شهدت دبي الأربعاء احتفاليةً كبرى بتكريم الفائزين بجائزة “محمد بن راشد للغة العربية” في دورتها التاسعة، والتي تنظمها مؤسسة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم. هذا الحدث السنوي يمثل منصة عالمية للاحتفاء بالإبداع والابتكار في خدمة اللغة العربية، ويؤكد على مكانتها المتنامية كلغة حية وقادرة على مواكبة تحديات العصر. وقد كُرِّمَ نخبة من المبدعين والمؤسسات الثقافية والتعليمية من مختلف أنحاء العالم، في حفل حظي برعاية وحضور الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة “هيئة الثقافة والفنون” في دبي.

أهمية الجائزة ورؤية القيادة الرشيدة

أكدت الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، في كلمتها خلال الحفل، على أن الجائزة تعكس فكر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الاستشرافي، وجهوده الدؤوبة في تعزيز مكانة اللغة العربية بين لغات العالم. وصفت سموها الجائزة بأنها ليست مجرد تكريم للأعمال المتميزة، بل هي استثمار في مستقبل اللغة العربية، وتأهيلها لتكون لغة قيادية في مجالات العلوم والتكنولوجيا والمعرفة. وشددت على أن الإقبال المتزايد على الجائزة يعكس إيمانًا عميقًا بأن العربية ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي هوية وإرث حضاري وإنساني يجمعنا ويُلهم الأجيال.

تجسيد لرؤية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم

من جانبه، أوضح محمد أحمد المر، رئيس مجلس إدارة المؤسسة ورئيس مجلس أمناء الجائزة، أن الجائزة تمثل تجسيدًا عمليًا لرؤية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في تعزيز الحضور العالمي للغة العربية. وأضاف أن الجائزة تسعى إلى جعل العربية أداة استراتيجية لتشجيع التميّز في جميع المجالات المتعلقة بها، بدءًا من التعليم ومرورًا بالتقنية وصولًا إلى الإعلام والسياسات اللغوية.

وأضاف المر أن المؤسسة حرصت منذ إطلاق الجائزة على أن تكون منصة عالمية للاعتراف بالإبداع والابتكار في خدمة اللغة. وأشار إلى أن النسخة التاسعة من الجائزة تؤكد هذا المسار من خلال المشاركات المتنوعة التي تعكس عمق التأثير واتساع نطاق الاهتمام باللغة العربية في جميع أنحاء العالم.

زخم عالمي وتنامي الوعي بقيمة اللغة العربية

وفي هذا السياق، أكد بلال البدور، الأمين العام للجائزة، أن الزخم العالمي المتزايد في المشاركة يعكس وعيًا متناميًا بأهمية اللغة العربية كجسر حضاري وثقافي يربط بين الشعوب. وأفاد بأن المؤسسة استقبلت مشاركات من مؤسسات وأفراد من 65 دولة مختلفة، وهو ما يمثل دليلًا قاطعًا على أن الجائزة أصبحت نقطة جذب رئيسية للمهتمين باللغة العربية من مختلف القارات.

هذا الانتشار الواسع يعكس الاهتمام المتزايد بالثقافة العربية واللغة العربية في العالم، ويدل على نجاح الجائزة في تحقيق أهدافها في نشر الوعي بأهمية العربية وتعزيز استخدامها في مختلف المجالات.

الفائزون في مختلف المحاور

شملت الجائزة فئات متعددة، وتوزعت الجوائز على مبادرات وشخصيات متميزة في مجالات مختلفة. ففي فئة “الشخصية العالمية المتميزة”، فازت المؤرخة الإسبانية أديبة روميرو سانشيز، تقديرًا لجهودها المستمرة في تدريس اللغة العربية وإحياء المخطوطات الإسلامية العربية الأندلسية لأكثر من ثلاثة عقود.

التقانة والابتكار في خدمة اللغة العربية

في محور التقانة، فازت مبادرة “أتعلّم” من لبنان بجائزة أفضل تطبيق ذكي للغة العربية ونشرها. بينما نالت مبادرة “أدوات عربي” من فلسطين جائزة أفضل مبادرة لمعالجة اللغة العربية تقنيًا، والتي تقدم أدوات برمجية متطورة بلغتي البايثون والجافا لدعم اللغة. هذه المبادرات تعكس التوجه نحو استخدام التكنولوجيا في تطوير اللغة العربية وجعلها أكثر سهولة واستخدامًا في العصر الرقمي.

التعليم والتعريب: استثمارات في مستقبل اللغة

وفي محور التعليم، حصدت مبادرة “آنسة ألف” من الإمارات الجائزة عن أفضل مبادرة لتعليم اللغة العربية في التعليم المبكر. أما جائزة أفضل مبادرة لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، فقد ذهبت إلى “معهد فصيح” من الأردن، في حين فازت مبادرة “أبجديات” من الإمارات بجائزة أفضل مبادرة للتعليم باللغة العربية في التعليم المدرسي.

وفي مجال السياسة اللغوية، فازت مبادرة ترجمة كتاب “الإدارة الرشيدة للمضادات الميكروبية” من مصر بجائزة أفضل مشروع تعريب أو ترجمة. ومن الإمارات، فاز تطبيق “مجرّة” بجائزة أفضل عمل باللغة العربية في وسائل الإعلام الإلكترونية وقنوات التواصل الاجتماعي. واختتمت الجائزة في محور الثقافة والفكر، حيث فازت “مسرحيات إدارة السلوك الطلابي” من عُمان بجائزة أفضل عمل ثقافي أو فني، وحصد مهرجان “أيام العربية” من الإمارات جائزة أفضل مبادرة لتعزيز ثقافة القراءة.

خاتمة

إن حفل تكريم الفائزين بجائزة “محمد بن راشد للغة العربية” في دورتها التاسعة لم يكن مجرد مناسبة احتفالية، بل كان تأكيدًا على المكانة الرفيعة التي تحظى بها اللغة العربية، والتزام القيادة الرشيدة بدعمها وتعزيزها. يهدف هذا التكريم إلى تشجيع المزيد من المبادرات والإبداعات التي تساهم في إحياء اللغة العربية وتطويرها، لتظل لغة حية ومزدهرة للأجيال القادمة. ندعوكم لمشاركة هذه القصة الملهمة والتعبير عن فخركم بـ اللغة العربية.

شاركها.
Exit mobile version