تسعى كوريا الجنوبية بقوة لتعزيز مكانتها في سوق الأسلحة بالشرق الأوسط، وتحديداً في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تتنافس على عقود تسليح ضخمة تقدر قيمتها بـ15 مليار دولار. يأتي هذا التحرك بالتزامن مع نجاحات متزايدة تحققها الشركات الكورية في الأسواق الأوروبية، مما يعزز من سمعتها كمورد موثوق به للأسلحة المتطورة. وقد زار الرئيس الكوري الجنوبي لي جاي ميونج أبوظبي مؤخراً، لإجراء محادثات ثنائية مع الشيخ محمد بن زايد، بالتزامن مع فعاليات معرض دبي للطيران الذي شهد عرض الطائرة المقاتلة KF-21.
تعزيز التعاون الدفاعي الكوري الإماراتي
أعلنت الرئاسة الكورية الجنوبية عن اتفاق بين البلدين لتبني نموذج تعاون دفاعي متكامل، يشمل التطوير المشترك، والإنتاج المحلي، والتصدير إلى دول أخرى. يهدف هذا النموذج إلى بناء سلسلة قيمة متكاملة تعزز فرص الشركات الدفاعية الكورية في الفوز بعقود جديدة، تقدر قيمتها بأكثر من 15 مليار دولار. وكشف كبير موظفي الرئاسة الكورية كانج هون-سيك أن هذا التعاون سيكون بمثابة نقطة تحول في العلاقات الدفاعية بين البلدين.
صفقة محتملة لمقاتلات KF-21
على الرغم من عدم الكشف عن تفاصيل محددة للصفقة، إلا أن الإمارات أبدت اهتماماً واضحاً بالطائرة المقاتلة KF-21. وقد زار وفد من سلاح الجو الإماراتي في أبريل الماضي منشآت شركة “كوريا للصناعات الجوية” وتلقى نظرة عن كثب على الطائرة، بل وشارك أحد القادة في طلعة تجريبية. هذا الاهتمام يأتي في ظل سعي الإمارات لتنويع مصادر أسلحتها وتطوير قدراتها الدفاعية.
الأسلحة الكورية تكتسب شعبية متزايدة في المنطقة، خاصة مع التحديات الجيوسياسية المتزايدة.
تحديات وفرص في سوق الأسلحة بالشرق الأوسط
كانت الإمارات قد سعت في السابق لشراء مقاتلات F-35 الأمريكية، إلا أن المفاوضات تعطلت في عام 2021 بسبب شروط وضعتها واشنطن تتعلق بقيود على علاقات الإمارات مع الصين، وتحديداً فيما يتعلق بتقنيات شركة هواوي. هذا الأمر فتح الباب أمام دول أخرى لتقديم عروضها، بما في ذلك روسيا، التي عرضت مقاتلتها الشبحية Su-57E.
ومع ذلك، تواجه الطائرة الروسية تحديات من حيث عدم وجود أي صفقات تصدير لها حتى الآن، وقلة المعلومات المتاحة عن أدائها الفعلي. مما يجعل من الصعب على المشترين المحتملين تقييم قدراتها بشكل كامل. هذا الوضع يعزز فرص الشركات الكورية في تقديم حلول أكثر وضوحاً وموثوقية.
الشرق الأوسط أولوية للصناعات الدفاعية الكورية
أكد تشا جاي بيونج، نائب الرئيس التنفيذي الأول في شركة “كوريا للصناعات الجوية”، على الاهتمام المتزايد الذي تشهده منتجات الشركة في أسواق الشرق الأوسط وإفريقيا، وخاصة في الإمارات. وأضاف أن هذا الاهتمام يعود إلى الثقة التي اكتسبتها الطائرات الكورية بفضل أدائها المستقر في جنوب شرق آسيا وأمريكا الجنوبية وأوروبا.
التعاون العسكري بين كوريا الجنوبية ودول المنطقة يشهد تطوراً ملحوظاً.
وتواصل شركة “هانوا إيروسبيس” (Hanwha Aerospace) جهودها لتعزيز حضورها في المنطقة، حيث تجري محادثات مع كل من السعودية والإمارات بشأن التعاون المحتمل في مجال التسلح. وأشار مسؤول في الشركة إلى أن الشرق الأوسط أصبح يمثل أولوية قصوى لـ”هانوا إيروسبيس”.
اتفاقيات جديدة في مجال الطاقة والأسلحة
بالإضافة إلى التعاون الدفاعي، وقعت كوريا الجنوبية والإمارات اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة، ومذكرة نوايا لإنشاء ما لا يقل عن 6 ناقلات غاز مسال بقيمة 1.5 مليار دولار. كما تم التوقيع على اتفاق مبدئي لتزويد الإمارات بصواريخ M-SAM أرض-جو متوسطة المدى، مما يعكس التزام البلدين بتوسيع نطاق التعاون ليشمل مجالات أخرى.
طموح كوري متزايد في الصناعات الدفاعية
شهدت شركات الصناعات الدفاعية الكورية اهتماماً دولياً متزايداً في الآونة الأخيرة. فقد زار رئيس الوزراء الكندي مارك كارني شركة “هانوا أوشن” التي تتنافس على عقد بمليارات الدولارات لتوريد غواصات لكندا. كما زار الأدميرال داريل كودل، رئيس العمليات البحرية في البحرية الأميركية، أبرز أحواض بناء السفن في كوريا الجنوبية.
على الرغم من أن الشركات الكورية الجنوبية قد تكون أصغر حجماً مقارنة بكبرى شركات الصناعات الدفاعية العالمية مثل “لوكهيد مارتن” و “بي إيه إي سيستمز”، إلا أنها نجحت في بناء سمعة قوية من حيث السرعة والموثوقية. هذا النجاح مدعوم بخبرة واسعة في مجال الجاهزية العسكرية، ناتجة عن التهديدات المستمرة من كوريا الشمالية.
الاستثمار في الدفاع يعتبر محركاً رئيسياً للنمو في الصناعات الكورية.
وبحسب تقرير صادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، تحتل كوريا الجنوبية حالياً المرتبة العاشرة بين أكبر مصدّري الأسلحة في العالم، وتسعى إلى الوصول إلى المركز الرابع بحلول عام 2027. وتشير هذه المؤشرات إلى طموح كوري متزايد في أن تصبح لاعباً رئيسياً في سوق الأسلحة العالمية.
هذا المحتوى من “اقتصاد الشرق”.


