توجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، إلى ولاية فلوريدا للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في اجتماع بالغ الأهمية يتناول مستقبل قطاع غزة والتوترات الإقليمية المتصاعدة. يمثل هذا اللقاء، وهو السادس بين الزعيمين منذ تولّي ترمب منصبه في يناير الماضي، فرصة حاسمة لمناقشة المرحلة الثانية من اتفاق غزة، بينما تتزايد التقارير عن سعي نتنياهو للحصول على دعم أميركي لعملية عسكرية جديدة في القطاع، وذلك في ظل ضغوط داخلية من حلفائه اليمينيين. هذا اللقاء يثير تساؤلات حول مسار المفاوضات و مستقبل المنطقة.
زيارة نتنياهو إلى فلوريدا: جدول أعمال حافل وتوقعات متضاربة
أقلعت طائرة نتنياهو من مطار بن جوريون صباح الأحد، ومن المقرر أن تصل إلى فلوريدا في الساعة الثانية ظهراً بتوقيت شرق الولايات المتحدة. على الرغم من عدم وجود إعلان رسمي من البيت الأبيض بشأن موعد الاجتماع، أكد مكتب نتنياهو أنه سيعقد يوم الاثنين في منتجع مارالاجو الفاخر الذي يملكه الرئيس ترمب. الجدير بالذكر أن هذه الزيارة تكتسب أهمية خاصة في ظل التحديات التي تواجهها المنطقة، وخصوصاً فيما يتعلق بقطاع غزة.
تأتي هذه الزيارة في ظل أجواء من الغموض، حيث لم يرافق نتنياهو الصحافيون، ولم يصدر أي تصريح علني قبل مغادرته. تشير صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” إلى أن الزيارة ستستمر حتى يوم الخميس. وقد أظهرت بيانات موقع Flightradar24 لتتبع الرحلات الجوية، أن عشرات الآلاف من الأشخاص يتابعون مسار طائرة نتنياهو، مما يعكس الاهتمام الكبير بهذه الزيارة.
المرحلة الثانية من اتفاق غزة: نقطة الخلاف الرئيسية
تتصدر المرحلة الثانية من اتفاق غزة جدول مباحثات نتنياهو وترمب. وفقاً لصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، ستركز المحادثات بشكل أساسي على الجهود الأميركية لتفعيل هذه المرحلة، والتي تتضمن إنشاء حكومة فلسطينية من التكنوقراط لإدارة القطاع، تحت إشراف “مجلس السلام” برئاسة ترمب، بالإضافة إلى نشر قوة دولية لتحقيق الاستقرار بالتزامن مع الانسحاب التدريجي للجيش الإسرائيلي.
ومع ذلك، يواجه ترمب صعوبة في إقناع نتنياهو بالمضي قدماً في هذه المرحلة، حيث يسعى الأخير إلى الحصول على “ضمانات” إضافية، وربما شن عملية عسكرية جديدة في غزة “لإرضاء الحلفاء من اليمين المتطرف في حكومته”، قبل أي اتفاق لوقف إطلاق النار. تعتبر هذه النقطة من أبرز التحديات التي تواجه الوساطة الأميركية.
نهج “ربط الملفات” و دوافع نتنياهو
تشير مصادر إسرائيلية إلى أن نتنياهو يتبنى نهج “ربط الملفات”، حيث يسعى للتقدم في غزة مقابل الحصول على ضمانات تتعلق بإيران ولبنان، بالإضافة إلى مراعاة الاعتبارات السياسية الداخلية، وربما الحصول على دعم في قضايا الفساد التي يواجهها. هذا النهج يعكس تعقيد المشهد السياسي الإسرائيلي و محاولة نتنياهو تحقيق مكاسب متعددة من هذه الزيارة.
ملفات إقليمية أخرى على طاولة النقاش
بالإضافة إلى غزة، من المتوقع أن تتناول المحادثات بين نتنياهو وترمب ملفات إقليمية أخرى، مثل التوترات المتصاعدة على الحدود اللبنانية والسورية، ومحاولات إيران إعادة بناء قدراتها الصاروخية. يستعد نتنياهو لعرض خيارات عسكرية محتملة ضد إيران على ترمب، بحجة تسارع برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.
ووفقاً لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، قد تشمل هذه الخيارات اتفاقاً أميركياً-إيرانياً يعالج جميع القضايا العالقة، أو توجيه ضربة إسرائيلية ضد طهران، أو ضربة مشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل. تأمل تل أبيب في الحصول على “الضوء الأخضر” من ترمب لشن عملية عسكرية إذا لزم الأمر.
تنسيق أميركي و إحباط من عرقلة نتنياهو
في الوقت نفسه، ينسق المبعوث الأميركي الخاص، ستيف ويتكوف، وصهر ترمب، جاريد كوشنر، بشكل وثيق مع الوسطاء في اتفاق غزة (مصر وقطر وتركيا) للمضي قدماً في المرحلة الثانية. ومع ذلك، أعرب نتنياهو عن تشككه في خطة “نزع سلاح” الفصائل الفلسطينية في غزة، واختلف مع ويتكوف وكوشنر بشأن التفاصيل.
وقد عبر مسؤولون في البيت الأبيض عن “الإحباط” من عرقلة نتنياهو لتنفيذ باقي مراحل اتفاق وقف إطلاق النار، مشيرين إلى أنهم “يخشون أن يعيد استئناف الحرب”. ووفقاً لموقع “أكسيوس”، فإن فريق ترمب يشعر بأن نتنياهو “يبطئ عملية السلام”، وأنهم “خسروا” معظم كبار المسؤولين في الإدارة بسبب خلافات مع نتنياهو.
الخلاصة: مستقبل غزة معلق على نتائج اللقاء
تعتبر زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى فلوريدا لقاءً حاسماً يحدد مستقبل قطاع غزة والتوترات الإقليمية. في حين يسعى ترمب للمضي قدماً في المرحلة الثانية من اتفاق غزة، يواجه نتنياهو ضغوطاً داخلية ويسعى للحصول على ضمانات إضافية قبل أي اتفاق. النتائج النهائية لهذا اللقاء ستكون لها تداعيات كبيرة على المنطقة بأسرها، وستؤثر على مسار المفاوضات و فرص تحقيق الاستقرار.


