أصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخرًا مرسومًا بقانون اتحادي يمثل نقلة نوعية في تنظيم قطاع القنب الصناعي، وذلك بهدف دعم التنمية الاقتصادية المستدامة وتنويع مصادر الدخل. يهدف هذا التشريع إلى استغلال الإمكانات الكبيرة التي يوفرها هذا النبات في مختلف الصناعات، مع وضع ضوابط صارمة تمنع أي استخدام غير قانوني أو ضار. يمثل هذا القانون خطوة جريئة نحو مستقبل اقتصادي أكثر ازدهارًا، مع الالتزام الكامل بالأمن والسلمة المجتمعية.
ما هو المرسوم بقانون الجديد بشأن القنب الصناعي؟
المرسوم بقانون الاتحادي المنظم لاستخدامات القنب الصناعي يضع إطارًا قانونيًا شاملاً لجميع الأنشطة المتعلقة بهذا النبات، بدءًا من استيراد البذور وحتى تصنيع المنتجات النهائية. يهدف القانون إلى تنظيم هذا القطاع الجديد، بما يتوافق مع أفضل الممارسات العالمية، ويضمن تحقيق أقصى فائدة اقتصادية مع الحفاظ على الأمن المجتمعي. ويغطي القانون جوانب متعددة، بما في ذلك الزراعة، والتصنيع، والتداول، والاستخدامات المسموح بها، بالإضافة إلى العقوبات الرادعة في حالة المخالفة.
الاستخدامات الصناعية والطبية المسموح بها للقنب
ينص القانون على السماح باستغلال القنب الصناعي في مجموعة واسعة من الصناعات الواعدة. تشمل هذه الصناعات:
- المنسوجات والملابس: يمكن استخدام ألياف القنب الصناعي في إنتاج ملابس عالية الجودة ومتينة.
- صناعة الورق: يتميز القنب الصناعي بإنتاجه أوراقًا قوية ومستدامة.
- الصناعات الإنشائية: يمكن استخدام القنب الصناعي في إنتاج مواد بناء صديقة للبيئة.
- المنتجات الطبية: يُعد هذا الجانب من أهم الاستخدامات التي يركز عليها القانون، حيث يسمح بإنتاج أدوية ومشتقات طبية تحتوي على مركبات القنب الصناعي، مع الالتزام التام بقانون المنتجات الطبية ومهنة الصيدلة. ويهدف هذا الاستخدام إلى توفير خيارات علاجية مبتكرة للمرضى.
حظر الاستخدام الشخصي والتجاري الترفيهي
من أبرز ما يميز هذا القانون هو حظر الاستخدام الشخصي أو الترفيهي للقنب بأي شكل من الأشكال. يشمل هذا الحظر استيراد أو تصنيع أو استخدام أي منتجات متعلقة بالترفيه أو الاستهلاك الشخصي. كما يمنع القانون صراحةً استخدام القنب الصناعي في المواد الغذائية، والمكملات الغذائية، والمنتجات البيطرية، ومنتجات التدخين، والمستحضرات التجميلية (باستثناء الزيوت المستخلصة من البذور والساق، وتحت شروط محددة). هذا الحظر يهدف إلى حماية المجتمع والحفاظ على الأمن العام.
ضوابط تنظيمية صارمة لزراعة وتداول القنب الصناعي
يقوم القانون على منظومة من الضوابط التنظيمية الصارمة التي تهدف إلى ضمان الالتزام بالقانون ومنع أي انحرافات. وتشمل هذه الضوابط:
- الترخيص الإلزامي: لا يمكن مزاولة أي نشاط يتعلق بالقنب (الزراعة، التصنيع، الاستيراد، التصدير) دون الحصول على ترخيص مسبق من الجهات المختصة.
- موافقة أمنية: يجب الحصول على موافقة أمنية من لجنة تابعة للجهاز الوطني لمكافحة المخدرات قبل البدء في أي نشاط زراعي.
- تحديد المناطق الزراعية: يتم تخصيص مناطق محددة لزراعة القنب الصناعي، بعيدًا عن المناطق السكنية والزراعية الأخرى، ويجب أن تكون هذه المناطق مسيجة ومراقبة بشكل دقيق.
- سجلات دقيقة: يجب على المرخص لهم الاحتفاظ بسجلات دقيقة ومفصلة لجميع الأنشطة المتعلقة بالقنب، لمدة لا تقل عن خمس سنوات.
- نسبة THC المحددة: يجب التأكد من أن نسبة مادة رباعي هيدروكانابينول (THC) في المنتجات لا تتجاوز 0.3%، وذلك لمنع أي تأثير مخدر.
نظام تتبع وطني وسجل إلكتروني موحد
لتعزيز الرقابة والشفافية، ينص القانون على إنشاء نظام وطني لتتبع القنب الصناعي، يشمل تتبع البذور، والشتلات، والمنتجات النهائية. كما يتم إنشاء سجل إلكتروني موحد لتسجيل جميع البيانات والمعلومات المتعلقة بالمرخص لهم والأنشطة المرخص بها. يهدف هذان النظامان إلى توفير معلومات دقيقة وموثوقة للجهات المختصة، وتمكينها من اتخاذ القرارات المناسبة والتصدي لأي مخالفات.
مستقبل القنب الصناعي في الإمارات
يمثل هذا القانون خطوة استراتيجية نحو بناء قطاع اقتصادي جديد وواعد في دولة الإمارات. من خلال تنظيم القنب الصناعي بشكل قانوني ومسؤول، يمكن للدولة استقطاب الاستثمارات الأجنبية، وتعزيز الابتكار، وتوفير فرص عمل جديدة، وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة. ومع ذلك، يتطلب نجاح هذا القانون التزامًا كاملاً بالضوابط التنظيمية، وتعاونًا وثيقًا بين جميع الجهات المعنية، ومتابعة دقيقة لتطورات هذا القطاع. كما أن البحث والتطوير في مجالات استخدامات القنب المختلفة سيساهم في زيادة الفائدة الاقتصادية لهذا النبات.


