مركز دبي للتوحد يخطو نحو الريادة بتأهيل الكوادر المتخصصة في التوحد
يشهد مجال التربية الخاصة في دولة الإمارات العربية المتحدة تطوراً ملحوظاً، ويأتي في صدارة هذه الجهود مركز دبي للتوحد، الذي أعلن مؤخراً عن تخريج الدفعة الأولى من برنامجي “مشرف السلوك المعتمد في التوحد” (QASP-S) و”محلل السلوك المؤهل” (QBA). هذه الخطوة النوعية تعكس التزام المركز الراسخ ببناء وتأهيل الكوادر الوطنية المتخصصة في مجال تحليل السلوك التطبيقي، وتلبية الاحتياجات المتزايدة لهذه الفئة من الأفراد. هذا الإنجاز يمثل تتويجاً لعام أكاديمي ناجح (2024-2025) شهد إطلاق 31 دورة تدريبية متخصصة، استفاد منها 263 متدرباً من مختلف الخلفيات المهنية والأكاديمية، بالإضافة إلى أولياء الأمور.
تخريج الدفعة الأولى: نواة لمستقبل واعد
تضمنت الدفعة الأولى من البرامج المعتمدة 32 خريجاً، الذين يمثلون نواة حقيقية لجيل جديد من المتخصصين المؤهلين وفقاً لأعلى المعايير المهنية التي يحددها مجلس اعتماد تحليل السلوك (QABA). يمثل هذا التخرج خطوة مهمة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من الكفاءات المتخصصة في مجال التربية الخاصة، وتقليل الاعتماد على الخبرات الخارجية.
محمد العمادي، مدير عام مركز دبي للتوحد وعضو مجلس إدارته، أكد على أهمية هذه المبادرة في سد النقص الحاد في المتخصصين المؤهلين عالمياً في المنطقة. وشدد على أن المركز يعمل وفق رؤية استراتيجية مستمدة من قيادة الدولة الرشيدة، وتتماشى مع السياسات الوطنية لتمكين أصحاب الهمم.
بناء قاعدة معرفية وطنية مستدامة
“هدفنا يتجاوز مجرد تقديم الخدمات العلاجية، ليشمل بناء قاعدة معرفية وبشرية مستدامة تسد الفجوة الحالية في هذا المجال الحيوي. نسعى لضمان حصول أبنائنا من ذوي التوحد على أفضل رعاية ممكنة، بأيدي خبراء يفهمون هويتهم وثقافتهم ولغتهم، مما يعزز من جودة الخدمات المقدمة ويفتح لهم آفاقاً مستقبلية أفضل في مجتمعنا.” هكذا صرح العمادي، معبراً عن رؤية المركز الطموحة.
أهمية التدريب العملي في برامج التأهيل
من جانبه، أوضح الدكتور نيكولاس أورلاند، المدير التنفيذي للبرامج في المركز والمحلل السلوكي المعتمد (BCBA-D)، أن المركز يولي أهمية قصوى للجانب العملي في برامج التدريب. وأضاف: “نحن نعتمد نموذجاً تكاملياً يجمع بين الأسس النظرية المتينة والتطبيق العملي المباشر في بيئة علاجية حقيقية. هذا يضمن حصول المتدربين على الخبرة المهنية اللازمة، ويعدهم بشكل كامل للقيام بمهامهم المستقبلية بكفاءة واحترافية عالية.”
مبادرة رائدة: “فني تحليل السلوك” لأولياء الأمور باللغة العربية
إدراكاً منها لأهمية دور أولياء الأمور في رحلة علاج أطفالهم من التوحد، أعلن مركز دبي للتوحد عن إطلاق مبادرة جديدة ومبتكرة. سيقوم المركز بتنظيم أول دورة تدريبية متخصصة بعنوان “فني تحليل السلوك التطبيقي (ABAT)”، مصممة خصيصاً لأولياء الأمور، وستقدم الدورة بالكامل باللغة العربية.
أهداف مبادرة “فني تحليل السلوك”
تهدف هذه المبادرة إلى تحقيق عدة أهداف رئيسية، من بينها:
- تمكين أولياء الأمور، وخاصة المواطنين، الذين قد يواجهون صعوبات في فهم الدورات التدريبية التي تقدم باللغات الأجنبية.
- تزويد الأهل بالمهارات والمعرفة العلمية اللازمة لتطبيق الاستراتيجيات السلوكية الفعالة داخل المنزل.
- تعزيز التوافق السلوكي والاجتماعي للأبناء، من خلال توحيد أساليب التعامل والتدريب بين المركز والمنزل.
مسارات تدريبية متدرجة بمعايير عالمية
يقدم مركز دبي للتوحد برامج تدريبية معتمدة دولياً تغطي ثلاثة مستويات رئيسية، تضمن التدرج المهني وتطوير الكفاءات بشكل مستمر:
- فني تحليل السلوك (ABAT): برنامج تأسيسي يتضمن 40 ساعة تدريبية تغطي الجوانب النظرية والميدانية الأساسية.
- مشرف سلوك معتمد (QASP-S): برنامج متقدم يتطلب 180 ساعة تدريبية بالإضافة إلى ساعات الإشراف والاختبار الدولي.
- محلل سلوك مؤهل (QBA): شهادة مهنية متخصصة تتطلب 270 ساعة تدريبية.
مركز دبي للتوحد: ريادة مستمرة في مجال التربية الخاصة
من خلال هذه البرامج التدريبية المتميزة، يواصل مركز دبي للتوحد دوره المحوري في تطوير قطاع التربية الخاصة في دولة الإمارات العربية المتحدة. يهدف المركز إلى إعداد جيل جديد من المتخصصين المؤهلين، القادرين على إحداث فرق حقيقي في حياة الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد، والمساهمة في تعزيز مبادئ التمكين والاندماج المجتمعي.
تأسس مركز دبي للتوحد في عام 2001 كأول مؤسسة إماراتية غير ربحية متخصصة في تقديم خدمات متكاملة في مجال اضطراب طيف التوحد، وذلك بموجب المرسوم رقم (21) لسنة 2001 الصادر عن صاحب السمو حاكم دبي. ووفقاً للمرسوم رقم (26) لسنة 2021، يهدف المركز إلى جعل دبي مركزاً رائداً على مستوى العالم في مجال برامج التربية الخاصة والخدمات العلاجية التأهيلية المعتمدة للأشخاص المصابين بالتوحد.
مع النمو المطرد في معدلات انتشار اضطراب طيف التوحد، حيث تشير التقديرات إلى إصابة طفل واحد من بين 31 طفلاً (وفقًا لتقرير مركز التحكم بالأمراض في الولايات المتحدة الأمريكية)، تزداد أهمية جهود مركز دبي للتوحد في توفير الدعم والتدريب اللازمين للأفراد والأسر المتأثرة بهذا الاضطراب. ويستمر المركز في التوسع وتعزيز برامجه لتلبية الطلب المتزايد على خدماته المتخصصة.


