في المقابل، شهد الدولار الأمريكي تراجعًا طفيفًا واستقر بالقرب من أدنى مستوى له في خمسة أسابيع مقابل سلة من العملات الرئيسية. عادةً ما يكون هناك علاقة عكسية بين سعر الدولار وأسعار الذهب؛ حيث أن انخفاض قيمة الدولار يجعل الذهب أرخص للمستثمرين الذين يحملون عملات أخرى، مما يزيد الطلب عليه. ومع ذلك، يبدو أن تأثير ضعف الدولار قد تم تعويضه إلى حد كبير بارتفاع عوائد السندات.

توقعات الخبراء بشأن سياسة مجلس الاحتياطي الاتحادي

يرى خبراء الاقتصاد أن السوق تنتظر محفزات جديدة لتحديد اتجاه أسعار الذهب. هذه المحفزات قد تأتي في صورة قرارات مجلس الاحتياطي الاتحادي بشأن أسعار الفائدة. تشير استطلاعات الرأي التي أجرتها رويترز، وشملت أكثر من 100 خبير اقتصادي، إلى أن المجلس من المرجح أن يخفض سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماعه الذي سيعقد يومي 9 و10 ديسمبر.

أسعار الفائدة المنخفضة عادةً ما تدعم الأصول التي لا تدر عائدًا، مثل الذهب، حيث تقل تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بها. ومع ذلك، فإن التوقعات بشأن التضخم تلعب دورًا حاسمًا في تحديد مسار أسعار الفائدة. إذا أظهرت بيانات التضخم ارتفاعًا في الأسعار، فقد يضطر مجلس الاحتياطي الاتحادي إلى تأجيل خفض أسعار الفائدة أو حتى رفعها، وهو ما قد يؤثر سلبًا على أسعار الذهب.

مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE) ومراقبة التضخم

يترقب المستثمرون بشكل خاص بيانات مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE) لشهر سبتمبر، والذي يعتبر المقياس المفضل للتضخم لدى مجلس الاحتياطي الاتحادي. من المقرر أن يتم نشر هذه البيانات في الساعة 1500 بتوقيت جرينتش. سيقوم المستثمرون بتحليل هذه البيانات بعناية لتقييم مدى قوة التضخم وتحديد ما إذا كان المجلس سيستمر في خططه لخفض أسعار الفائدة. تحليل دقيق لبيانات التضخم سيساعد في فهم مستقبل أسعار الذهب بشكل أفضل.

أداء المعادن النفيسة الأخرى

بالإضافة إلى الذهب، شهدت المعادن النفيسة الأخرى أداءً متفاوتًا. ارتفعت الفضة بنسبة 0.5% لتصل إلى 57.40 دولار للأوقية، بعد أن سجلت مستوى قياسيًا مرتفعًا عند 58.98 دولار في اليوم السابق. وتتجه الفضة لتحقيق مكاسب أسبوعية، مدعومة بالطلب الصناعي والاستثماري.

في المقابل، انخفض البلاتين بنسبة 0.4% إلى 1640.25 دولار، ويتجه لتسجيل خسارة أسبوعية. بينما زاد البلاديوم بنسبة 0.9% إلى 1461.67 دولار، ويتجه لإنهاء الأسبوع على ارتفاع. يعكس هذا التباين في الأداء الاختلافات في العرض والطلب لكل معدن، بالإضافة إلى تأثير العوامل الاقتصادية المختلفة. الاستثمار في المعادن الثمينة يتطلب فهمًا دقيقًا لهذه الديناميكيات.

الخلاصة: مستقبل أسعار الذهب يعتمد على بيانات التضخم

بشكل عام، يظل مستقبل سوق الذهب معلقًا بانتظار بيانات التضخم الأمريكية. إذا أظهرت البيانات تباطؤًا في التضخم، فمن المرجح أن يستأنف الذهب ارتفاعه، مدعومًا بتوقعات خفض أسعار الفائدة. أما إذا أظهرت البيانات ارتفاعًا في التضخم، فقد يواجه الذهب ضغوطًا هبوطية. ينصح المستثمرون بمراقبة هذه البيانات عن كثب واتخاذ قراراتهم الاستثمارية بناءً على تحليل دقيق وشامل. بالإضافة إلى ذلك، يجب مراقبة تطورات أسعار الفائدة العالمية وأداء الدولار الأمريكي، حيث أن هذه العوامل تلعب دورًا حاسمًا في تحديد اتجاه أسعار الذهب. الاستثمار في الذهب يعتبر جزءًا هامًا من تنويع المحافظ الاستثمارية، ولكن يتطلب فهمًا جيدًا للعوامل المؤثرة في سعر الأوقية الذهبية.

شاركها.
Exit mobile version