شهد الوضع في اليمن تطورات متسارعة خلال الساعات الماضية، مع تأكيد تحالف دعم الشرعية على حماية المدنيين في مواجهة أي تحركات عسكرية تخالف جهود خفض التصعيد. يأتي هذا في ظل دعوات متزايدة للمجلس الانتقالي الجنوبي إلى التهدئة وسحب قواته من محافظتي حضرموت والمهرة، استجابة للوساطة السعودية الإماراتية. وتتصاعد المخاوف من تداعيات هذه الأحداث على الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة، خاصة مع تزايد الانتهاكات التي تطال المدنيين.

تحالف دعم الشرعية يؤكد حماية المدنيين

أصدر تحالف دعم الشرعية في اليمن، السبت، بياناً شديد اللهجة، أكد فيه على أن أي تحركات عسكرية تتعارض مع الجهود المبذولة لخفض التصعيد “سيتم التعامل معها بهدف حماية المدنيين”. جاء هذا التأكيد استجابة لطلب عاجل من رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، بشأن اتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين في محافظة حضرموت، وذلك على خلفية الانتهاكات الإنسانية الجسيمة التي يرتكبها مسلحو المجلس الانتقالي الجنوبي بحقهم. وأوضح المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف، اللواء الركن تركي المالكي، أن التحالف يواصل دعمه للجهود المشتركة مع دولة الإمارات العربية المتحدة لإخراج قوات الانتقالي من المحافظتين وتسليم المعسكرات لقوات درع الوطن، وتمكين السلطة المحلية من ممارسة صلاحياتها بشكل كامل.

دعوة سعودية وإماراتية للتهدئة

تأتي هذه التحركات في إطار الجهود الدبلوماسية المكثفة التي تقودها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة بهدف احتواء الأزمة ومنع تصعيدها. وقد أرسل البلدان فريقاً عسكرياً مشتركاً إلى عدن لمناقشة الترتيبات اللازمة مع المجلس الانتقالي الجنوبي، بما يضمن عودة قواته إلى مواقعها السابقة خارج حضرموت والمهرة، وتسليم المعسكرات لقوات درع الوطن والسلطة المحلية. وتؤكد الرياض وأبوظبي على أهمية تغليب المصلحة العامة والعمل على تحقيق الاستقرار في اليمن.

مطالبات بسحب قوات المجلس الانتقالي من حضرموت والمهرة

وزير الدفاع السعودي، الأمير خالد بن سلمان، وجه دعوة مباشرة إلى المجلس الانتقالي الجنوبي، مطالباً إياه بالاستجابة لجهود الوساطة السعودية الإماراتية، والبدء الفوري في سحب قواته من المعسكرات في حضرموت والمهرة. وحذر الأمير خالد من مغبة إعطاء فرصة للمتربصين لتحقيق أهدافهم في اليمن والمنطقة، مشدداً على أن القضية الجنوبية يجب أن تحل من خلال التوافق والحوار، وليس من خلال المغامرة العسكرية. وأضاف أن الأحداث الأخيرة في المحافظتين الشرقيتين قد أدت إلى شق الصف في مواجهة العدو الحقيقي، وهو ما يهدد الأمن والاستقرار في البلاد.

وأكد وزير الدفاع السعودي أن المملكة لن تنسى القضية الجنوبية، وأنها ستظل حاضرة في أي حل سياسي شامل لليمن. وشدد على أن المملكة تدعم رئيس ومجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية والسلام في اليمن.

طلب العليمي لحماية المدنيين وتصعيد الانتقالي

في سياق متصل، نقلت وكالة الأنباء اليمنية “سبأ” عن مصدر حكومي، أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، طلب من تحالف دعم الشرعية مساندة الجيش اليمني في فرض التهدئة وحماية جهود الوساطة السعودية الإماراتية، واتخاذ كافة التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين في حضرموت. كما حث العليمي قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي على تغليب المصلحة العامة والامتناع عن أي تصعيد غير مبرر في المحافظات الشرقية.

وترأس العليمي، الجمعة، اجتماعاً طارئاً لمجلس الدفاع الوطني لمناقشة الأوضاع المتدهورة في حضرموت والمهرة، على خلفية “الإجراءات الأحادية والتصعيد العسكري من جانب المجلس الانتقالي الجنوبي”. وأكد المجلس على أن هذه التصعيدات تمثل خرقاً صريحاً لمرجعيات المرحلة الانتقالية، بما في ذلك إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض، وتقويضاً لجهود الوساطة التي تقودها السعودية والإمارات.

تفاعل إقليمي ودولي مع الأزمة اليمنية

لم تقتصر ردود الفعل على الأزمة اليمنية على المستوى الإقليمي، بل امتدت لتشمل التفاعل الدولي. فقد أعربت الولايات المتحدة عن قلقها إزاء الأحداث الأخيرة في جنوب شرق اليمن، داعية إلى “ضبط النفس ومواصلة الجهود الدبلوماسية بهدف التوصل إلى حل دائم”. وأشاد وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، بالقيادة الدبلوماسية للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في هذا الصدد، مؤكداً دعم بلاده لجميع الجهود الرامية إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.

كما دعت الجامعة العربية ورابطة العالم الإسلامي ودول عربية وإسلامية إلى وقف التصعيد العسكري في اليمن، ودعم القيادة الشرعية حفاظاً على وحدة البلاد. وتشير هذه الدعوات إلى إدراك المجتمع الدولي لأهمية تحقيق الاستقرار في اليمن وتجنب أي تداعيات سلبية قد تؤثر على الأمن الإقليمي.

الوضع في اليمن لا يزال دقيقاً ويتطلب جهوداً مكثفة من جميع الأطراف المعنية لتهدئة الأوضاع وتجنب المزيد من التصعيد. إن الاستجابة لجهود الوساطة السعودية الإماراتية وسحب قوات المجلس الانتقالي من حضرموت والمهرة يمثل خطوة حاسمة نحو تحقيق الاستقرار وإعادة بناء اليمن.

شاركها.
Exit mobile version