تجسيد الذاكرة الوطنية: افتتاح ميدان الاستقلال في الشارقة
في احتفالية تعكس عمق التاريخ والوحدة الوطنية، دشن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ميدان الاستقلال، معلماً بارزاً يضاف إلى معالم الإمارة الباسلة. يأتي هذا المشروع بالتزامن مع احتفالات الدولة بالذكرى الـ 54 للاتحاد، ليشكل رمزاً حياً لتاريخ الإمارات ومسيرتها نحو التقدم والازدهار. هذا الحدث ليس مجرد افتتاح لميدان، بل هو استعادة لذاكرة حية، وتأكيد على رؤية الشارقة في تعزيز الهوية الوطنية والحفاظ على التراث الإماراتي.
قصة المكان: من محطة جوية إلى رمز للسيادة
يحمل ميدان الاستقلال في الشارقة قيمة تاريخية عميقة، تتجلى في تفاصيل النصب التذكاري الذي يتوسطه. لم يكن هذا الميدان مجرد مساحة مفتوحة، بل شهد أحداثاً مفصلية في تاريخ الدولة.
محطات تاريخية في قلب الشارقة
ففي الثاني من ديسمبر عام 1971م، شهد هذا المكان بالذات لحظة فارقة: اجتماع حكام الإمارات وتوقيع وثيقة الاتحاد، التي أعلنت عن ميلاد دولة الإمارات العربية المتحدة المستقلة بعد انتهاء فترة الحكم البريطاني الممتدة لـ 151 عاماً، بدأت بتوقيع اتفاقية بريطانية مع حكام الإمارات في 8 يناير 1820م.
قبل ذلك، وفي 22 يوليو 1932م، أقيمت هنا محطة الشارقة الجوية المدنية، التي كانت بمثابة بوابة للإمارة على العالم. لاحقاً، شهد الميدان تحولاً باستيلاء القوات البريطانية على المحطة وتحويلها إلى قاعدة عسكرية، وهو ما يخالف الاتفاقية المبرمة بين الشارقة وبريطانيا. هذه الخلفية التاريخية الغنية تجعل من ميدان الاستقلال موقعاً فريداً يحكي قصة الكفاح من أجل السيادة والوحدة.
تصميم يعكس الهوية والوحدة
يعتبر نصب الاستقلال الذي دشنه سموه تحفة فنية معمارية تعكس روح المكان وأهميته. يرتفع النصب إلى 34 متراً، ويتوج بنجمة سباعية، رمزاً للإمارات السبع وشاهدة على وحدتها وتكاتفها.
تفاصيل النصب وجماليات الميدان
تحمل جوانب النصب الأربعة ألواحاً تذكر بأحداث مهمة في تاريخ تأسيس الدولة، مبتدئة بإعلان الاتحاد و مروراً بالحقبة الاستعمارية. بالإضافة إلى ذلك، حرصت أعمال التطوير على إبراز الجمالية العامة للميدان، من خلال إنشاء نافورتين متجاورتين مع النصب، وتنسيق المسطحات الخضراء، وإنشاء ممرات للمشاة، وتوفير منظومة إضاءة حديثة تزيد من رونق المكان.
تطوير شامل: واجهات المباني واللمسة الجمالية
لم يقتصر تطوير ميدان الاستقلال على النصب والمسطحات الخضراء فحسب، بل امتد ليشمل المباني المحيطة بالميدان. تم تحسين واجهات 24 مبنى بإضافة الزخارف المعمارية التي تعكس الهوية العمرانية للشارقة، واستبدال الأصباغ القديمة بألوان جديدة تتناغم مع التصميم العام.
وبالإضافة إلى ذلك، تم استبدال وتوحيد 95 لوحة إعلانية للمحال التجارية المحيطة بالميدان، مما ساهم في تحقيق مظهر حضري متناسق ومنظم. هذا الاهتمام بالتفاصيل يعكس رؤية صاحب السمو حاكم الشارقة في جعل الشارقة مدينة جميلة ومنظمة، تحتفظ بطابعها التراثي.
بنية تحتية متطورة لخدمة الحركة المرورية
كجزء من التطوير الشامل، تم تنفيذ مشروع متكامل للبنية التحتية يهدف إلى تحسين الانسيابية المرورية ورفع مستوى السلامة. تضمن المشروع تجديد الطرق والأرصفة والمواقف المحيطة بالميدان، بالإضافة إلى استبدال جميع أعمدة الإنارة. هذه التحسينات ستساهم في تسهيل حركة المرور في المنطقة، وتحسين تجربة السكان والزوار.
افتتاح مسجد الإمام النووي: صرح ديني وتراثي
تزامناً مع افتتاح ميدان الاستقلال، افتتح صاحب السمو حاكم الشارقة مسجد الإمام النووي، الذي يعود تاريخ بنائه إلى عام 1995م، وتم ترميمه على الطراز الفاطمي. يعتبر هذا المسجد صرحاً دينياً وتراثياً يضيف إلى جمال المنطقة، ويعكس اهتمام الشارقة بالمساجد ودورها في نشر العلم والثقافة. أكد سموه على أهمية الحفاظ على بيوت الله، والتي تعد رمزاً من رموز الشارقة.
الشارقة.. مدينة تحتفي بتاريخها وتستشرف مستقبلها
إن تطوير ميدان الاستقلال ليس مجرد مشروع عمراني، بل هو تعبير عن رؤية شاملة تهدف إلى تعزيز الهوية الوطنية، وتوفير بيئة حضرية متكاملة، ورفع جودة الحياة في الإمارة. يعكس هذا المشروع حرص صاحب السمو حاكم الشارقة على الارتقاء بالبنية التحتية للمناطق الحيوية، وتوفير مرافق خدمية وثقافية تخدم الأهالي والزوار. ويؤكد على التزام الشارقة بالحفاظ على تراثها العريق، مع السعي نحو تحقيق التنمية المستدامة والازدهار. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر هذا الميدان معلمًا سياحيًا جديدًا يضاف إلى قائمة الأماكن الجذابة في الشارقة، مما يعزز من مكانتها كوجهة ثقافية وسياحية رائدة.
يُعد ميدان الاستقلال بمثابة نقطة التقاء بين الماضي والحاضر، ومصدر إلهام للأجيال القادمة.


