تصاعدت الجهود الدبلوماسية الرامية إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا، مع إعلان الكرملين عن شرط رئيسي لوقف إطلاق النار، وتأكيد الرئيس زيلينسكي على قضايا معلقة حاسمة، بما في ذلك مستقبل إقليم دونباس ومحطة زابوريجيا النووية. تأتي هذه التطورات عقب اجتماع مهم جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في فلوريدا، حيث ناقشا مسودة إطار سلام شامل يهدف إلى وضع حد للصراع المستمر.

الكرملين يربط وقف القتال بانسحاب أوكراني من دونباس

أكد المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، يوم الاثنين، أن وقف القتال يتطلب من أوكرانيا سحب قواتها بشكل كامل من إقليم دونباس. وحذر بيسكوف من أن كييف قد تخسر المزيد من الأراضي إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، مشدداً على أن هذا الانسحاب هو شرط أساسي لتحقيق الاستقرار في المنطقة. ووفقاً لتقديرات روسية، تسيطر روسيا حالياً على حوالي 90% من دونباس، بالإضافة إلى مناطق أخرى في أوكرانيا مثل شبه جزيرة القرم، ومناطق واسعة من زابوريجيا وخيرسون.

وأضاف بيسكوف أن الحديث يدور تحديداً عن سحب القوات الأوكرانية من “الحدود الإدارية لدونباس”، ولكنه تجنب الخوض في تفاصيل مماثلة فيما يتعلق بمناطق زابوريجيا وخيرسون. هذا الموقف يعكس إصرار موسكو على تأمين سيطرتها على هذه المناطق، وربط أي تقدم في المفاوضات بتحقيق هذا الهدف.

خطة السلام المطروحة.. 20 بنداً وقضايا عالقة

من جانبه، أوضح الرئيس زيلينسكي أن خطة السلام المقترحة تتكون من 20 بنداً، وأن السيطرة على إقليم دونباس ومحطة زابوريجيا النووية لا تزال قضايا “دون حسم”. وأشار إلى أن المحادثات بشأن إنشاء منطقة اقتصادية حرة في دونباس لا تزال مستمرة، لكنه لم يكشف عن تفاصيل إضافية.

الضمانات الأمنية الأمريكية ودورها في المفاوضات

أحد أبرز جوانب خطة السلام هو الضمانات الأمنية الأمريكية لأوكرانيا، والتي تتضمن التزاماً لمدة 15 عاماً، وفقاً لتصريحات زيلينسكي. وقد طلب الرئيس الأوكراني من ترمب تقديم ضمانات أطول قد تصل إلى 50 عاماً، لكن ترمب أكد التزام واشنطن بتقديم دعم أمني قوي لكييف. وستتضمن هذه الضمانات آلية لمراقبة وقف إطلاق النار.

دونباس تظل نقطة خلاف رئيسية، حيث تقترح الولايات المتحدة إنشاء منطقة اقتصادية حرة في حال انسحبت أوكرانيا من منطقة دونيتسك. لكن الكرملين لم يعلق بشكل مباشر على هذه الفكرة، مفضلاً عدم التطرق إلى تفاصيلها في الوقت الحالي.

موقف روسيا من وقف إطلاق النار والمفاوضات المباشرة

أعرب زيلينسكي عن قلقه من أن روسيا لا تبدو راغبة في وقف إطلاق النار في الوقت الحالي، على الرغم من أن الرئيس ترمب أبلغه بأنه ناقش خطة النقاط العشرين مع الرئيس بوتين. ومع ذلك، أكد زيلينسكي استعداد أوكرانيا للتواصل مع روسيا “بأي صيغة ممكنة”، لكنه شدد على أن عقد اجتماع مباشر مع موسكو لن يكون ممكناً إلا بعد اتفاق ترمب والقادة الأوروبيين على إطار السلام المقترح.

كما أعلن زيلينسكي عن خطط لاستضافة اجتماع لمستشاري الأمن القومي من الولايات المتحدة وأوروبا في أوكرانيا خلال الأيام المقبلة، بالإضافة إلى اجتماع مرتقب مع عدد من القادة الأوروبيين. ويهدف هذا إلى تعزيز الدعم الدولي لخطة السلام، والحصول على ضمانات أمنية إضافية.

تصريحات ترمب وتوقعات بتقدم نحو السلام

خلال مؤتمر صحفي في فلوريدا، صرح الرئيس ترمب بأن لقاءه مع زيلينسكي قد قرب إبرام اتفاق لإنهاء الحرب في أوكرانيا “كثيراً”. وأشار إلى وجود شبه اتفاق على اتفاقية أمنية بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، ولكنه أكد على ضرورة حل بعض “القضايا الشائكة” المتعلقة بالأراضي.

وشدد زيلينسكي على أن خطة السلام يجب أن تُعرض على استفتاء شعبي داخل أوكرانيا، وأن وقف إطلاق النار لمدة لا تقل عن 60 يوماً هو شرط أساسي لإجراء هذا الاستفتاء بشكل آمن وشرعي. كما أكد على ضرورة توقيع الخطة من جانب أوكرانيا والولايات المتحدة وروسيا وأوروبا.

في الختام، تظل المفاوضات حول مستقبل دونباس وحل الأزمة الأوكرانية معقدة، وتتطلب جهوداً دبلوماسية مكثفة وتنازلات من جميع الأطراف. ومع استمرار الضغوط الدولية، وتصاعد الجهود الدبلوماسية، يبقى الأمل معلقاً على إمكانية التوصل إلى حل سلمي ينهي هذا الصراع المدمر.

شاركها.
Exit mobile version