أعلنت هيئة الصحة بدبي عن تحول نوعي ومرحلة جديدة في تقديم الخدمات المتعلقة بشؤون ذوي المتوفين، يهدف إلى تبسيط ورقمنة الإجراءات وتوفير دعم استباقي يتماشى مع رؤية الحكومة المتمثلة في وضع الإنسان في صميم الخدمات. هذه الخطوة المهمة تأتي ضمن مبادرة “بُناة المدينة” وتعكس التزام دبي الراسخ بالقيم الإنسانية وتقديم العون في أوقات الفقد.
منظومة “جبر”: نقلة نوعية في خدمات شؤون المتوفين
تجسد هذه المبادرة نقلة نوعية في الطريقة التي تتعامل بها الجهات الحكومية مع إجراءات ما بعد الوفاة. فبدلاً من التنقل بين العديد من الدوائر الحكومية وإعادة تقديم الوثائق، تم استحداث منظومة “جبر” المبتكرة. هذه المنظومة تعمل من خلال موظف حكومي واحد يقوم بتولي جميع الإجراءات نيابة عن الأسرة، وذلك بالتنسيق الكامل بين الجهات المختلفة المعنية. يهدف هذا التغيير الإيجابي إلى تخفيف الأعباء الإدارية واللوجستية على الأسر في فترة حزنهم وألمهم، وتقديم الدعم اللازم بأسرع وأسهل طريقة. كما تهدف إلى تقديم خدمات ما بعد الوفاة بشكل سلس وفعال.
التحول الرقمي وتسهيل الإجراءات
يعتمد نجاح منظومة “جبر” بشكل كبير على التحول الرقمي الشامل الذي تشهده دبي. تم تطوير منصة رقمية موحدة تربط بين جميع الجهات الحكومية المشاركة، وتسمح بإصدار إشعارات تلقائية عند تسجيل حالة الوفاة. هذا الإشعار الفوري يضمن البدء في الإجراءات اللازمة دون تأخير، وتهيئة الجهات لتقديم خدماتها بشكل استباقي. بالإضافة إلى ذلك، تم تسريع إجراءات نقل الجثامين إلى الخارج، وتقليص الوقت المطلوب لإتمام خدمات الدفن والعزاء. الهدف هو توفير الوقت والجهد على الأسر، ومنحهم مساحة أكبر للتفرغ للجوانب الإنسانية والاجتماعية في هذه المرحلة الحساسة.
رؤية هيئة الصحة بدبي: إنسانية في المقام الأول
أكد الدكتور علوي الشيخ علي، مدير عام هيئة الصحة بدبي، أن منظومة “جبر” ليست مجرد تبسيط للإجراءات، بل هي تعبير عن الاهتمام البالغ الذي توليه حكومة دبي بالإنسان. وأضاف أن المنظومة تركز على الجوانب النفسية والاجتماعية في لحظة الفقد، وتسعى إلى إحاطة ذوي المتوفي بالرعاية المطلوبة وتلبية احتياجاتهم الفعلية. هذا النهج يعكس القيم الأصيلة لمجتمع الإمارات في مساندة الأسرة وتعزيز قدرتها على تجاوز هذه الظروف الصعبة. كما يعتبر “جبر” نموذجاً عملياً للتكامل الحكومي في دبي، وخطوة مهمة نحو تحقيق رؤية الإمارة في وضع الإنسان محوراً للخدمات والسياسات والمبادرات. الخدمات المقدمة الآن تشمل إجراءات شهادة الوفاة بشكل فوري ومبسط.
دور الموظف الشامل في تسهيل الخدمات
يعتبر الموظف الحكومي الشامل عنصراً أساسياً في منظومة “جبر”. فهو بمثابة نقطة اتصال واحدة بين الأسرة وجميع الجهات المعنية، ويتولى مسؤولية تخليص جميع الإجراءات اللازمة. هذا الموظف مدرب على فهم احتياجات الأسر وتقديم الدعم اللازم، ويتمتع بصلاحيات واسعة للتنسيق بين الدوائر الحكومية المختلفة.
دعم نفسي واجتماعي شامل
لا يقتصر دور “جبر” على الجوانب الإدارية فقط، بل يمتد ليشمل تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأسر المنكوبة. ماجد المهيري، المتحدث الرسمي باسم المنظومة، أوضح أن الهدف هو توفير تجربة متعامل إنسانية وداعمة تتجاوز مجرد إنهاء الإجراءات الإدارية. تشمل مبادرات الدعم النفسي تدريب مستشارين في المدارس لتقديم العون للطلاب الذين فقدوا ذويهم، وتنظيم محاضرات دينية لذوي المتوفين للتخفيف عنهم. كما توفر هيئة تنمية المجتمع خيم عزاء إضافية للمواطنين، وتعمل على تقديم الدعم الاجتماعي للمقيمين من خلال التعاون مع المؤسسات المختصة. هذا التكامل يضمن تقديم رعاية شاملة للأسر في هذه اللحظات العصيبة.
محاور مبادرة “جبر” الخمسة
تستند منظومة “جبر” إلى خمسة محاور رئيسية تضم 22 مبادرة فرعية تهدف إلى تحقيق التكامل والشمولية في الخدمات المقدمة:
- الإنسانية أولاً: تخصيص موظف حكومي مسؤول عن متابعة حالة الوفاة وتخليص الإجراءات.
- مبادرات الدعم الاجتماعي: توفير خيم العزاء والضيافة الكاملة للأسر.
- مبادرات الدعم النفسي: تدريب المستشارين في المدارس وتقديم المحاضرات الدينية.
- التحول الرقمي وتقليل الاشتراطات: تبسيط الإجراءات وتسريعها من خلال المنصة الرقمية الموحدة.
- تطوير المرافق وخدمات شؤون الجنائز: تحسين المقابر وتوفير خدمات متكاملة.
التعاون والتنسيق بين الجهات الحكومية
تم تطوير منظومة “جبر” من خلال فريق عمل مشترك ضم 22 جهة حكومية محلية واتحادية، بالإضافة إلى القطاع الخاص. هذا التعاون الوثيق يعكس التزام دبي بتعزيز التكامل الحكومي وتحقيق أفضل النتائج للمواطنين والمقيمين. الجهات المشاركة تشمل القيادة العامة لشرطة دبي، وهيئة الطرق والمواصلات، وهيئة تنمية المجتمع، والإدارة العامة للهوية وشؤون الأجانب، وبلدية دبي، وغيرها. هذا التضافر للجهود يضمن توفير خدمات متكاملة وسلسة لذوي المتوفين. من خلال هذه المبادرة، تهدف دبي إلى أن تكون نموذجاً يحتذى به في تقديم الخدمات الإنسانية والاجتماعية.
باختصار، تمثل منظومة “جبر” خطوة رائدة نحو تحسين خدمات شؤون ذوي المتوفين في دبي. فهي تجسد رؤية حكومة دبي المتمثلة في وضع الإنسان في صميم الخدمات، وتقديم الدعم اللازم في أوقات الفقد. من خلال التحول الرقمي والتكامل الحكومي، تسعى دبي إلى تخفيف الأعباء على الأسر المنكوبة، ومنحهم مساحة أكبر للتفرغ للجوانب الإنسانية والاجتماعية. نفخر بهذه المبادرة التي تعكس عمق البعد الإنساني في مجتمعنا وقدرته على التكيف مع أحدث التقنيات لخدمة الإنسانية.



