دبي، مدينة الأمن والسلام، تشهد تطوراً مستمراً في بنيتها التحتية المرورية، بهدف ضمان سلامة جميع مستخدمي الطريق. لكن، ورغم هذه الجهود، لا تزال بعض التحديات قائمة، خاصة فيما يتعلق بالتزام سائقي توصيل الطلبات بقواعد السير الجديدة. فقد كشف استطلاع رأي حديث أجرته “الإمارات اليوم” أن الأغلبية الساحقة من قائدي المركبات في دبي، بنسبة تزيد عن 85%، يرون أن سائقي توصيل الطلبات لا يلتزمون بقرار تحديد المسار، حتى بعد بدء تطبيق حظر قيادة الدراجات على المسارات السريعة اعتباراً من الأول من نوفمبر 2025. هذا يشير إلى الحاجة الملحة لتعزيز الالتزام وتطبيق الإجراءات الرادعة. قيادة الدراجات النارية في دبي تخضع الآن لقواعد جديدة تهدف إلى تنظيم حركة المرور.
نتائج استطلاع “الإمارات اليوم” حول التزام سائقي التوصيل
أظهر الاستطلاع الذي شارك فيه 2137 شخصاً، وأن استمر لمدة 24 ساعة، أن 85.9% من المشاركين (حوالي 1835 شخصاً) لم يلاحظوا أي التزام من قبل سائقي الدراجات النارية بقرار تحديد المسارات. في المقابل، أشار 14.1% (حوالي 302 شخص) إلى ملاحظتهم التزاماً جزئياً من بعض السائقين.
أظهرت النتائج تفاوتاً طفيفاً بين المنصات المختلفة. ففي استطلاع “واتس أب”، بلغت نسبة عدم الالتزام 85.1%، بينما كانت 87% في استطلاع “إنستغرام” . هذا التشابه في النتائج بين المنصتين يؤكد على وجود مشكلة حقيقية في تطبيق القرار على أرض الواقع. وأعرب المشاركون عن قلقهم البالغ من المخاطر التي يسببها هذا عدم الالتزام، سواء على سلامة السائقين أنفسهم أو على سلامة الآخرين.
المخاطر المرورية الناتجة عن عدم الالتزام
يشكّل عدم التزام سائقي الدراجات النارية بالمسارات المحددة تهديداً مباشراً للسلامة المرورية. حيث يشير العديد من السائقين إلى أنهم لا يزالون يرون هؤلاء السائقين يقودون في الحارة اليسرى المخصصة للتجاوز، بالإضافة إلى تهورهم في القيادة على الطرق السريعة. هذه المخالفات تعرضهم للخطر وتعرض حياة الآخرين للخطر أيضاً، كما أنها تخلق مواقف غير متوقعة قد تؤدي إلى حوادث مؤسفة. هذا السلوك يعيق تدفق حركة المرور ويسبب إزعاجاً للسائقين الآخرين.
تفاصيل قرار تنظيم قيادة الدراجات النارية في دبي
يهدف القرار الصادر بشأن تنظيم قيادة الدراجات في دبي بشكل رئيسي إلى تعزيز السلامة وتقليل الحوادث. وينص القرار على حظر قيادة الدراجات النارية في الحارتين السريعتين الأقصى اليسار على الطرق التي تضم خمسة مسارات أو أكثر. كما يمنع استخدام الحارة اليسرى في الطرق المكونة من ثلاثة أو أربعة مسارات. واستثناءً من ذلك، يسمح لسائقي الدراجات النارية بالقيادة بشكل طبيعي على الطرق التي تتكون من مسارين أو أقل، نظراً لقلة الازدحام وانخفاض المخاطر.
وتتراوح الغرامات المترتبة على المخالفة بين 500 و 700 درهم، مع إمكانية إيقاف التصريح في حال تكرار المخالفة للمرة الثالثة. كما ينص القرار على غرامات إضافية للسائقين الذين يقودون بسرعة تزيد على 100 كيلومتر في الساعة في الطرق المحددة.
جهود الشارقة لتنظيم حركة الدراجات النارية
بالتوازي مع دبي، اتخذت الشارقة خطوات مماثلة لتنظيم حركة الدراجات النارية، بما في ذلك دراجات التوصيل. تتعاون القيادة العامة لشرطة الشارقة مع هيئة الطرق والمواصلات لتخصيص مسارات مرورية محددة لهذه الدراجات، بالإضافة إلى المركبات الثقيلة والحافلات. يتم تخصيص المسار الأيمن للمركبات الثقيلة والحافلات، بينما يُسمح للدراجات النارية باستخدام المسارين الثالث والرابع في الطرق ذات الأربع حارات، والمسار الأوسط أو الأيمن في الطرق ذات الثلاث حارات. وتطبق غرامات مماثلة لتلك الموجودة في دبي على المخالفين، وفقاً لقانون المرور الاتحادي.
آراء القائدين وأسباب عدم الالتزام
أكد العديد من القائدين على استمرارهم في رصد المخالفات، حيث قال أحمد.س: “ألاحظ استمرار قيام عدد من دراجات التوصيل بالقيادة في الحارة اليسرى على أحد الطرق الحيوية، وهذا يُشكّل خطراً كبيراً”. ويرى إبراهيم.ش أن “هناك سائقين مستقلين أو يعملون لدى شركات صغيرة لا يزالون يسلكون الحارات اليسرى”، مؤكداً على الحاجة إلى تعزيز الوعي وتقبل النظام. بينما أشار جمال الصاوي إلى أن “الدراجات تتسبب في إرباك حركة المركبات، خاصةً عندما تنقل فجأة إلى الحارة اليسرى”.
من جانبه، أوضح مدير المعهد الوطني للسلامة المرورية، علاء الدين صبحي داود، أن السبب الرئيسي لعدم الالتزام يكمن في ضعف التأهيل وغياب المعرفة بقواعد السير لدى العديد من السائقين. وأضاف: “القرار واضح، لكننا مازلنا نرصد بعض السلوكيات غير الملتزمة، وهذا يتطلب تأهيلاً أفضل وتطبيقاً صارماً للقانون”. يؤكد داود على أهمية توعية السائقين بلغاتهم المختلفة، مشيراً إلى أن الكثير منهم لا يتحدثون العربية أو الإنجليزية.
نحو التزام كامل: الحلول والتوصيات
لتحقيق التزام كامل بقرار تنظيم حركة المرور و قيادة الدراجات، هناك حاجة إلى تضافر الجهود بين جميع الأطراف المعنية. يجب التركيز على التأهيل والتدريب الجيدين لسائقي التوصيل، وتزويدهم بالمعرفة اللازمة بقواعد السير والمخاطر المحتملة. بالإضافة إلى ذلك، يجب تفعيل القانون بحزم وفرض الغرامات على المخالفين، لردع السلوكيات الخطرة.
ويمكن أيضاً الاستعانة بكاميرات الرصد المروري الحديثة لزيادة الرقابة على الطرق، إلى جانب الدوريات الميدانية. كما يجب على شركات التوصيل إطلاق حملات توعية داخلية لموظفيها، وربط التزامهم بقواعد السلامة بملفاتهم الوظيفية. وأخيراً، يجب توفير محتوى توعوي بلغات مختلفة، لضمان وصول الرسالة إلى جميع السائقين.
من خلال تبني هذه الإجراءات المتكاملة، يمكن لمدينة دبي أن تعزز السلامة المرورية وتضمن بيئة قيادة آمنة ومريحة لجميع مستخدمي الطريق.


