شهدت الساحة اليمنية تطورات متسارعة خلال السبت، مع دعوات متصاعدة إلى إنهاء التصعيد في محافظتي حضرموت والمهرة، وحماية المدنيين من التداعيات الخطيرة للتوترات الأخيرة. تأتي هذه التطورات في ظل جهود مشتركة تقودها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، بهدف تحقيق الاستقرار وإعادة بناء اليمن، مع التأكيد على أهمية الحفاظ على وحدة الصف والمصلحة الوطنية العليا. وتمركزت الأحداث حول ردود فعل قيادة مجلس القيادة الرئاسي اليمني على الوضع المتأزم، وتوجيهات واضحة للمجلس الانتقالي الجنوبي، بالإضافة إلى تأكيد تحالف دعم الشرعية على حماية المدنيين.

توجيهات رئاسية ودعم للوساطة السعودية الإماراتية

أعرب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، عن تقديره للاستجابة السريعة من قيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية في اليمن، لطلب اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية المدنيين في حضرموت، وذلك بناءً على توصيات مجلس الدفاع الوطني. وأكد العليمي، عبر منصة “إكس”، دعمه الكامل لجهود السعودية والإمارات في هذا الصدد، مشدداً على ضرورة “استعادة الأمن والاستقرار، وصون السلم الأهلي، والمركز القانوني لليمن”.

وفي سياق متصل، وجه العليمي دعوة مباشرة إلى المجلس الانتقالي الجنوبي، مطالبًا إياه بالاستجابة الفورية للجهود المبذولة، والانسحاب من منطقتي حضرموت والمهرة، وتسليم المعسكرات لقوات “درع الوطن” والسلطات المحلية. وأشار إلى أن هذه الخطوة ضرورية للحفاظ على وحدة الصف والمصلحة العليا للبلاد، وتجنب أي تداعيات سلبية قد تؤثر على مسار الحل السياسي.

تأكيد على أهمية الوحدة والمركزية

شدد العليمي على أهمية الحفاظ على وحدة اليمن ومركزية الدولة، مؤكداً أن أي خطوات تخالف ذلك ستؤدي إلى تعقيد الأوضاع وزيادة المعاناة الإنسانية. وأضاف أن تحقيق الاستقرار الدائم يتطلب التوافق والتعاون بين جميع المكونات اليمنية، مع احترام سيادة القانون والمؤسسات الشرعية.

رسالة دعم من الرياض وتأكيد على القضية الجنوبية

من جهته، أعرب عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عبد الله العليمي، عن ترحيبه البالغ برسالة وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، واصفاً إياها بأنها تعكس “ثبات موقف المملكة، وحرصها الصادق على أمن اليمن واستقراره”. وأكد أن الرسالة تؤكد على استمرار دعم المملكة للحكومة اليمنية الشرعية، وجهودها الرامية إلى استعادة الدولة وتحقيق السلام.

وأوضح العليمي أن الرسالة أكدت على أن المملكة “كانت ولا تزال سنداً حقيقياً، وشريكاً أساسياً في دعم الشرعية واستعادة الدولة”، مشيداً بالدعم السياسي والاقتصادي والإنساني الذي قدمته المملكة للشعب اليمني. كما أشاد العليمي بموقف المملكة الداعم للقضية الجنوبية، وإيمانها بأهمية إيجاد حل سياسي شامل يضمن حقوق الجنوبيين ويحفظ كرامتهم.

دعوة إلى تغليب الحكمة والمسؤولية

وجه عضو مجلس القيادة الرئاسي رسالة مباشرة إلى المجلس الانتقالي الجنوبي، مؤكداً أن رسالة وزير الدفاع السعودي “كانت نداءً نابعاً من حرص، لا تهديد”، ودعا إلى “تغليب الحكمة والعقل”. وأضاف أن “الجنوب القوي جنوب متماسك، لا جنوب يستنزف بصراعات داخلية”، وأن “حماية قضيتنا تكون بحماية وتقبّل بعضنا البعض”. هذا التأكيد على الوحدة الداخلية يأتي في سياق الجهود المبذولة لتعزيز الاستقرار في الجنوب، وتجنب أي انقسامات قد تستغل من قبل القوى الخارجية.

تحالف دعم الشرعية يحذر ويؤكد حماية المدنيين

وفي بيان رسمي، شدد تحالف دعم الشرعية في اليمن على أن أي تحركات عسكرية تخالف جهود خفض التصعيد “سيتم التعامل معها بهدف حماية المدنيين”. جاء هذا التأكيد استجابة لطلب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، بشأن اتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين في حضرموت، في ظل الانتهاكات الإنسانية الجسيمة التي يرتكبها المجلس الانتقالي الجنوبي. وأكد المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف، تركي المالكي، على استمرار دعم التحالف للحكومة اليمنية الشرعية، وجهوده الرامية إلى تحقيق السلام والاستقرار في اليمن.

حضرموت والمهرة هما نقطتا الاشتعال الرئيسيتان في التوترات الأخيرة، حيث دعا الأمير خالد بن سلمان المجلس الانتقالي الجنوبي إلى سحب قواته من المعسكرات في هاتين المحافظتين، وتسليمها سلمياً لقوات درع الوطن والسلطة المحلية. وأشار إلى أن الأحداث المؤسفة التي شهدتها المحافظتان منذ بداية ديسمبر 2025 أدت إلى شق الصف في مواجهة العدو، وأن المملكة تؤكد على أن القضية الجنوبية ستظل حاضرة في أي حل سياسي شامل.

الخلاصة: نحو حل سياسي شامل

تُظهر التطورات الأخيرة في اليمن حرصاً إقليمياً ودولياً متزايداً على تحقيق الاستقرار وإعادة بناء البلاد. وتؤكد الدعوات المتصاعدة إلى إنهاء التصعيد في حضرموت والمهرة، وحماية المدنيين، على أهمية الحوار والتوافق بين جميع المكونات اليمنية. إن نجاح جهود الوساطة السعودية الإماراتية يتطلب استجابة فورية من المجلس الانتقالي الجنوبي، والتزامه بالانسحاب من المناطق المتنازع عليها، وتسليم المعسكرات لقوات درع الوطن والسلطات المحلية. الأمن والاستقرار في اليمن يعتمدان على وحدة الصف والمصلحة الوطنية العليا، والعمل المشترك نحو إيجاد حل سياسي شامل يضمن حقوق جميع اليمنيين ويحفظ كرامتهم. الوساطة السعودية الإماراتية تمثل فرصة حقيقية لتحقيق هذا الهدف، ويجب على جميع الأطراف اغتنامها والعمل بروح المسؤولية والشراكة.

شاركها.
Exit mobile version